زاد الاردن الاخباري -
اللقاء مع الدكتور عضو المجلس الوطني الاستشاري ، نقيب الأطباء الأسبق ، النائب والوزير الأسبق ، وأمين العاصمة الأسبق بطل العبور بالأنفاق ، لقاء مع شخص متعدد الأغراض والمواهب وعابر للمناصب ، وهو في ذات الوقت انسان شعبي ، نقل شعبيته الى المناصب التي تبوأها ولم ينقل صلف المناصب الى نفسه قط.
كان اللقاء في عيادته على الدوار الأول بعد ان مررنا بطاقم من المراجعين ، تبين لنا فيما بعد انهم يراجعونه لصفته النيابية وليس الطبية.
قبل ان نشرع في الحوار سألناه - بصفته خريج تركيا - عن رأية في الموقف المشرف للحكومة التركية في قضية اجبار اسرائيل على الاعتذار لاهانتها السفير التركي ، على خلفية مسلسل وادي الذئاب ، الذي اعتبره الصهاينة يسيء الى اليهود.. قال العبادي:
الأتراك.. أكثر واحد بعرفهم بعمان أنا - أخوك - ، طبعا انا درست الطب بتركيا ، وكان عندي نشاطات سياسية هناك ، الأتراك قبل المد الإسلامي اللي جرى بعد ثورة الخميني ، كان الجو العلماني هو المسيطر على الحياة المدنية - بالإضافة للعسكر طبعا - وهؤلاء يحملون نظرة استعلائية للعرب ، طبعا اليهود بحبوا هاي النغمة ، وبصبوا الزيت عالنار على عادتهم.
لكن بعد سيطرة الأحزاب الإسلامية على الشارع وعلى صناديق الانتخابات تغير الوضع.. طبعا اسلامهم مش زي اسلام همام سعيد ، لكنه اسلام متحضر يتمنى الانتماء لأوروبا ، وهو لا يعادينا نحن العرب.
اذكر مرة دخلت في حوار كنت اتهجم فيه على رئيس كلية الطب التركي لأنهم يحتلون لواء الإسكندرون السوري ، فقال لي الرجل:
- يا خوي يا ممدوح ليش نتزاعل؟؟؟ انتو حرروا فلسطين.. واحنا بنعطيكوا الاسكندرون.. نقوط،،.
- هل اصبت بصدمة حضارية حينما انتقلت من حي فقير في عمان الى عاصمة مثل اسطنبول؟
- فعلا ، اصبت بصدمة حضارية هناك ، فللمرة الأولى استخدم الشوكة في الأكل - مثلا - ، فلم اكن اعرف غير (الخاشوقة) هنا. لكنها صدمة مؤقته اذ ان العمل السياسي واللقاء مع الكثير من الطلبة الاردنيين الذي سبقوني هناك جعلني اندمج بسرعة في الجو.
- استلمت مناصب عدة من نقيب اطباء الى عضو في المجلس الاستشاري الى وزير الى أمين عاصمة الى نائب.. اي المناصب احب اليك؟.
- نقيب اطباء اهم منصب وأحب منصب بالنسبة لي ، لأنه جاء بالانتخاب وبنزاهة تامة ، ويأتي في المرتبة الثانية النائب ، لكن السمعة السيئة لبعض النواب القت بظلالها على الموقع. قال لي صديقي سالم النحاس ذات يوم ، ان أفضل منصب هو نقيب الأطباء ، اما باقي المناصب والمواقع ، فهي حسنات.
- على ذكر الحسنات لاحظنا انه الناس انبسطوا على حل مجلس النواب.. فكرك ليش؟؟
- الناس مبسوطين لأن اداءه كان سيئا ، ولأنه كثير من النواب نجحوا بطريقة غير نظيفة. والحكومة ساعدت على كشف المجلس امام وسائل الإعلام ، وتركته بلا والي.. مثل اللي بصنع تمثال من التمر وبعبده ، ولما ايجوع بوكله.
- لو خيروك بين منصب نائب او وزير.. ماذا تختار؟.
- منذ ان كنت في نقابة الأطباء كانوا يقولون لي اني مستوزر ، وكنت اقول لهم: - نعم أنا مستوزر. انا اعتقد ان دور السياسي المعارض او الذي عنده رؤية ان يصل الى موقع الحكم ، فكيف انتقد وزير الصحة ، دون ان اسعى لأكون وزير صحة - مثلا - حتى اقوم بتنفيذ تطلعاتي؟؟. انا لا أومن بفصل الوزارة عن النيابة ، ففي معظم ديمقراطيات العالم ، الذي يمثلك في البرلمان هو الذي يشكل الحكومة.
- ما هو اهم مبدأ تتبناه في العمل العام؟.
- اعتقد ان المشاركة في اتخاذ القرار هو سر النجاح في اي عمل ، عندما كنت امينا للعاصمة ، كان احيانا يوقفني شوفير تاكسي او مواطن عادي ويقترح علي ان اعمل كذا وكذا ، وكنت انقل هذه الفكرة للمهندسين ونقوم بتنفيذها اذا كانت صالحة ، وحينما كان يمتدحني المهندسون ، كنت اقول لهم: - بلا برادة.. هاي الفكرة من شوفير تكسي مش مني.
- اذا عدنا للأمانة.. يقولون انك بطل العبور الأنفاق.. ما سر عشقك لإنشائها؟.
- لا سر ولا شي ، في كل دول العالم يعتمدون الأنفاق لحل ازمة السير ومواجهة تزايد عدد السكان وتقريب المسافات. كان اول نفق عملته نفق الجامعة الاردنية بعد وفاة طالبتين دهستا خلال قطع الشارع امام الباب الرئيسي للجامعة ، ثم توالت الأنفاق وتطورت ، حتى بنينا نفق وادي الحدادة الذي قرب المسافات بين شرق عمان ووسطها ، ولو بقيت امينا للعاصمة لوصلت مناطق عمان ببعضها عن طريق الأنفاق.
- يقولون انك بنيت الأمانة في المهاجرين لأنك ابن تلك المنطقة وولدت فيها.. فهل (غاوزت) مع تلك المنطقة؟.
- طبعا.. وأفتخر بذلك ، ولو اني ولدت في المحطة - مثلا - ربما لعملتها في المحطة. لقد احييت المنطقة وحولت الموقع من بؤرة قاذورات الى ما تراه اليوم من مراكز ثقافية ومتاحف وغيرها ، وهذا انجاز وليس مجرد مغاوزة.
- هل سرقتك المواقع التي عملت فيها من مهنتك كطبيب؟.
- بصراحة ، حاولت ان اوفق بينهما ولم انجح كثيرا ، عندما كنت امينا للعاصمة حددت يوم الخميس من كل اسبوع للدوام في عيادتي بالزرقاء. كان يدخل عندي المواطن بعد ان يدفع الكشفية للسكرتيرة ، وعندما احاول فحص عينيه ، كان يقول لي انه جاء لمقابلتي كأمين للعاصمة لأنه يريد طرح حاجته او مشكلته ، وعندما يخرج كنت اطلب من السكرتيرة اعادة الكشفية له ، وقد تكررت هذه الحالات كثيرا ، فاضطررت الى التوقف عن الدوام في العيادة. في المجمل المنصب العام يسرق العمل الخاص ، وهذا طبيعي.
- لو عاد بك الزمن الان ، ماذا تختار للدراسة؟.
- اختار الحقوق ، لأن العمل العام يحتاج الى معرفة ممنهجة بالأنظمة والقوانين. كنت سأدرس في دولة عربية مثل مصر او سوريا فإن خريجيها من المميزين في مجال الحقوق. وقد وصلت لهذه القناعة عندما كنت عضوا في المجلس الوطني الاستشاري ، حيث شعرت بالجاجة الى معرفة آليات اقرار القوانين.
الدستور