بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ المهندس ليث الشبيلات المحترم
تحية طيبة وبعد:
بعدما قرأت الرسالة الملحمية المطولة التي سطرتها أيها النائب ليث الشبيلات الى حضرة صاحب الجلالة الملك الهاشمي, وأقول النائب احتراما لما قلته أنت في بداية مدونتك والتي اعتبرت نفسك فيها تحت قسم النيابة الذي أقسمته حين كنت نائبا لأخر مرة, ولقد تمعنت في تلك الرسالة وفي أسسها وأطرها وفي معانيها, وسرت مجتهدا بين السطور التي كتبتها, وبعدما أنهيتها ولقد أنهيتها سريعا, عدت الى كتاباتك وأفكارك ورسائلك السابقة والقديمة منذ تلك الفترة التي كنت فيها نائبا ناشطا والتي أنت من بدا بذكرها, تغيرت بعض العبارات وبعض المسميات ولكن بقي الأسلوب والنهج هو هو لم يتغير, بقيت الوسائل والأفكار في السطور وما بين السطور هي هي, لم يطرأ أي جديد على أسلوبك ووسائلك في تحقيق أهدافك وأحلامك المنشودة والتي قد اتفق معك بها في معظمها واختلف معك فيها ايضا في معظمها, و وجدت الكرار يعود من جديد بنفس الرداء القديم.
سعادة ليث الشبيلات
ان الاختلاف والاتفاق في الآراء والأهداف والوسائل المتبعة لتحقيقها أمرا مهما وحيويا, وهذا ما يحدث معك ايضا في مساعيك السابقة او الأخيرة, ولكن وبنفس الوقت أجدني مللت من نفس الأسلوب الذي لم ينجح يوما في تحقيق أية غاية ولا هدف, ان الطريقة لم تعد تجدي نفعا ولم تحقق شيئا بل في كثير من الأحيان تزيد في الامور تعقيدا, لان كثرة تكرار ذكر المشاكل والعقبات والإعادة و الزيادة دون الإفادة في سرد الحكايات والروايات وبنفس الأسلوب تؤدي الى مزيدا من المشاكل الجديدة ولعلها أدت الى تعصي بعضها لكثرة طرحها دون أية آلية مطبقة وناجحة لحلها, وخصوصا انه يظهر بين الفينة والأخرى من يتبع نهجك في الأسلوب والطرح, ان هذه المدرسة التي قد تكون أنت من أسسها أصلا مدرسة لغة الأنا, ولغة تمجيد الذات بعيدا عن لغة الحلول والإجابات, واراك ومن يتبعك يهمهم بالدرجة الاولى ان يبلغوا العالم كله أنهم هم أول من ابلغوا وأول من حذروا, مدرسة تتبع في حوارها في أي قضية أسلوب: نعم هذه القضية كنت أول من تكلم عنها وكتب وسطر من اجلها رسالة تلو الأخرى, ولكنها أبدا ليس في قاموسها أية مفردة تتحدث بلغة: وصلنا لحل وانتهينا الى اتفاق,,, فلا يكفيني ان أجد مليون مواطن شريف وحر مثلك يذكرني ويبلغني بالصعاب والمشاكل التي أواجهها ان لم أجد شخصا واحدا يعطيني حلا فعالا وناجحا بحكم النتائج, حتى وان كنت تخاطب رأس الدولة جلالة الملك معتقدا ان الحل دائما بيديه, ولكنك تنسى ان الدولة ككل لها أركانها ومؤسساتها والملك هو رأس الدولة ولكنه عمل فريق كامل بالسلطات الأربعة والشعب الذي هو المحور الأساسي, فالملك يرغب ويوجه ويكلف والحكومة تنفذ ومجلس الأمة يشرع ويراقب والقضاء يحكم ويعدل والصحافة تساهم مع الجميع, والشعب هو المقيم المعني, فلا بد ان ينجح الجميع اذا .
سعادة ليث الشبيلات
اعلم انك تعرضت لعديد من الانتقادات وقد تكون وصلت الى حد الإساءات بعدما تم نشر تلك الرسالة الأخيرة, ولست اليوم في رسالتي هذه بمعرض إتباع هؤلاء المنتقدين او الممنهجين للرد عليك وعلى أمثالك, وقد أكون في كثير من الأفكار التي طرحتها انا من أمثالك, ولكنني اليوم في رسالتي هذه إليك أريد ان أناشدك وأستجديك اجتهادا مني في حب وطني وأمتي, علني أصيب منك ما ارجوه وأتمناه, أريد اليوم في هذه الرسالة ان أقول لك شكرا يا ليث الشبيلات, والله يعطيك العافية لقد واكبتنا منذ كنا في مطلع انطلاقنا في سماء الوطن راشدون بالغون, لقد أحببناك حين كان يهم ويلزمنا ان نجد من يتكلم دون خوف ولا وجل, ولقد كنت ملهما لنا حين بدائنا العمل الوطني, ولكن وبعد هذا وكله وفي خضم التطورات التي يعيشها العالم والنقلة النوعية التي واكبناها وكنا من روادها نحن معشر شباب الوطن, نجد ان أسلوبكم ونهجكم لم يعد يعطينا شيئا لا نعرفه, ولم يعد يقدم لنا أية إضافة جديدة لا نمتلكها, بل وعلى العكس من ذلك نجد أننا تقدمنا عليكم بخطوات كثيرة ونسبقكم بمراحل علمية وتكنولوجية وفكرية, لقد اختلفت لغة العمل الوطني بين جيلكم وجيلنا, وما عادت كلماتكم ورسائلكم تصلح الا للذكرى وللتاريخ أنكم يوما مررتم من هنا, لن ننساكم ولن نجعلهم من بعدنا ينسوكم, فلقد قدمتم ولكن لم تعد تنفع أساليبكم نسبيا لهذه المرحلة, ولعل هذا الامر تأكد بعدما أنهيت تلك الرسالة الملحمية التي أرسلتها لصاحب الجلالة انك اصبحت يقينا تدور في الحلقة نفسها.
الأخ ليث الشبيلات
لست جبانا و أقول أنني اتفق معك في كثيرا من أفكارها, ولكنك لم تأتني بجديد ولا حل مفيد, ولن ادعوك سيدي الى تطوير نفسك وتحديث أسلوبك ليتواكب مع العصر الجديد والثورة المعلوماتية الجديدة, لأننا وبكل سهولة لدينا من الشباب ما يكفي لإجراء اللازم, نريدك مصدرا لنا حين نحتاجك ولا نريدك منافسا لنا في العمل الوطني الحديث الجديد, لأننا حين نسعى ونجتهد نجد ان تواجدك على الساحة يشدنا الى الوراء ويعيد خطواتنا الى الخلف, نعم انها الدنيا وأحوال الناس والتغير المنشود السليم الصحي لا يكون بالتغير باتجاه واحد بل في جميع الاتجاهات والدروب, نريد تغيرا سياسيا فكريا ايجابيا من المسئولين الحكوميين ومن رجالات الدولة, وبنفس الوقت نريد تغيرا جذريا مناسبا للعصر والزمان والمكان للمتعاطين والمتعاملين بعملية فرض إجراء هذا التغير من الشعب ومن العاملين في الهم الوطني, اما ان تأخذ زمانك وتسعى الى زماننا بحلتك الجميلة ولكنها القديمة الغير مفيدة, فهذا أمرا ايضا لن نسمح به ولن نقبله, ونتمنى عليك ايضا ان تحترم كمعارض ومواطن ومفكر ما يجري في العالم كما نطالب الساسة والقادة والزعماء قبوله واحترامهم ايضا, لا نريد ان نلفظك او نقصيك او نعزلك قهرا وغصبا ولكننا نتمنى عليك ان تريحنا وان تراقب كيف تكون مسيرتنا وانجازاتنا, وكما أنت نفسك تحتكم للتاريخ حين تراسل او تناشد فاحترم ذات التاريخ واجعله حكما بيننا في قادم الأيام ومشارف المستقبل والذي ان طال او قصر فنتائجه ومخرجاته تحكم بالحقيقة حقا, ان لم ننجز شيئا وبقينا نراوح مكاننا فلم يتغير شيئا من لدنك لأنك أنت ايضا لم تنجز ولم تقدم حلا مفيدا, ولكن يكفينا أننا الان قادرون على التواصل وعلى إيصال أفكارنا بأسرع وقت والى اكبر عدد دون الحاجة الى رسائل اللياذية تعرق من بقرائها وتكرر نفسها في كل مرة دون نتيجة.
الأخ ليث الشبيلات
ان هذه الرسالة ليست محصورة بك أنت وحدك دون غيرك, وإنما هي رسالة وان عنونت باسمك فهي لكل من هم على نهجك او على أي نهج قديم وأسلوب لم يعد صالح للاستهلاك الوطني, لا نريد سلخ تاريخنا ولا نريد ان نكون جيلا ينكر من سبقه, ولكننا نريد المضي والسعي كما سعيتم انتم, حين ثار الشباب في عديد من الدول المجاورة ثاروا لتواصلهم السريع وتقاربهم الكبير, وأصعب ما كان في الموضوع أنهم حين ثاروا على الظلم ثاروا ايضا على الفكر القديم, ثاروا ايضا على من ثاروا قبلهم, خصوصا وأننا نعلم ان من ثاروا قبلهم لم ينجزوا ما يطمح له شباب اليوم والمستقبل, المستقبل يا سيدي العزيز سيكون له ايضا شبابه وسيكون ايضا له أرائه وتطوراته وموقفه منا نحن فرسان هذا الحاضر, ان التغير الان المطلوب هو تغير كلي, تغير جذري, نعم ان حكمتكم وخبراتكم مطلوبة والحاجة لها ضرورية, فاجعلوها متوفرة حين نطلبها وننشدها, ولكن ان تفرضوها علينا وتصرون على إدراجها ضمن أجنداتنا العملية والعلمية فهو أمر ينافي أساس فكركم وثورتكم حين قمتم بها يوما من الأيام, أخذتم فرصتكم فشكرا لكم لن ننساكم, ولكن أعطونا فرصتنا وحقنا المشروع, لا تنكروا علينا قدرتنا ورغبتنا في التغير, انه العالم الحديث الجديد المتطور, ويكفي ان أقول لك ان كتاباتك السابقة في الزمان السابق كانت تطبع على أوراق عديدة توزع بين من يريد قراءتها, و الان فإنها كلها موجودة على قطعة الكترونية بحجم الإصبع الصغير ومعها ما هو أكثر واكبر منها مساحة وتجددا.
الأخ ليث الشبيلات
تقبلوها بصدر رحب, وابقوا في تلك الصورة التي يحملها لكم الكثيرون, لكم مواقفكم التي أيدناكم فيها كثيرا وعارضناكم في غيرها كثيرا ايضا, ولكن لكل طريق بداية ونهاية, وأجمل النهايات يا سيدي العزيز حين تصل الى نهاية الطريق فتجد من يكمل عنك فيه ويستمر مناضلا حرا شريفا, وتأكد أيها الكريم أننا قادرون على التغير وأننا لا تنقصنا الخبرة ايضا, فما حدث في مصر وتونس وفي أي دولة في العالم تأكد انه ايضا كنا على مقربة من اولائك الشباب وكنا عونا لهم وسندا لهم وكنا على اتصال مستمر معم مختلفون او متفقون, نعم لكل مقام مقال, ولكل زمن دولة ورجال, ولكل وضع وظرف خاص أسلوب وطريقة خاصة بالتعامل معها, ونحن واعون مثلك مدركون ما نحن نريده وما نرغب في تحقيقه وبإذن الله قادرون عليه, فأرحنا رجاءا واسترح, لان المسيرة لن تتوقف والسعي سيستمر بتوفيق الله ورعايته.
العزيز الأخ ليث الشبيلات
في نهاية رسالتي هذه اطلب منك ان تعذرني على الإطالة, فلقد تعمدتها احتراما لك ولنهجك, وان كنت قادرا على اختصار الفكرة في فقرتين بمبدأ خير الكلام ما قل ودل, ولكنني تقديرا لك وأيضا لأبلغك أننا نستطيع ان نكتب ونسطر ونرسل أطول مما تكتب وأكثر دون إعادة او ملل, ولكننا نسير وفق آلية وضمن منهاج واحد ان الامور بخواتيمها, والحكم على النتائج بتحققها وليس بالأساليب التي اتبعت لتحقيقها, فتقبلها وابتسم أنك أخيرا حققت انجازا و وصلت الى هدف منشود, وهو نحن شباب الاردن والعروبة, شباب اليوم مستقبل ماضيك, وان كنت قد خاطبت أحيانا بلغة المفرد إياك, او بلغة الجمع إياكم, فلان المخاطَب يكون فردا يمثل مجموعة.
شكرا لكم وبارك الله فيكم ولكن لكل بداية نهاية وألان أقولها لكم بكل محبة يكفيكم, آن الأوان لهذا الفارس ان يترجل,
فالخيل تحتاج الى فرسان جدد.
أخوكم في الله
حازم عواد المجالي