أعتقد جازماً أنّ النصرَ الكامل قادم، والفَرَج قد اقترب إن شاء الله, وأصدِّق من قال: إنما النصرُ صبرُ ساعة, وإنّ العاقبة للشعب, وإنّ العقوبة ستقرع رأس الدكتاتورية الهرمة, ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
بناءً على ما سبق, فإنني لن أغرق بحيثيات الانتصار، ولن أقلق بموعد الافتخار, بل سأتصوّر، وأتخيل، وأسبَح في فضاء المستقبل، وأخوض في اعتبار ما سيكون.
سيكون الخامس والعشرون من يناير عيداً رسمياً ليس فقط في مصر, بل في أرجاء الدول العربية. تتزّين فيه الشوارع، وتُرفَع فيه الرايات، وتُضاء في لياليه الشموع، وستتجمّع الوفود التي تفد إلى مصر لحضور الاحتفال المركزي في ميدان التحرير.
ستتحسن معيشة الشعب المصري, ستذوب الطبقة الذهبية من الأثرياء بحيث تصب مدخراتها التي كانت تجبى لها سنوياً إلى طبقة الفقراء المنهوبين, كل مليونير يختفي سيخفي معه عشرة آلاف فقير مُعدَم, ومن ذلك سيعود أهل مصر إلى الطبقة المتوسطة المطمئنّة.
سيشبع أهل افريقيا من فائض إنتاج مزارع مصر المرتوية من النيل, وستلبس مصر مما تنسج وستسود بما تصنع, وستبدأ الهجرة العكسية من الدول العربية إلى مصر.
ستظهر مدن جديدة على الخارطة المصرية, مدن جميلة على امتداد الطريق الدولي السريع الذي يربط جميع المدن المصرية بغزة وفلسطين؛ مدينة أحمد خاطر (جندي مصري أعدمه النظام البائد لقتله جنود صهاينة إثر معاهدة السلام), مدينة أسطول الحرية (قافلة بحرية كانت متوجِّهة بمساعدات إلى غزة واستهدفها القراصنة), مدينة الكرام, مدينة الشهامة, مدينة الوحدة الوطنية, مدينة بيبرس, مدينة ميدان التحرير...
ستُستبدَل أسماء الشوارع, ستزال الأسماء القديمة التي ترتبط برموز العهد البائد غير العائد, وستتزين بأسماء جديدة لها دلالاتها ورمزيّتها. وسيكون للشعوب العربية التي وقفت مع انتفاضة وثورة مصر المظفرة حصة من أسماء الشوارع, والشعب الأردني على الأخص, شارع سلمان المساعيد, الممرض الذي ذاق الأمرَّين حتى استطاع الدخول إلى غزة بعد أن قضى أيامًا وليالي وهو ينتظر في العريش, اعتقله زبانية النظام المصري مرة, واعتقلته السلطات الأردنية لشتمه رأس النظام المصري مرة!
شارع الشيخ اسماعيل نشوان, الثمانيني الذي أقلق الحكومة المصرية، فمنعته من دخول أراضيها ( ترانزيت ) وحرمته من دخول غزة ضمن قافلة شريان الحياة الخامسة.
شارع جورج جلوي, البريطاني الذي حاول النظام البائد أن يذيقه من كأس البلاهة, فجعله يدور الكرة الأرضية قبل أن يدخل غزة, وأخيراً اعتبرته شخصًا غير مرغوب فيه في مصر الكنانة, بينما اتسعت لأبناء القردة والخنازير من السيّاح والجواسيس.
ستغلق مصر سفارتها في تل أبيب, وتوسِّع قنصلياتها في سوريا, وتحوّل سفارة بني صهيون في القاهرة إلى دورات مياه عامة.
سينتصب العالم على قدميه واقفاً إذا ذُكر الشعب المصريّ وشبابه, وسيعتبر ما قام به مطلع عام 2011م الحدث الأكبر خلال القرنين الماضيين, ويؤكّد أنّه أهمُّ الأحداث، حتى من صعود أمريكا إلى القمر, فهم بصعودهم إلى القمر، لا أرضاً قطعوا ولا ظهراً أبقَوا، ولا أفادوا بشرًا.