د.بلال السكارنه العبادي
عادت ابنتي شهد والتي في الصف السابع من المدرسة فرحه تخبرني بانه ستجري انتخابات لما يسمى بالبرلمان المدرسي وانها عازمة على خوض هذه الانتخابات وترشيح نفسها هي وعدد من زميلاتها ، وانهمكت بحماس شديد بكتابة الشعارات على كرتون ملون وبخط براق لامع لتقديم نفسها من خلال تلك الشعارات لزميلاتها مثل ( عمل صندوق لملاحظات وشكاوي الطلبة ، المطالبة بتحديث مختبرات العلوم والحاسوب في المدرسة ، حل مشكلة وزن الحقيبة المدرسية ، الاهتمام بحصة التربية الرياضية ) وغيرها من الشعارات التي تنسجم مع هموم ومشاكل الطلبة في المدارس .
وما زادني فرحاً وانا اراها تدون اسماء زميلاتها وتحصر من منهن سوف تصوت لها والنتيجة المتوقعة لذلك ومدى عمق الصداقة مع كل زميلة في الفصل، وفي اليوم التالي جاء يوم الحسم حيث الاجراءات المنظمة من قبل وزارة التربية والتعليم في الاشراف على هذه الانتخابات وتوزيع اوراق رسمية في داخل القاعات الصفية ، علما بان الشعارات تم وضعها داخل هذه القاعات وتعليقها على الجدران ، ويوم الاقتراع طلب من كل طالب ان يقوم بتقديم بيانه الانتخابي امام زملائه الطلبة وبعدها جرت الانتخابات النزيهه على مستوى عالي من الشفافية ودون ادنى تزوير مادي او معنوي ليختار الطلبة من يمثلهم في هذا البرلمان المدرسي .
وكم كانت فرحتي بان شهد قد حققت انتصاراً باهراً وحازت على المرتبة الاولى في هذه الانتخابات وكنت على اعصابي بانتظار نتيجة التصويت ، الا ان سعادتي كانت اكبر بأن بلدي تتجه نحو تنمية الوعي السياسي والديمقراطي لابنائنا وبما ينسجم مع اعمارهم ليكون لمثل هذه النشاطات دور ايجابي في بناء المهارات القيادية وخلق جيل واعي قادر على التعاطي مع وسائل الديمقراطية بصورة شفافة وصحيحة وتعميق مفهوم الديمو قراطية في نفوس الطلاب بالاضافة الى اعداد جيل قيادي قادر على تحمل المسؤولية ويمتلك القدرة على الاتصال الفعال والتخطيط وادارة المواقف المختلفة وتعزيز روح الانتماء للوطن وتنمية الممارسات الديمقراطية وروح الحوار البناء وقيم التسامح والتعايش ..
ولذلك فان هذه الخطوة الايجابية تسجل لوزارة التربية والتعليم في بناء جيل واعي قادر على ترسيخ وتنمية الوعي بالمشاركة مستقبلاً بالعملية السياسية بشكل متجذر يساعد على تحقيق النماء الفكري السليم للمكتسبات الوطنية وتدريب الطلاب على التعبير عن آرائهم بصور منظمة وتبصيرهم بقضايا المجتمع والتحديات التى تواجههم ، وتفعيل دورها في الحياة السياسية المستقبلية للاردن والمساهمة في ايجاد جيل متفهم قادر على تحقيق امنياته الشخصية والوطنية بالاستعانة والاستفادة من الحياة الديمقراطية المنفتحة في وطننا الغالي.
ولذا فانني اتمنى على وزارة التربية والتعليم ان تقدم حافز معنوي لكل طالب فاز بهذه الانتخابات (مثل منحه شهادة موقعه ومختومة بختم التربية والتعليم) وتشجيعهم وعقد الدورات التدريبية وورش العمل والمحاضرات التوعوية لهم وتوضيح ماذا يعني فوزه والمسؤوليات التي انيطت به ليقوم بممارسة دوره النيابي على اكمل وجه ، وكأنه مجلس برلماني مدرسي حقيقي وليس لطلبة صغار.
bsakarneh@yahoo.com