حين بعثت برسالتي الى ليث شبيلات الأخيرة بعنوان "شكرا لك ولكن يكفيكم", كنت على علم بموضوع المقابلة التي ستجريها معه قناة الجديدة اللبنانية في البرنامج المسمى الفساد, وكنت أتمنى ان تصل الفكرة الى ليث شبيلات ويتمهل ولا يخرج على الهواء في تلك المقابلة, وكنت على يقين مما سيقوله ومما سيعلنه في تلك الحلقة, تمنيت عليه ان يقرأ الرسائل الموجهة إليه ويتمعن بها, ولكن يبدو انه أصيب بفيروس التطنيش واللامبالاة في التعامل مع أي أمر كبير كان او صغير حتى و ان كان الامر هذا من اجل الوطن من اجل الاردن حفظه الله وحماه, كنت اعلم ان ليث سيدخل الى المقابلة لا ليقول حقا وإنما ليدعي انه يقول حقائق, بعضها لا تخفى علينا ولسنا بجاهليها, وبقيتها تبقى كلمات دون أدلة او إثباتات فعلية, كنت اعلم ان ليث سيدخل الى المقابلة بشخصية العظماء والكبار عله لكثرة ما خاطبهم وراسلهم وجالسهم أصبح يفكر مثلهم ويعيش مثلهم, كنت على يقين انه بعد تلك الفترة من السكون في بيته والانقطاع عن ممارسة العمل السياسي الوطني سيعود ليس ليفيد وإنما فقط ليبلغ الجميع انه موجود, ليبلغنا انه المعارض الاول وانه وحده الوحيد الذي لا يخشى الظلام ولا يخاف على نفسه وهو الشجاع المنفرد بها دون غيره, حتى وان حاول إنصاف توجان حديثا او رياض النوايسة قديما فهي مجرد بهارات وضعها على كلامه وحواره حتى لا يحاسب عليها يوما ولكنه نسي انه الاردن, نسي أنه الوطن الذي كان يستمع إليه ويبكي.
لعل الأحداث الأخيرة التي وقعت في تونس ومصر والتي على الطريقة آتية, والله اعلم أين سيضرب إعصار الشباب وقوة الحق في المرة القادمة, أغرته وأثارت في نفسه أمنيات قديمة كان يحلم بها ان تتحقق, وحين شاهد البوادر تظهر و تنجلي لم يقاوم ذلك الثائر الكامن في نفسه وفي كينونة وجدانه فأشهر سيفه وأطلق العنان لجنون النضال لديه, ولأنه ليث الشبيلات لا يقبل ان يبدأ من جديد, ولأنه ليث شبيلات لا يقبل ان يكون كمثل أي شخص آخر, أراد لعودته ان تكون قوية تتناسب مع حجمه الذي يرى نفسه فيه, بدأت عودته في مخاطبة الملك برسالة هدد بنشرها قبل نشرها, وأَتبعها بوصيته التي كتبها ان تم اغتياله, لعله خشي على نفسه ان يحصل له كما حصل لمن قبله من المعارضين السابقين الذي اغتيلوا حين أرادوا يوما الانقلاب على الملك المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال, فلعله مقتنع ان الهاشميين يتبعون هذه السياسة في التصفية الجسدية, بدا ليث عودته مهاجما ليس الملك وعائلته وحده, بل مهاجما القيادات الوطنية الشعبية المعارضة في المملكة الهاشمية, ناعتا إياهم بالجبن والتخاذل والخوف, متهما إياهم أنهم معارضون مناسبات ومعارضون حسب الحاجة او كما قال هو: كالخادمة في المنزل بعدما يأخذ منها صاحبها غرضه يعيدها الى المطبخ حيث وضعها الطبيعي, عاد ليث مكشرا عن أنيابه فارداً عضلاته, ولكنه عاد ليكون علينا وليس معنا, أنيابه غرسها فينا قبل ان يغرسها في الملك او حاشية الملك, هدم ما بناه غيره من فكر وسياسة و وعي, اخترق الصفوف من الأمام الى الخلف فشتتنا وأضاع من بين أيدينا السلاح الذي كنا نتوعد به ونتمنى ان يكون هو ما سيساعدنا على تحقيق أهدافنا.
كم تألمت وأنا اسمع ليث يقول في المقابلة مقاربا بالوصف بين الاردن وبين كولومبيا ومزارع أمراء المخدرات فيها, كم تألمت وأنا اسمع المذيعة وهي تقول له ان الوضع في الاردن لا يختلف عن الوضع في لبنان أبدا, كم تألمت وأنا أقرأ بعض التعليقات والرسائل التي تقول: أهكذا الاردن على حقيقته؟ أحزنتنا يا ليث حين جعلت من نفسك اكبر من الاردن, أحزنتنا يا ليث حين سمحت لهم بالنيل من الاردن معتقدا انك حرا جريئا لا تخاف الملك ولا حاشية الملك, ونسيت ان الملك هو جزء من الاردن وليس الاردن كله, نسيت ان الملك والشعب والحكومة وتراب وماء وهواء الوطن هو الذي يشكل الاردن العظيم, تكلمت عن الستينات والخمسينات على انها الفترة المثالية للاردن, وأين أنت من العالم الجديد وما يحصل فيه الان وما يتطور فيه كل دقيقة وكل ثانية, أطلقت النار في كل الاتجاهات ولم تنتبه انك تطلق النار علينا وعلى الاردن قبل ان تطلق النار على الملك او حاشيته كما تقول, حتى وان أعلنت انك تحبه وانك تتمنى له الخير وانك ناصحه, فمبهرجات الكلمات والعبارات الإعلامية لم تعد تمر علينا لا من حكومة ولا من المعارض الاول كما أسميت نفسك, المعارض الاول يا ليث؟؟؟ هل كنت أنت من حث رئيس الحكومة توفيق ابوالهدى على رفض تقديم الاستقالة حين طلبها منه الراحل الكبير الحسين بن طلال, هل كنت سليمان النابلسي في أل 1956 حين شكل الحكومة النيابية الحزبية الاولى والوحيدة؟ هل كنت هزاع المجالي حين رفض الانصياع لتوجيهات الراحل الكبير بخصوص قضية فلسطين, هل نسيت وصفي التل يا ليث انك لم تذكره, هل مرورك على ذكر رياض النوايسة مرور الكرام ينسيك انك أنت من كنت معه وليس العكس, نعم كنت وما زلت المعارض الأكثر تميزا في زمن ايضا لم تكن الساحة خالية ولكل منهم أسلوبه ولكل شيخ طريقته, فإن كانت الشجاعة مفتاحها معك وحدك فلما بخلت علينا بها طوال عشرة أعوام كما بخل الشيعة بمهديهم علينا حين أخفوه.
"وضرب لنا مثلا ونسي خلقه"
أعجبني المثل الذي ذكره ليث في المقابلة عن المعارضة الاردنية حين استهزأ في وصفها بالطبيب الذي يعطي المريض مضادا حيويا ولكنه بدلا من ان يعطيه واحد ملغم يعطيه النصف وبالتالي هو يقوي الفيروس ولا يقضي عليه, الم تفعل أنت هذا يا ليث في هذه المقابلة الغريبة, ماذا كنت تتوقع بعد المقابلة؟؟؟ ان يخرج الشعب الاردني ويصرخ: الشعب يريد إسقاط النظام, ويذهبون الى ميدان التحرير حتى يرحل النظام كله, نعم قلت حقا وأردت به باطلا حين قلت ان الملكية في الاردن كنظام لا بديل عنها ولا تراجع عنها, ولكنك كمن أسقيت السقيم السم بزجاجة مكتوب عليها اشرب ولن تشعر بشيء بعدها, كنا نراهن على ان ما نعرفه ويعرفه النظام هو ما سيساندنا على التغير وتصويب الأوضاع والإصلاح, وألان يعلمون أننا لسنا مستعدين لتلك المواجهة التي كنا نتوعدهم بها, كشفت عنا ورقة التوت سامحك الله ان لم تكن تقصد ذلك عمدا, تمنينا لو انك قمت بجولات شعبية, بداية عبر الفيس بوك مثلا وسمعت الآراء وتلمست العمل الجاد الذي يقوم به شباب الاردن, وحين أقول شباب الاردن لا اقصد الفئة العمرية فقط وإنما اقصد المستوى العقلي والفكري ومواكبة التطورات والقدرة على التعامل معها, ولكنك لأنك ليث شبيلات الكبير خرجت من الفانوس ماردا وضرب إعصارك في رسالتك الذاتية وأرعدت غيومك في لبنان مع احترامي الشديد للشعب اللبناني واحترامي الشديد ايضا للهجتك اللبنانية الواضحة في تلك المقابلة يا ابن فرحان الشبيلات رحمه الله يا ابن الطفيلة الشماء.
حين وجهت لك الرسالة قبل تلك المقابلة المشئومة التي تعنون تحت عنوان الشووSHOW , كنت أخشى منك علينا وليس على نفسك, أحب الاردن حد الإفراط الا ان كنت تعتقد ان حبنا للاردن ليس كحبك أنت له, هاتفني الكثيرون وراسلوني مؤيدون او معارضون وكثيرا منهم قال لي لا تنكش عش الدبابير على راسك في مهاجمة ليث الشبيلات فله مريدوه كثر, بل و بعضهم هددني أنهم سيسحبون دعمهم ووقوفهم جنبي في القضايا المرفوعة علي في المحاكم الاردنية, وكأنهم يريدونها حرية بالرأي ولكن فقط باتجاه واحد, ولكنني بعد لقائك سمعتك فيه تقول أيها الشباب: ارموا ليث ورائكم ولا تهتموا له, الزمن زمانكم, اتخذوا موقفكم وخلوا ليث يروح في مية داهية, هذه كلمات ليث بالمناسبة وان نسيت منها شيئا او زدت فالمعنى هو الأهم, قررت ان اخذ بهذه النصيحة واعمل بها وأقول لك حسبك يا رجل, حسبك ما عادت أدواتك تُصلح لنا شيئا, غير من نفسك وتطور, وان كنت ترى نفسك شجاعا قويا جريئا, فلعلك تعلم ان الشجاعة ليست حكرا فيك ولا أُقفل بابها بعدما نهلت منها, ادعوك لتصفح الفيس بوك مرة اخرى وانظر تلك المجموعات الرائعة التي تعمل من اجل الاردن وستجد انها تقول أكثر مما تقوله أنت وأقوى وأجرأ, ولكنهم يعملون معا فريقا واحدا وينتصحون من بعضهم, ويسمعون لبعضهم ويتعلمون من بعضهم كبارا وصغارا, نختلف ونتعارض ولكننا في النهاية متفقون على ان الاردن كله يستحق الأفضل دائما وانه اكبر منا جميعا, سأتراجع عن نقطة واحدة في رسالتي السابقة إليك حين قلت لك ان تعتزل وتترك الساحة لنا, الان أقول لك تعال معنا ولكن فردا منا ولنا, المكان يتسع لكل الاردنيون الأحرار, والأردن لا يلفظ أبنائه أبدا, عد دون غرور عد دون ماردك اللبناني, عد ابن فرحان أبو فرحان الاردني, ولا تخشى على حياتك من بني هاشم فليست هذه من شيمهم و وجودك اليوم هو اكبر دليل على ذلك, وانتظم ضمن الفريق الواحد وسأرفعك حينها فوق أكتافي بكل فخر وعزة, ولكن لا تتعملق وحدك, لأنك حين تصبح عملاقا دون شعبك كله تبقى قزما, والشجاع لا يرافقه الا الشجعان مثله فالسيد لا يسود على عبيد, مهما أوهمتك عظمة نفسك انك تصل لحدود السماء, فالوهم يبقى وهما والحقيقة هي التي تنفع الناس ان كان المراد من ورائها حقا لا باطلا.
لتنطلق الدبابير الان فلن اكتب وصيتي, لأني في حب الاردن كله لا أخشى بعد الله أحدا.
حازم عواد المجالي