.. إن صحت تصريحات وزير الشؤون البلدية المهندس حازم قشوع إن الانتخابات البلديةالقادمة ستجرى طبقاً لقانون البلديات رقم 14 لسنة 2007 ، فان الحكومة قد سارت بنفس المنهج والطريقة التي انتهجها نفس الرئيس الجديد معروف البخيت باعتماده قانون انتخابات متخلف كان مثار جدل ورفض من قبل الأغلبية العظمى من مواطنينا وقواه الحزبية الحية التي ُابعدت عن تلك المجالس قسرا والقائم على اعتماد الصوت الواحد من جهة لتفتيت أصوات المواطنين وضرب قوى التغيير والإصلاح التي ُتبعد قسرا في كل منعطف خطير من حياة بلادنا ، وكذلك في إتاحة المجال مرة أخرى لمن يجيد القراءة والكتابة فقط ( من شبه الأميين ) بخوض تلك الانتخابات حتى في البلديات الكبرى والعاصمة منها تحديدا دون النظر إلى تحصيلهم العلمي وكفاءتهم الفنية المتعلقة بعضوية المجالس البلدية الكبرى ، ويمثل القانون كذلك ضربة موجعة للمسيرة الديمقراطية باعتبار أن البلديات إحدى اكبر مؤسساتنا الوطنية والديمقراطية التي تمثل ركيزة أساسية من ركائز الوطن التي لابد ان تلقى الرعاية والاهتمام والتطوير .
و على عكس ما كان متوقعا بالعمل على إجراء الانتخابات البلدية القادمة وفقا لقانون عصري يلبي التطورات السياسية والديمقراطية في البلاد ويؤسس لمرحلة جديدة في بناء الوطن اعتمادا على مشاركة قوى التغيير والإصلاح الحقيقية ، فأن إصرار الحكومة الحالية على العمل بالقانون السابق بكل ما شاب مواده من ضعف وخلل وتخلف وما تبعته إجراءات الحكومة من تزوير وتلاعب عام 2007 أتاحته بعض نصوص القانون قد أساء لصورة بلادنا ونظامه الديمقراطي ولن يفضي أبدا إلى بناء مؤسسات وطنية وديمقراطية وخاصة إن كنا نتحدث عن تعيين أكثر من نصف الأعضاء في المجالس الكبرى كما الحال في أمانة عمان الكبرى والتي يصل عدد أعضائها إلى أكثر من 65 عضوا !! وهو رقم يمثل ضعفي أعضاء مجلس مدينة كبرى في العالم مثل نيويورك أو بكين ! وكذلك الاستمرار بنهج العمل بقانون الصوت الواحد للفرد الواحد وليس للكتلة الوطنية الواحدة القادرة على التغيير وإصلاح الحال كما كنا نأمل ، فان العمل بالقانون السابق يعيد للأذهان ما كان عليه الحال في تلك البلديات التي اتسعت وفي غالبية بلدياتها رقاع الفساد واستغلال المواقع الخدماتية والكسب غير المشروع للكثير منهم للحد الذي أفلس معظم بلدياتنا وحرمها من مداخيل مالية كبيرة بفعل التسهيلات والإعفاءات الانتقائية والنفقات العشوائية غير المراقبة التي كانت تقدم للبعض مقابل ما يحصل عليه العضو أو غيره من نصيب جعل البعض منهم من أصحاب الملايين .
إن عودة العمل بقانون الانتخاب للمجالس البلدية لعام 2007 لا يشير إلى صدق النية نحو إجراء الإصلاح المنشود ، وان ما روجت له الحكومة وتعهدت به قبل التشكيل بات ذرا للرماد في العيون وإعلان وهمي للإصلاح سرعان ما انكشف زيفه وبطلانه ، و قد ينسحب هو الأخر وفي حال استمرار الحكومة بسياسة إبقاء الوضع على ما كان عليه أن نحظى غدا بقانون انتخاب برلماني اشد تخلفا وأكثر تمزيقا لروابط مجتمعنا .
لا عجب إذا من رفض الناس المبكر لسياسة الحكومة ومطالبتها بالرحيل قبل أسبوع من قدومها ، فالبوادر تقول بعكس ما أعلنته الحكومة والتزمت به ، وإذا ما حصلت على ثقة مجلس النواب وهذا ما سيحصل فأن ذلك لا بد أن يمنحها الفرصة للتراجع عن وعودها بالإصلاح ، فما أشيع عن تهديد الرئيس المكلف بحل المجلس حال حجب الثقة عن حكومته خلال جولات المشاورات لابد أن يمنحها ثقة مرتفعة بلا شك مقابل الإبقاء على المجلس المذكور الذي تنادى الناس ولا زالوا برحيله باعتباره الحاجز الفعلي لمسيرة الإصلاح التي يتحدثوا عنها .
ان العمل بقانون الصوت الواحد وتقسيم البلدية الواحدة إلى عشرات المناطق بهدف تمزيق أصوات الناخبين وضرب قوى التغيير والإصلاح والتمسك بسياسة التعيين الانتقائي و النفعي وعدم حصر العضوية بأصحاب الكفاءة والمؤهل المطلوب لن يمنح تلك البلديات إلا مزيدا من التمزق والضعف والوهن وستكون مرتعا لأصحاب المصالح الشخصية الفردية لينهلوا من خيراتها ومقدراتها ما استطاعوا في ضل فوضى القانون والإجراء وبغياب الرقابة والمحاسبة التي لم تقترب أبدا من حدود تلك البلديات منذ عشرات السنين .