ثورة الجزائر، التي اندلعت في الفاتح من تشرين الثاني ١٩٥٤ بمجاهديها الابطال، ضد الاستعمار الفرنسي، كانت قد حملت في ضميرها يوم ذاك روح الامة العربية، التواقة للتحرر، والاستقلال ،وهي بذلك قد تخطت برمزيتها الاقتحامية،حدود الحضور الوطني الجزائري،فألهبت مشاعر الجماهير العربية،على امتداد ساحة الوطن العربي، حيث كان الوجدان العربي الثائر يوم ذاك،قد جسدها بحسه المتعاطف مع ثورة الجزائر، بشكل حي، باهازيج هادرة، واغاني وطنية، وشعرا غاضبا. وفي هذا السياق يقول الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري :
جزائرُ يا كوكبَ المشرقَيـن دجا الشرقُ من كُربةٍ فاطلُعي
جزائر يا جدثَ الغاصبين بوركت في الموت من مربــــــع
ويا نبعةَ الصُّبُرِ للصامـدين لوَتْها الريـــــاحُ ولم تقطـــعِ
تعاصت فلم تعط من نفسها لنكبة جزعاء من زعــــــزع
مشت لك باريس أم الحقوقِ وحشاً يـدب على أربـــــعِ
تمزق أظفـــاره أمــةً بحــق الحيـاة لهـا تدعــي
فرنسا! وما أقبح المدعى كِذابـاً، وما أخبـث المدعــي
فداء لمقصـــلة الثائرين مجازر للشــيب والرضـــع
لك الويل من رائم أُطعمت دم الراضــعين ولم تشبـــعِ
لك الويل فاجرةً علَّقت صليبَ المسيح على المخـــــدع
تَهدم "بستيل" في موضعٍ وتبني "بساتيلَ" في موضـــــعِ
في حين انشدها الشاعر المبدع أبو يعرب، إبراهيم علي عبدالله الجبوري ، في قصيدته المشهورة ،( تحية إلى ثورة الجزائر) ،التي ألقاها في حشد جماهيري عارم في الموصل يوم ذاك، ونشرت في العديد من الصحف، وتضمنها ديوانه الصادر عن مطبعة الكرم في الموصل، بقوله:
أبت الجزائر ان تنام على الأذى وسيوفها مسلولة لا تغمد
ضحت بمليون لأجل حياتها فغدوا شموعا وهجها يتوقد
وهكذا ستبقى الروح الشعبية العربية، وهي تخوض اليوم معركتها الدائمة ، في عموم الساحة العربية، ضد الفساد،والتخلف، والفقر، والتبعية، تستذكر ثورة الاوراس،التي استقرت في اعماق الوجدان الشعبي العربي، رمزا للاستلهام، في مقاومة المحتل الأجنبي،من أجل الاستقلال الناجز، وعنوانا للتحرير، من كل تلك القيود ،على الدوام .