حسان الرواد
رأينا فيكم يا معالي الوزير السيادة الأردنية المفقودة, رأينا فيكم يا معالي الوزير النخوة الأردنية العربية الأصيلة, رأينا فيكم وسمعنا منكم ما كنا نسمعه قبل وادي عربة وافتقدناه كثيرا, هي كلمات وموقف واحد أحيت فينا روح الوطنية, وعودة الروح الأبية فأكسبتك حب الشعب الأردني العطش لتصريحات تُلجم العدو الذي أغرقنا ويغرقنا كل يوم بتصريحاته وانتهاكاته الصارخة غير الآبه بنا؛ تصريحاتهم الصادرة من حكوميين ومسؤولين وأحزاب ومؤتمرات وكنيست وإقرار قوانين كلها تهدد الأردن بنظامه وأمنه وأرضه ووحدة شعبه ومكتسباته, ولم نسمع من حكوماتنا إلا بعض التصريحات الخجولة محمرة الوجه وعلى استحياء خوفا على مشاعرهم الحاقدة علينا والطامعة فينا, وهم الذين لم نرَ منهم سوى أنياب حادة وزمجرة مدوّية ولعاب لا يتوقف سيلانا علينا طمعا بأخلاقنا السخية, وقد أغرته نعومة مسؤولينا الذين هيّجوا العدو علينا من شدة...أخلاقنا السمحة وعبقرية دبلوماسينا..؟!
تصريحات معالي وزير العدل الأردني لم تعبّر عن رأي الحكومة الأردنية.. وإنما تعبر عن موقفه الشخصي ..؟ صدقتم فمنذ متى كانت الحكومات تعبّر عن نبض الشارع الأردني, الذي رفع رأسه عاليا بالدقامسة عندما انتصر لكرامة وطنه ودينه, ويرفعه اليوم بوزير هو وحده حكومة وطنية عندما عبّر اليوم ولأول مرة ومنذ زمن بعيد كمسؤول أردني عن الوطن كل الوطن... يدرك هذا الوزير وهو المحامي والنقابي والسياسي المخضرم معنى الدبلوماسية..بالتأكيد هو ليس طارئا عليها ليُقال عهده جديد في المسؤولية أو أنها زلة لسان, فهو يدرك أن العدو يكرّم مجرميه, ويقلدهم الأوسمة فلا تهمه مشاعر ملايين المسلمين والشرفاء في العالم الذين يرون جرائمه ضد البشرية في بث مباشر, يرون القرصنة والقتل الجماعي وتدمير المدن وتجويع البشر وسلب الحقوق والكثير من الممارسات الحاقدة والمذلة لشعوبنا عامة وللشعب الفلسطيني خاصة... رأينا الاعتداء على موظفي سفارتنا عندهم, قرأنا الكتابات التي تطالب بضرب سفيرنا لديهم بالأحذية..؟ فلم يعتذروا ولن يعتذروا لأنهم لا ينظرون إلينا بتلك النظرة التي تنظرها حكوماتنا إليهم..أما تصريحاتك يا معالي الوزير فهي تعبّر عن نبض كل الأردنيين الذين استقبلوا وما تعودا منذ زمن بعيد على سماع ما يعبّر عن شهامتهم ورجولتهم وشجاعتهم وكرامتهم..وبعد ذلك فلتذهب السياسة والقيافة إلى الجحيم التي ألقتها (إسرائيل ) منذ أن اغتصبت أول شبر من فلسطين, وتركتها لنا ننعم بها لكي يرضى العالم الغربي عنا وما رضي ولن يرضى حتى نتبع ملتهم ونرضى بالعبودية المطلقة لهم.
لا نقول لكم أن تشنوا حروبا, ولا نطالبكم اليوم بما يفوق الواقع وقدراتكم, بل ما نريده منكم أن تردوا تصريحا بتصريح مؤتمر بمؤتمر, أن تحركوا أنتم الفعاليات الشعبية والنقابية غير الرسمية للتظاهر ضد الكيان الصهيوني ومخططاته ومؤتمراته ومؤامراته التي لا تنتهي, ليدرك العدو البغيض أن روح الشعب ما زالت في العلياء, ولتستخدمونا نحن ورقة ضاغطة كما يفعلون هم ويحرصون على مراعاة ألوان الطيف في المجتمع الإسرائيلي من متطرفين ومتطرفين جدا ومغالين بالتطرف, فلا يأبهون بكم وبالعالم أجمع عندما يتعلق الأمر بالرأي العام الداخلي الذي يؤخذ في حساباتهم فقط وليشرب بعد ذلك العالم كله من بحوره المالحة ما دام الرضا الداخلي موجود, هكذا هي حال الحكومات الوطنية التي تدوس إن لزم الأمر على الدبلوماسية عندما يتجرأ الآخرون على سيادتها ورموزها وأمنها..معالي الوزير حفظك الله...لقد أثلجت صدورنا ورفعت رؤوسنا وأنعشت فينا روح الوطنية التي غابت عنا فاستبدلناها بفضل حكوماتنا إلى عصبيات ضيقة تنخرنا, وإلى إقليمية عفنة سوداء تمزقنا, أبعدتنا عن طريق واحد يجمعنا ويوحدنا...أتصور أن علاج العنف المجتمعي, والعصبية النتنة التي باتت ميزة للمجتمع الأردني..أتصور أن علاجها فقط يكمن في وجود حكومة وطنية فيها أمثال مجلي والعدوان..ستعيدنا حتما إلى المسار الطبيعي فَتُحي فينا المشاعر الوطنية والعربية الإسلامية, وتذكرنا بالعدو الأزلي الحقيقي المتربص بنا..عندها فقط سنتجاوز كل الأمراض التي باتت تتأصل يوما بعد يوم فينا, فتعود لُحمتنا الوطنية, فتصفى القلوب, عندما تتوجه العيون هناك غربي النهر إلى السرطان الذي يُغذي كل أمراضنا من فساد, وعصبية عشائرية, وعنصرية باتت تهدد شئنا ذلك أم أبينا كل مجتمعنا.. وأختم هنا بقول زهير بن أبي سُلمى:
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
rawwad2010@yahoo.com