تمّر السنين مسرعة وتدور الأحداث معها ويتوارى خلفهما البشر ففي مثل هذا اليوم السابع من شباط من عام 1999 انتهت حياة ملك عظيم على هذه البسيطة الفانية ، وهو جلالة المغفور له الملك حسين بن طلال طيب الله ثراه وقد ولد في عمّان في 14 نوفمبر 1935، وكان الابن البكر للأمير طلال بن عبد الله والأميرة زين الشرف بنت جميل. وقد ولد له أختان هما أسماء التي ماتت صغيرة وبسمة، وإخوين اثنان وهما محمد والحسن، هذ ا فيما يخص عائلته النبيلة الملكية الأصيلة.
اما اذا استذكرنا اعماله وسياساته في خدمة بلده فأن حبر اقلمنا حتما سيجف ولكننا هنا سوف نذكر الأحداث الرئيسية و المفصلية الهامة في تاريخ الاردن الذي سطره جلالته.
في 20 يوليو 1951 ذهب مع جدة الملك عبد الله إلى القدس ليؤديا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، وفي طريقهما إلى المسجد أطلق مصطفى شكري عشي على الملك عبد الله النار فأصابه في مقتل وحُسب شهيدا في الحرم القدسي وبعد ذلك توج الابن الأكبر للملك عبد الله الملك طلال بن عبد الله خلفاً لوالده، ولكنه خلال عام تنحى بسبب مرض ألم به، فأعلن ابنه الأمير حسين ملكاً على الأردن وذلك في 11 أغسطس 1952 وكان عمره آنذاك 17 سنة ولم يكن يبلغ السن القانونية، فشكل مجلس للوصاية على العرش وتم تتويجه ملكاً في 2 مايو عام 1953.
وبعد توليه الحكم بثلاث سنين عرّب قيادة الجيش العربي الأردني عام 1956 والذي كان من ضمنها إعفاء غلوب باشا من مهامه وذلك لتعريب قيادة الجيش، كما أنهى المعاهدة البريطانية ورفض أن تستغل القواعد الإنجليزية في الأردن للاعتداء على جمهورية مصر الشقيقة.
وفي عهده أيضا خاض الجيش الأردني معركة الكرامة مع إسرائيل والتي انتصر فيها الجيش الأردني، وإعتبر ذلك أول هزيمة للجيش الذي لا يقهر وقد قام بقيادة المعركة على أرض الواقع ورفض وقف إطلاق النار حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي.
اقام الاصلاح السياسي والاداري ونقل الدولة من مرحلة العشائرية القبلية الى مرحلة الموسسات ويعتبر بحق الملك الباني، بقي حتى اخر ايامه مهتم بالشأن العربي والفلسطيني خاصا مناصرا للقضية الفلسطينية الى اخر ايامه واعطى الاقليات حق المواطنة الكاملة تحت شعار اردنيون من شتى المنابت والاصول.
وكما لابد من ان تعود كل نفس الى باريها كما يتبخر الماء ويعود الى السماء كانت نهاية رحلة الملك العظيم .
ففي 7شباط 1999 توفي جلالته بعد العناء الطويل مع المرض .
حضر جنازته عدد كبير من قادة الدول العربية والغربية ورؤساء سابقون عديدون، من بينهم رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون ورؤساء الولايات المتحدة السابقون جورج بوش الأب وجيمي كارتر وجيرالد فورد، وعكس حضور الرؤساء الأمريكيين العلاقات المتينة والمتميزة التي ربطته بالولايات المتحدة منذ فترة حكم دوايت أيزنهاور، وكانت النظرة الأخيرة قد ألقيت على الملك في القاعة الملكية للأسرة الحاكمة.
وأرسلت بريطانيا رئيس وزرائها توني بلير وولي العهد الأمير تشارلز، وحضر الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر. وجمعت الجنازة شخصيات متعددة من بينها الرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس اليمني علي عبد الله صالح والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، كما جاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والذي عبر عن الأسى لفقدانه شريك سلام جلس معه على طاولة واحدة منذ أمد قريب. وأضاف قائلا \"لقد مات اليوم الزعيم الوحيد الذي كنت أخشاه في الشرق الأوسط\"
كما أرسل الزعيم الليبي معمر القذافي ابنه الأكبر، وحضر الرئيس التشيكي فاتسلاف هافيل والرئيس الروسي بوريس يلتسن على الرغم من كونهما مريضين، حتى أن الرئيس الروسي بوريس يلتسن قد حضر على الرغم من نصائح الأطباء له بعدم الذهاب حتى إنه عاد إلى روسيا قبل الموعد المقرر لأسباب صحية، لقد كانت بحق جنازة ذلك الملك الانسان اول مكان في العالم يجتمع به كل هذا العدد الهائل من ملوك وزعماء العالم .
وقد عين جلالة المغفور له الملك حسين اثناء مرضه نجله الاكبر الامير عبدالله وليا للعهد وبتالي بعد وفاته اعلن الاميرعبدالله ملك على الاردن مكملا السير على ذات الطريق الامن الذي سلكه اسلافه لرعاية الامه والسهر على خيرهم
رحم الله الحسين وسدد خطى ملكنا عبدالله على طريق الخير امين