قبل أيام أُعلنت تشكيلة اللجنة العليا لمدينة الزرقاء عاصمة الثقافة لعام 2010، بعد مرور شهر تقريباً من بداية هذه السنة، وهذا يثير كثيراً من الأسئلة وعلامات الاستفهام والتعجب والشك.
يقولون \"اللي بيخاف من الذيب بيطلعله\"، ويبدو هذا القول صحيحاً بامتياز، فقد نشرتُ مقالة بتاريخ 11/9/2009 بعنوان (الزرقاء عروس الثقافة 2010) بعد اختيار الزرقاء بأيام، أكدت فيها على جملة من الملاحظات منها:
\"أن يكون لكل مكونات العمل الثقافي دور بارز في العرس الثقافي مثل الجامعات والمدارس وكليات المجتمع والأندية والمراكز الثقافية والبلديات والنقابات والجمعيات، وأن يبرز التنوع والغنى الثقافي الذي تتمتع به مدينة الزرقاء.
أن تكون الخطط والمشاريع جاهزة ومعلنة قبل بداية السنة، ليصار إلى التنفيذ مع بداية العام دون أي تأخير، فالسنة محدودة ولكنها تكفي لفعل ثقافي يشمل كل مناطق الزرقاء.
أن تسعى اللجنة من اللحظة للكشف عن الموهوبين والمبدعين في كافة المجالات في صفوف طلبة المدارس والجامعات والمعلمين والموظفين لإبراز مواهبهم في عرس الزرقاء الثقافي.
إطلاق موقع إلكتروني خاص بمدينة الزرقاء عاصمة الثقافة 2010، وإصدار نشرة أسبوعية لإبراز الأحداث والفعاليات أولاً بأول، ويا حبذا لو قامت اللجنة المنظمة بحملة توعية لأهالي محافظة الزرقاء بأهمية الحدث وفائدته وآثاره على محافظتهم، ودورهم في إنجاحه.
العمل الجماعي المنظم، وحب الزرقاء وأن يصبح حلمها واقعاً مشرقاً، يجب أن يطغى على شهوة النجاح الشخصي والنرجسية والأنانية والشللية والعصبية، مع ضرورة محاربة كل محبي الشهرة والظهور وقطف الثمار لأغراض ومصالح شخصية أو انتخابية.\"
وفي مقالة أخرى بعنوان (ساخرون في المدينة الضائعة) نشرت بتاريخ 22/10/2009 كتبتُ: \"ونحن على بعد شهرين فقط من بداية السنة الثقافية، لا شي جديد تحت الشمس يشي بأية تحضيرات جادة لهذه المناسبة، وأتخوف أن يخطف متعهدي الحفلات والسماسرة وأصحاب الأجندة هذه المناسبة الثقافية، ولا يبقى لأهل الزرقاء إلا الفتات، ويخرجون من المولد بلا حمص بل بلا عدس أو حتى حبة شعير أو قطمير!!\"
يبدو أنَّ مخاوفنا كانت في محلها، وصدق حدسنا، والملدوغ يبقى خائفاً من كل جحر. ومع الاحترام الكبير لأعضاء اللجنة العليا للزرقاء عاصمة الثقافة الأردنية 2010 وتقديرنا لهم، فإنَّ اللجنة غير مُمثِّلة لجميع مكونات الفعل الثقافي المؤثر في الزرقاء، وغيبت جهات أساسية ومحورية لا يمكن أن تنجح هذه التظاهرة الثقافية بدونها، وعلى رأسها نادي أسرة القلم أقدم مؤسسة ثقافية في الزرقاء وراعية المثقفين والأدباء والمبدعين لأكثر من ثلاثة عقود. وكذلك رابطة الأدباء الأردنيين المكون المهم للثقافة والإبداع في الزرقاء. والأندية الرياضية الثقافية القائمة على عنصر الشباب الفاعل النشط. والجامعات المحلية وكليات المجتمع التي تحتضن بين جنباتها أدباء ومثقفي وقادة المستقبل. ولا أنسى بالطبع الجمعيات والنقابات ومراكز الشباب وغيرها ممن لها علاقة بالشباب والثقافة والفنون.
لا أريد أن أزرع اليأس، أو أعلن ضياع الحلم، ولكن البدايات تشي بالنهايات، فاللجنة العليا لا تمثل الفعاليات الزرقاوية ولا يمكن أن تنجح هذه التظاهرة بهذه التشكيلة المبتسرة على فضل أعضائها وعظيم قدرهم. وأمر آخر لا يقل أهمية فإنَّ تأخر تشكيل اللجنة وإعلانها بعد مرور خمسة أشهر على اختيار الزرقاء عاصمة للثقافة، وبعد مرور شهر تقريباً انقضى من السنة هو إضاعة للوقت وخسارة كبيرة لا تعوض، وخاصة إذا أدركنا أنَّ الخطط لم تعد بعد، والفعاليات لم يتفق عليها، والأمور ما زالت غائمة، وتسربت أنباء أنَّ الميزانية المرصودة محدودة جداً لا يمكن أن تؤدي الغرض أو تحقق الهدف.
رغم أن الأيام تتسرب بسرعة، والوقت يمر على عجل، فإنَّ الأمل أن يتم تدارك تغييب الفعاليات المحورية في المدينة، وأن توكل الأمور إلى أهلها، وأن توضع خطط إجرائية تليق بالزرقاء وأهل الزرقاء، لتكون الزرقاء عاصمة الثقافة فعلاً لا قولاً.
وأخيراً، حتى لا يسيء البعض فهم مقالتي، وأني أسعى إلى مطمع شخصي، فإني أؤكد أني لست عضواً في أي جمعية أو رابطة أو نقابة أو نادٍ أو حزب، غير أني عضو في حزب الأغلبية الصامتة فرع الزرقاء.
mosa2x@yahoo.com