بقلم الدكتور ثابت المومني
لقد تعاقبت الأجيال جيلا بعد جيل ونحن نرى نفس الأصنام يحكمون ويتحكّمون برقاب الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج ، وعبر هذه العقود يمكن لنا أن نلحظ التشابه بين هذه الأصنام من حيث تعاطيها مع شعوبها والذي تميز بالتسيّد على رقاب الشعوب سلبا ونهبا ظلما وتسلّطا تنكّرت فيه هذه الأصنام لأبسط المبادئ والقيم والأخلاق الإنسانية. //
لقد حكم الفرعون مبارك أكثر من ثلاثين عاما أزهقت خلالها الأرواح وبددت فيها الممتلكات وامتهنت فيها كرامات وحقوق البشر ، ولم يكن نيرون تونس \" بن علي\" بأقل منه اضطهادا لشعبة حتى حرمهم من حقوقهم في عباداتهم وصلواتهم.//
لقد حكم الطغاة في أكثر من بلد عربي عاثوا فيها الفساد ونكّلوا فيها بالعباد وتجمّعت حولهم زبانيات \" العهر والفساد \" من المتغطرسين المتطفلين الذين اثروا على حساب الشعوب حتى فقئت بطونهم القذرة لنشر السم بين البشر ولتفرّخ أجيالا من مللهم حتى دخلت مدرعاتهم وجمالهم وبغالهم!!! تجمعات المنادين بالحق لتتسلط بنادق الغدر على رقابهم لتتضرج شوارع المجد بدماء الثورة العروبية.//
لقد أجتمع حكام العرب في ظلمهم على \" قلب رجل واحد \" ، حكموا فيها الشعوب \"بالحديد والنار\" وتمعّنوا فيها بالظلم والاستئثار بثروات الوطن وزمام السلطة بينما شعوبهم تلهث لقاء رغيف خبز أو شربة ماء. لقد آن الأوان لعزل \"الأصنام من حكامنا\" بثورة سلاحها \" فأس أبي بكر الصديق وسيف خالد بن الوليد \" ومددها الفيسبوك لأجل رسم مستقبل لا ظلم فيه ولا ظلمات تتسيّد فيه الشعوب نفسها برعاية ولي أمر يتقي الله ويعمل على خير الوطن والأوطان.//
لم تكن مصر وتونس بأقل من العديد من جمهوريات الموز العربية ومميلكاتهم ، فقد آن الأوان لتحطيم بقية أصنام الأمة ولو بدماء الأحرار.//
لم ولن أدعي بأننا نريد صفة الكمال لحاكم عادل بقدر ما نريد العدل في حاكم كامل. أن شعوبنا العربية من محيطها إلى خليجها قد ثارت على نفسها قبل أن تثور على حكامها ، نعم لقد ثارت على عقدة الخوف التي تملكتها عبر عقود خلت ليأتي نفر ثائر من شباب تونس الخضراء يطلقون شارة الحرية بتحطيم رأس الدولة ويأبى من بعدهم \"قدعان\" الكنانة إلا بعزل صنمهم الأكبر وها هم قد فعلوا.//
لقد آن الأوان لتحطيم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى لأجل حرية تفضي إلى عدالة لا فساد ولا إفساد فيها ، ومن هنا فاني أعود لوطني الأردن فهل هناك من أصنام وجب تحطيمها؟!!.//
لقد بلغت من العمر أكثر من أربعة عقود عايشت فيها حكم آل هاشم كما عايشه أبي وجدي وسافرت إلى أكثر من قطر وبلد حول العالم ووجدت بان حالنا بأفضل من كل بلاد العرب أوطاني \"\" لولا زمرة الفاسدين المستأثرين بمراكز القيادة والسلطة في حكوماتنا السابقة\"\" والذين نهبوا الدار وخرّبوا الديار ، لقد عايشت حكم الراحل جلالة الملك حسين رحمه الله حيث كان الإنسان مكرما \"\" لولا \"\" أولئك الوصوليون من أصحاب شعارات \"بأمر من فوق \" ومن ثم عايشت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني \"لأجد\" أن زمرة الفساد لا زالت تستأثر بكل شيء وهم يرهبون الشعب \" وهما \" بان ما يحدث كله بأوامر القصر حتى أثلج صدورنا جلالته بعبارته الشهيرة التي نفى فيها ما يدعيه المتطفلين المتسلقين تحت شعارات \"بأمر من فوق\".//
لقد أطلقها جلالته صراحة لينأى القصر بنفسه عن هولاء المجرمين، ومن هنا فإننا نطالب الحكومة الجديدة بالأخذ بروح ومعاني وامتداد كلمات جلالته \"والعمل فورا\" للتغيير بالقصاص من هولاء من خلال تقديم كافة ملفات الفساد المثبتة بالوثائق والأدلة لهيئات مستقلة ليتم محاسبتهم بحزم وعدالة وشفافية بعيدا عن ضغوط هوامير الظلم الظلام.//
لقد تميزت الدولة الأردنية – لا الحكومة - عن غيرها من بلاد العرب بشفافية نسبية مكنتنتا من معرفة مصير كل سجين وموقوف ومحكوم ، لقد كان ولا زال بمقدورنا مسائلة المسئول مهما كان ظالما وفاسدا بعكس الكثير من بلاد العرب التي يدخل فيها السجين بابا ليخرج منها محمولا.//
لن ندعي المثالية في العدالة والشفافية في الأردن ، ولكننا \" قد\" نكون الأفضل في محيط عربي يتسيد الظلم والفساد كافة أركانه ، ورغم كل ذلك فإننا نحتاج إلى إصلاح كبير على مستوى المواطن والمسئول وإنني اعتقد بان هذا التغيير لن يتأتى إذا لم يتم محاربة الفساد والمفسدين.//
إن الأردن بطبيعة شعبة الأبي الكريم ، لا ولن يقبل بأن يعيش المهانة والذل وفقدان الكرامة التى امتهنها ولدنة وصبية الحكم في الدوار الرابع ، لقد عانى الشعب وتحمّل الكثير من فساد المسئول وتجاوزاته وهو يتضرع إلى الله أن يحفظ الأردن ملكا وشعبا وان يهدي حكوماتنا للعمل بما فيه خير البلاد والعباد ، ما كان لهذا الصبر أن يكون لولا حب واحترام وتقدير هذا الشعب لقائده الهاشمي الأمين، ولكن الزمن قد تغير، فبعد ثورتي الياسمين في تونس واللوتس في مصر فان رياح التغيير لا بد آتية ، ومن هنا فان عجلة الإصلاح والتغيير يجب أن تبدأ فورا قبل هبوب رياح خماسين ثورتي الياسمين واللوتس ، وعليه فإنه يتوجب على دولة البخيت إعلانها واضحة لا لبس فيها ولا تأويل - بأن يا شعبنا الأردني العظيم قدّموا وثائقكم وإثباتاتكم بكل فاسد ليتم محاكمته ومحاسبتة ليكون عبرة لكل غدار اليم.//
إننا كشعب وأمة ننتظر إجراءات حكومية مدعمة بأوامر وتوجهات ملكية تقوم على تحطيم أصنام الفساد وهي كثيرة وقد تعددت فنونها، ننتظر شارة البدء فنحن تواقون لتحطيم رؤوس الفساد بفؤوسنا ومعاولنا وهمراتنا \"سلما لا عنفا \" وصولا لمستقبل أفضل فهل آن الأوان لهذه الأصنام أن ترحل مذعورة مدحورة؟!! ومتم..
thabetna2008@yahoo.com