الكلمة ليست أحرفا تلقى على صفحة بيضاء ولكنها معنى وحياة يجب أن توضع في مكانها ووقتها , وكما يجب معرفة الكلمة الخبيثة ومن يروّج لها وجب أيضا معرفة الكلمة الطيبة , فدخول الجنة والسعادة من كلمة ودخول النار والشقاء من كلمة , كم من مقدسات دُنّست بسبب كلمة كاذبة ؟ وكم من أرض اغتصبت وأهين أهلها بسبب كلمة كاذبة؟ وكم أودع في السجون الكثير وامتهنت كرامتهم بسبب كلمة كاذبة؟ وفوق كل هذا كم من فكر طاهر حُرّف بسبب كلمة كاذبة ؟قال تعالى \"ويل لكل أفاك أثيم\".
نظرة من أعلى على خارطة وطننا العربي المسلم أشبه برقعة شطرنج بلونين أبيض وأسود ,تقسيم ظاهره جميل وباطنه مشوّه بأجندات شيطانية- محاولة للعبث بفكر وشخوص عربية لأغراض هدفها استعمار العقل قبل الأرض , تبدأ بتشكيك في المنهج الأصلي ومن ثم الذوبان في الفكر الغازي المشوه ومنها إلى التغريب وضياع الأصول والهزيمة وفوق تلك الرقع الملونة تقبع التماثيل التي تُحَرّك بمخطط قديم حديث, ملوك ووزراء وجنود جميعهم على نفس الرقعة التي تتكرر في كل البقاع تتحرك بحركة لا إرادية محسوبة بخطوات رتيبة مدروسة منوّمة بتوجيهات خاصة واضعة الرأي العام كله تحت جناحها , تلك الحركات المعهودة للعبة الشطرنج فهي لا تتعدى الخطوة أو الاثنتين ,أما من أتحدث عنها فقد جاوزت كل الحدود والأعراف والقوانين لا تخدم سوى من وضعها – لعبة مورست على ارض الواقع قذرة إن كان النصر لنا فيها ظاهرا فهو الهزيمة النكراء بباطنها.
كل يوم تكشف الأحداث لنا ضحالة فكر وانعدام المهارة السياسية عند بعض من يملكون زمام الأمور العرب، وقبول التبعية لقوى خارجية ,ولكننا لا نستطيع توجيه أصابع الاتهام لهم لأننا شركاء بالتهمة والخطيئة , قال الله تعالى\" فاستخف قومه فأطاعوه\" والمعنى أن ما يجري على أراضي العروبة ما هو إلا خضوع القوم ولتسليم والإقرار بجبروت تلك القوى العظمى التي تحركنا كيفما شاءت وعدم التصدي لمن هتك العرض واغتصب الأرض وشاع فيها الفساد فكان هذا هو السبيل لتستمد تلك القوى قوتها ونفوذها بسبب ضعفنا وتقبلنا الخضوع والإذلال والرضا بالمهانة والظلم والاقتناع بأنه لا حيلة لدينا ولا قدرة للتصدي وقول \"كفى\" , فطالما الحال هكذا فهم يهنئون بتلك العقول الجبانة المفرغة من أي كلمة حق الساخطة على واقع من صنع أيديهم حتى يأتي الوقت الذي لا يتبقى لدى الفرد منا أي شيء لتقديمه فقد دفع الغالي والرخيص ولكن تلك الجهات لن تكتفي وستطلب المزيد فسيأتي اليوم الذي تفرغ ارض العروبة والإسلام من ساكنيها إن لم يكن عن طيب خاطر فسوف يُطردون منها والسبب أنهم قبلوا وتنازلوا عن أبسط الحقوق في العيش ليس فقط داخل أوطانهم ولكن داخل مساكنهم التي هي ملك أيمانهم , ومن لا يتوافق معهم بالفكر الغازي المشوه فببساطه الأولى له أن ينتقل إلى الحياة الآخرة وحينها لا نستطيع القول \"أن لكل أجل كتاب\"لأن الموت حق ,ولكنه القتل والاغتصاب والتشريد ,ولا يقولوا قدّر الله وما شاء فعل ولكن يجب أن يقولوا قدّر الله ولكننا لم نفعل ما أمرنا الله أن نفعله.
كثير منا قال الكثير ولم يعد مجرد القول كاف, وحاول الكثير التغيير والإصلاح ولكن هل من نتيجة؟ ألا نتساءل لم لَمْ يحدث التغيير الايجابي الذي ينشده كل عربي مسلم شريف! والجواب ببساطة ضياع القيم والإدراك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم – فما هو الشاغل الذي يشغلنا ؟ هل تساءلنا يوما أننا لا نريد أن تكون الرقعة التي نحيا عليها ملونة بلونين كالشطرنج بل نريدها رقعة واحدة ملونة بلون الشرف ! هل تساءلنا لم لا يمكننا العيش من دون أن تدوسنا أقدام الملوك والوزراء والجنود الذين يتراقصون على رقعة الشطرنج المقسمة بل نسير معهم على درب الحق والواجب في وجه الظلمة الجبابرة ! هل وهل وهل تساؤلات كثيرة ولا أجوبة لها سوى جواب واحد \" لا يَصْلُح لتلك الرقعة العربية المسلمة وتلك الأمة التي أخرجت لتكون خير امة أخرجت للناس بقيادة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) أن تعيش تحت قوانين غربية ضالة ومضلة, فالعودة للمنهج الحق هو الجواب الذي سيُحيل رقعة الشطرنج المقسمة الملونة بألوان تُرضي واضعيها إلى رقعة واحدة تحقق العدل وتنشر الاستقرار والرضا لكل من شهد بالوحدانية لله والحق بالحياة للجميع, وما كلامي إلا من بعد أن نفذ الكلام وامتلأ القلب بالأحزان على أمم سبقت وتلتها أمم نيام\"فذكر إن نفعت الذكرى\" والأمر لله من قبل ومن بعد.
Enass_natour@yahoo.com