سقط فرعون العصر،هبت الجموع من كل حدب وصوب،ومن كل فج عميق، تطوف شوارع المحروسة – وبلادنا المغلوبة على أمرها - إيذانا بعصر جديد بعد طول قهر وعبودية...سقط الصنم الأكبر وبقيت أصنام صغار هنا وهناك.
لا أنكر،لا اخفي أن في القلب حسرة،في الحلق غصة، وفي البال ألف سؤال وسؤال لا إجابة له وجميعها تتعلق بحالنا في الأردن.
نعم، فرحت لمصر، فرحت لتونس قبل هذا،لكن فرحتي منقوصة ومقصوصة الجناح ومكسورة الظهر، فرحتي بدأت تأخذني إلى أعماق اليأس.
هنا، عندما يعن في البال سؤال،ما الذي يميز مصر وتونس عنا ؟،أهم رجال ونحن نساء- مع احترامي للنساء-،أهم شجعان ونحن جبناء، أهم سادة ونحن عبيد، هم أقوياء ونحن ضعفاء، بماذا امتازوا عنا ليستحقوا حريتهم؟؟
نعم فرحي منقوص ومقصوص الجناح، لذا تتوق روحي وتتمنى أن تنقلب الحال والأحوال، وان تمُدَّ الثورة بساطها إلى حيث وطني، لتحميه من أعداء الداخل قبل الخارج، وتحمي العرش الهاشمي، وتحمي الشعب الذي يطالب منذ دهر بضرورة سماع صوته.
ألسنا أول من طالب بالديمقراطية وإشراك الشعب في صنع القرار؟؟ أم أننا نتقن فن الكلام الأجوف لتعود أصداء الصوت محملةً بالفراغ ؟؟
يا ترى هل تصلنا عجلة الثورة ؟ هل سيحاسب الفاسدون؟ هل ستعود للشعب بسمته المسروقة؟ هل ستعود مؤسساته ووزاراته وأراضيه، هل سوف يعود تاريخه المدفون؟ وهل يخرج لنا الرجال الرجال؟ .
نعم تسمرت أياما معدودات أمام الشاشات الفضائية أتابع، أفكر، أمحص، واحلل، واربط كل شي يحدث في مصر بالأردن،عل وعسى يطولنا من الحب جانب ومن الكرامة والرجولة والشجاعة جانب أخر.
تظاهر الشعب الأردني ، طالب برحيل حكومة سمير الرفاعي غير المأسوف عليها وحل البرلمان وتعديل الدستور والشروع في إقرار دستورية فك الارتباط والمضي قدما في المملكة الدستورية وانتخاب رئيس الوزراء، ومحاربة الفساد واستعادة الدولة لهيبتها من الذين لا يملكون تفويضا دستوريا في القرار والعمل، قوبلت طلبات الشعب بازدراء ، استبدل صنم مكان صنم بقي النهج وبقيت الصورة سوداء تهدد الاستمرار والبقاء.
وهنا نتذكر خطاب الراحل جلالة الملك الحسين في خطابه الأخير، عندما قال ما معناه أن أفكاراً كثيرة تدور في ذهني حول اسلوب الحكم في الأردن، في إشارة إلى الملكية الدستورية.
نعم اشعر بغيرة قاتلة من قادة الثورة المصرية والتونسية، كيف بدأت بانتفاضة على الظلم والاستبداد وكيف انتهت بالحرية.
أغار، لأنه يوجد هناك رجال على قدر كاف من المسؤولية ولا يوجد لدينا مثلهم ، ويوجد شباب كذلك قادة للشارع بفاعلية ونساء
.
يوجد لدى هؤلاء مشروع وطني طالبهم بالثورة لإعادة تصحيح وإعادة البوصلة ودفتها إلى شط الأمان، نفتقدها نحن جراء خوفنا وتمسكنا برغيف الخبز الذي بات أغلى من كرمتنا وحريتنا وإنسانيتنا.
في النهاية يبقى السؤال في البال، فهل نبقى متخاذلين عن نصرة وطننا الأردني، وهل سنتصاغر أمام الفساد وأزلامه، هل يبقى رجالنا يدفنون الرؤوس في الليالي الظلماء، وهل يبقى وطننا مستباح ... هذا ما سوف تجيب عنه الأيام القادمة
...
مبروك لشعبنا العربي المصري رجاله وتحرره من حكم فرعون العصر، الله يرحمنا برحمته... وسلام على أردننا ورحمة من الله وبركة
خالد عياصرة و معتصم القضاة