يبدو ان بعض الاطراف التي لا يروق لها ما أعلنته الحكومة من جدية في موضوع الإصلاح السياسي، قد وجدت أن أفضل طريقة لوضع العصي في دواليب تحركات الحكومة نحو الإصلاح السياسي الحقيقي إنما يبدأ من اتباع مبدأ الإستعانة \" بالبلطجية \" في وجه المنادين بالإصلاح السياسي الحقيقي الذي بدات الحكومة تبشر به ابتداءً من الرد على كتاب التكليف السامي ومروراً بالتصريحات الصحفية لبعض الوزراء التي تقترب من نبض الشارع وتطلعاته.
الرئيس معروف البخيت مطالب بأن يوضح للرأي العام الأردني موقفه من \" البلطجة \" التي حدثت بعد صلاة الجمعة في وسط البلد في المسيرة السلمية التي دعت لها فعاليات سياسية وشبابية للمطالبة بالإصلاح السياسي الحقيقي، وعليه أن لا يكتفي بتوضيح موقفه وموقف حكومته من الإعتداء الذي حصل على المشاركين ومنهم بعض الصحفيين الاجانب كما اوردت وكالات الأنباء على مسمع ومرأى من الأجهزة الامنية التي كانت متواجدة والتي لم يقنعنا تبرير وتفسير الناطق الإعلامي في تصريحاته الصحفية لما حدث اليوم، بل عليه أن يقوم بمحاسبة كل من كان له دور في هذا الإعتداء الآثم على مواطنين مارسوا حقهم الدستوري في المطالبة بحقوقهم وحرياتهم.
ما حدث اليوم بعد صلاة الجمعة بحق الذين ساروا في المسيرة السلمية من \" بلطجة \" منظمة ومقصودة ، إنما ينسف كل التحركات والتصريحات الحكومية التي صدرت عن مسؤولين حكوميين بجدية النوايا نحو تحقيق الإصلاح السياسي المنشود، كما انه يبدو نوعاً من الرد من هؤلاء \" البلطجية \" على تصريحات الوزراء مجلي والعدوان الذين يدعمون وبوضوح شديد التوجهات الإصلاحية للحكومة التي يشاركون بها لأول مرة.
إذا كان البعض يعتقد أنه بما اتبعه من اسلوب \" البلطجة \" الذي يُعيد إلى الأذهان موقعة الجمال والحمير والبغال التي حدثت في ميدان التحرير في مصر ضد المنتفضين على النظام المصري البائد وفساد رموزه، لإن نقل هذا الإسلوب هو مرفوض من الشعب الأردني والقوى الحزبية والنقابية والشبابية الذين عبّروا بصورة حضارية وسلمية عن مطالبه بالإصلاح السياسي منذ المسيرات والتحركات الجماهيرية التي كانت من نتائجها إقالة الحكومة السابقة وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس البخيت وبما حوته من بعض الوزراء القريبين من نبض الشارع الأردني وتطلعاته نحو إصلاح حقيقي وملموس على أرض الواقع.
لا شك أن هناك بعض الجهات ممن لا يروق لها أن يكون هناك إصلاح سياسي حقيقي يوقف عجلة الفساد والمفسدين ويعطي المواطن ما يستحقه من حريات وكرامة ، وهنا يأتي الدور على دولة الرئيس ووزراء حكومته ان يوضحوا موقفهم من مثل هذه التصرفات التي لا تليق بأي حكومة أن تثتهم بانها تلجأ إلى مجموعة من \" البلطجية \" للتنكيل بمواطنين في مسيرة سلمية يسعون نحو إصلاح سياسي حقيقي، لنُجنب بلادنا أية تداعيات سلبية تؤثر على تماسك شعبنا ووحدته ومطالبه التي تتركز نحو مطلب واحد وهو إيقاف الفساد وتعزيز الحريات العامة والعيش بكرامة في وطننا الأغر.
دولة الرئيس، العاقل من اتعظ بغيره، فهل لك أن تُلجم من يضعون العصي في دواليب حكومتكم المتجهة نحو الإصلاح والحريات العامة.