لم يتطرق الدستور الأردني 1952 صراحة الى حق أنشاء النقابات المهنية فالمادة 16 من الدستور تحدثت عن حق الاجتماع وتأليف الجمعيات والأحزاب السياسية كما ان المادة 23 من الدستور في الفقرة "2/و" تحدثت عن ان الدولة تحمي العمل وفقاً لتشريع يقوم على مبدأ تنظيم نقابي حر ضمن حدود القانون وهذه أشارة ربما تكون واضحة من المشرع بأن المقصود بالتنظيم النقابي هو الانتساب الى النقابات العمالية وليس المهنية لذلك اصدر المجلس العالي لتفسير القانون قراراً بتاريخ 4/6/1994 "مؤداه ليس فقط عدم دستورية أنشاء نقابة للمعلمين وإنما عدم دستورية ثلاثة عشر نقابة مهنية موجودة ايضاً تم تشكيلها سنداً لأحكام المادة 16/1 من الدستور" وحتى ألان ظل قرار المجلس العالي قائماً والنقابات التي شملها القرار قائمة ربما يندرج ذلك في سياق (المصلحة السياسية) ، لذا نحن الآن أمام معضلة قانونية متمثله في أيهما واجب التطبيق النص الدستوري او قرار المجلس العالي لكن حل ذلك يقع ضمن خيارين وهما اما الاعتراف بنص المادة 16/1من الدستور كسند قانوني دستوري لتشكيل النقابات المهنية ذلك لان النص ذاته ورد في دساتر النظام البرلماني وحيث ان الدستور الأردني يندرج ضمن الإطار (البرلماني ) فلا يعتبر بذلك مخالفاً للدستور اما الخيار الثاني هو الاعتراف بشرعية قرار المجلس العالي في حل كافة النقابات المهنية العاملة بالاردن الى حين ان يتم تعديل حكم النص الدستوري تحت ستار تفسيره هذا وان ترجيح العمل بالخيار الثاني ربما يرتب أثار سلبية في المجتمع الأردني اقلها اختلال في المراكز القانونية لان اكثر من 41 سنه مضى على تشكيل اربعة عشر نقابة مهنية وعلى جميع الأحوال لا يجوز بقاء الخيارين قائم فيجب إسقاط احدهما لصالح الأخر حتى يستقيم الأمر التشريعي في هذا المجال .
وعليه فعندما تتحدث الحكومة الحالية بأنها مع دعم تشكيل نقابة للمعلمين بعد أن قالت حكومة "سمير الرفاعي" السابقة بأن تشكيل نقابة المعلمين هو أمر مخالف للدستور اي أن حكومة "الرفاعي" استندت إلى قرار المجلس العالي القاضي بعدم دستوريه نقابة المعلمين في حين اذا كانت حكومة "البخيت" جادة في توجهاتها بتشكيل نقابة للمعلمين فهذا الأمر يتطلب إلغاء قرار المجلس العالي بتاريخ 4/6/1994
وبالتالي اعتماد نص المادة 16/1 من الدستور والذي أنشئت النقابات المهنية الأخرى بموجبه وهنا وفي ظل الاجتهاد او التنازع في القانون الخيار الأمثل سيكون الدعوة إلى تشكيل محكمة دستورية عليا لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية . بقلم الدكتور المحامي امجد شموط