معتصم مفلح القضاة
"يا بني اركب معنا" عبارة نبوية وردت في القرآن الكريم على لسان سيدنا نوح عليه السلام، عندما خاطب ابنه في أحلك الأوقات، يدعوه فيها إلى النجاة من أعظم طوفان مرَّ على هذه البسيطة، والعبارة مع قلة مفرداتها إلا أنها تحمل عمقاً ودلالة عظيمة، تكشف عن عمق الحب الأبوي من هذا النبي المجاهد الصابر تجاه ولده وما قد يلحق به.
"يا بني اركب معنا" تصلح أن تكون لنا شعاراً في هذه الأيام للوقوف ضد الطوفان الذي يعصف حولنا، فتنور تونس قد فاض وأنهار مصر قد تفجرت بمائها، وبدأ الطوفان الثوري يعم الأرجاء.
"يا بني اركب معنا" وحارب المفسدين قبل أن يغرقوك بماء مكرهم وسفه طيشهم.
"يا بني اركب معنا" واجعل من الإصلاح منهجاً تلقى به الله تعالى قبل أن تفضي إلى ما قدمت فلا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
"يا بني اركب معنا" وارسم طريق المستقبل بما يمليه عليك الضمير، وتمليه عليك مصالح العباد.
"يا بني اركب معنا" واقطع الطريق على الوصوليين والانتهازيين فإن نظرتهم إليك اليوم وحبهم لك لن يكون سنداً لك في الليالي الحالكة، فهم أولى بأنفسهم وأحرص ما يكونوا على مصالحهم وإن كان ثمنها أنت ومن معك.
"يا بني اركب معنا" واحفظ ما استرعاك الله به من أموال الناس وحقوقهم، فهي دَين في عنقك إلى يوم الدين.
"يا بني اركب معنا" وافتح بابك للضعيف والمستضعف وانظر في مظلمته اليوم قبل أن ينظر إليك بنظرة لا تقوى عليها، يوم لا ترد المظالم ولا تؤخَّر.
"يا بني اركب معنا" ودعك من مهاترات الإعلام، وجنون العظمة الذي أغرقك سنوات طوال وقدم ما لديك من نصح بأدب النصح الذي تعودناه في ديننا ومنهجنا.
"يا بني اركب معنا" واعلم أن الله قد شرع باب التوبة لتجب ما قبلها، فاحفظ نفسك وانجُ بأهلك يفتح الله عليك من فضلة وكرمه.
يا بني ويا أبتِ ويا أخي ويا صديقي، كونوا جميعاً يداً واحدة واقطعوا الطريق على كل مغرض وأناني ووصولي، قبل أن نفتقد صحبتكم ورفقتم في مستقبل أيامنا.