يقول العرب (من لا يعرف الصقر يشويه) وأعتقد ان جميعنا يعرف تمام المعرفه المعنى الذي يضرب به وله هذا المثل .. والحديث في السياسه احياناً يكون كمن يدخل الى بحر متلاطم الأمواج لا نعرف متى سيهدأ ومتى ستسير السفينه الى مرساها بكل ثقة وأمان .
قادني لهذه المقدمه البسيطه ما جرى خلال العشرة أيام الاخيره في الاردن من تغيير حكومه وقدوم حكومه اخرى في رغبة من صاحب القرار لتلبية رغبات الشعب الذي وجد في حكومة سمير زيد الرفاعي غير المأسوف عليها سببا ً رئيساَ في الازمه التي عشناها طوال الشهر الماضي وكان لابد من تنفيس هذه الازمة بالتضحية بهذه الحكومه التي وصفت بانها اسوأ حكومه مرت على البلاد.
جمعتني بالجنرال معروف البخيت جلسه مع مجموعه من المسؤولين والوزراء والاعلاميين في بيت احد الاصدقاء قبل شهر تقريباً واستمعنا للرجل عن رؤيته الواضحه في كثير من القضايا الهامه ... ولا اذيع سرا ً اذا ما قلت ان لدى الرئيس الحالي الجنرال معروف البخيت رؤيه اصلاحيه سياسيه واضحة المعالم وذات جدول زمني قد نختلف معه على هذا الجدول الزمني الذي يقول عنه البخيت انه جدول مرسوم لثلاثين عاما ً حتى الوصول الى تداول سلمي للسلطه لأن الامور لا تحتمل كل هذه الفترة ... اقول قد نختلف مع الرئيس في كثير من طروحاته ونتفق اكثر مع طروحات اخرى ولكننا في النهايه نصل الى نقطه التقاء اهم ما فيها ان البخيت مستمع جيد وصاحب قرار ولديه الجرأة في محاسبة نفسه قبل محاسبة الأخرين وقد لا يكون البخيت قد أخذ فرصته كامله في المره الاولى حينما تسلم مفاتيح الدوار الرابع ولكن فرصته الان اصبحت اكبر بأن يضع بصمه له في التاريخ السياسي الاردني بأنه الرجل الذي بدأ مسيره الاصلاح السياسي الحقيقه في البلاد وليست تلك المسيره التي كانت حبراً على ورق وكان الرؤوساء السابقون يلوحون بها كلما شعروا أن الناس بدأت تغض منهم ومن ادائهم .
يوم الاربعاء الماضي خرج البخيت بتشكيلته الحكوميه التي انتظرناها على مدار ايام طويله ونحن نمني النفس بأن تكون هذه الحكومه مختلفه عن سابقاتها وفيها من الوزراء الذين يعرفون تماما ما تحتاجه البلاد والعباد ولا اخفيكم سرا ً انني ما زلت غير قادر على اعطاء انطباع سلبي او ايجابي عن هذه الحكومه التي اتمنى لها من كل قلبي النجاح والاصلاح حتى لا تصل الامور الى الحد الذي لانتمناه جميعا ً حفاظا ً على وطننا الذي نفديه بالارواح والمهج الا انني وحبا ً بمعروف البخيت أود ان اقول ان بعض الملاحظات تشكلت لدي حول الحكومه تاركا الحكم النهائي عليها بعد أن نرى ادائها الحقيقي على أرض الواقع .
مشكلتنا في الاردن كما اعتقد اننا نتعامل عبر أسلوب الفعل ورد الفعل .... فالرئيس السابق سمير زيد الرفاعي عندما شكل حكومته سواءا ً الاولى اوالثانية ركز خلالها على مجموعه من الشباب بعضهم كان مراهقاً سياسياً كما هو حال رئيسه العتيد معتقداً اي الرفاعي انه حينما يأتي بحليقي الروؤس كما يحب الشعب الاردني ان يسمي ( الكباتليون ) بهذا الاسم فأنه يفيد البلد عبر وزراء ( الفيس بوك والتويتر ) ... الرفاعي وزع العطايا والهدايا من حقائب وزاريه على المعارف والأصدقاء حتى (المطعمجي ) اصبح وزيراً لأن الرئيس معجب بأدائه في المطبخ وطبعاً لا اقصد هنا المطبخ السياسي وهذا الأمر قضى على الحكومة وقضى على الرفاعي الذي لم يري البلاد الا عبر الروميرو والدوار الرابع مختصرا ً في فتره حكمه العتيد الارياف والبوادي والمخيمات .
اما معروف البخيت فأنه عاكس توجهات سابقه فأتى بحكومه ايضاً معدل اعمار وزرائها وصل حد الـ 65 عاما ً واتى ايضا ً بوزراء مجربين وكما يبدو فأن الاعتذارات المتكرره من شخصيات رفضت المشاركه بالحكومه وضعت الرئيس في موقف لا يحسد عليه خلال الساعات الأخيره من التشكيل مما دفعه لتعبئة الفراغ بأشخاص اخرين مجربين ولكن ذلك لا يعني ان الحكومه ليس فيها من الشخصيات من لديه القدرات والامكانيات الهائله مثل سعد هايل السرور وسمير الحباشنه وطاهر العدوان وحسين مجلي وياسين الحسبان و وجيه عويس ومازن الساكت وسلوى المصري وهي اسماء مشهود لها بالعمل الوطني الجاد والمثابرلخدمة هذا الوطن والقياده الهاشميه ولكن الرجاء كل الرجاء ان تكون هذه الحكومه بحجم الثقه المرتقبه لها "شعبيا" وليس "نيابيا" وان تبدأ فعليا خطوات باتجاه الاصلاح الحقيقي واود هنا ان اهمس بأذن الرئيس حينما قرأت رده على كتاب التكليف السامي وتحديداً حول قانون الانتخاب بأنني سعدت كثيرا حينما قال أنه سيبدأ حوارا مع مختلف اطياف السياسه الاردنيه من احزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني وشخصيات ومجلس امه حول قانون الانتخابات ولكنني اضع ثلاثه خطوط عريضه تحت الحوار مع مجلس الامه وتحديداَ جناح النواب الذي اشك في ان بعضهم سيحاول جاهدا ً تعطيل الحوار حول قانون الانتخاب لمصالحهم الشخصيه لانهم يعرفون ان قانوناً جديدا ً يعني حل للبرلمان واجراء انتخابات جديده وهذا ما يطالب به الشعب بكافة اطيافه ولذلك فـأن الاسلم حل مجلس النواب والدخول في حوار حول القانون الجديد دون معوقات او مطبات سوف يضعها بعض النواب الذين جاء بهم سمير ليكونوا عينا وعونا له تحت القبه.
وحباً بمعروف البخيت ونكايه بسمير الرفاعي كتبت هذا المقال لأن الفرق شاسع بين الاثنين وكما قال الكاتب الكبير خالد محادين في احد مقالاته يوما ً ما كيف يكون سمير الرفاعي وزيرا ً للدفاع في الاردن وهو لم يحمل مسدسا ً في حياته ( ربما مسدس ماء )ولم يلبس "البوريه " ولم يتدرب في " خو " ولم يذهب الى وظيفه حاملاً السلاح مدافعا ً عن الحدود؟ اما معروف البخيت فتاريخه العسكري و السياسي يشهد له ولست بصدد الحديث هنا عن هذا التاريخ .
(والي ما يعرف الصقر يشويه )
mdairi@cox.net