معالجة الفساد
من وجهة نظر علم الاجتماع يعتبر الفساد مشكلة اجتماعية،
أو لا بد من وضعها ضمن هذا الإطار، لأننا بذلك نعطي المشكلة حقّها
ونستطيع، وبشكل موضوعي، ودراستها وتحليل أسبابها والبحث عن حلول لها،
والفساد كما هو معلوم بالغ الأثر على الفرد والمجتمع وعلى القيم والقواعد
الأخلاقية عموما،
وهي ليست مشكلة اقتصادية فحسب، بل هي وفي المقام الأول مشكلة اجتماعية،
ولو كانت اقتصادية فقط لسهل الحل بالمراسيم والقوانين الزاجرة والضابطة.
إذ لا بد من عمل جماعي مناسب لحل هذه المشكلة والقضاء عليها
الفساد إذن مشكلة اجتماعية وهي بكل تأكيد متشعبة الضرر والتأثير في الجوانب الاقتصادية والقيمية والعائلية على حد سواء.
يتكون الفساد من الفوضى والسلوك المنحرف، فانهيار النظام الاجتماعي عامل
رئيسي في ظهور المشكلة كما أن السلوك المنحرف الذي لا يتفق مع الأديان
اوالعرف الاجتماعي هو أيضا سبب للفساد، والفساد أيضا سبب للسلوك المنحرف
وهذا السلوك قد يكون سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا وحتى فكريا
فالرشوة بأشكالها المحسنة سلوك منحرف غريب عن العرف السائد ، له تأثير
مباشر وغير مباشر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بينما التملق
السياسي يعتبر سلوكا منحرفا من الناحية السياسية وقد يسبب في إحداث فوضى
وهذه الفوضى تكون سياسية أو اجتماعية أو جميعها مجتمعة.
وهنا نقول أن الفساد مشكلة اجتماعية وهي نتيجة وسبب للفوضى في النظام
الاجتماعي، وهي سلوك منحرف مثلها مثل الإهمال الوظيفي والتهرب الضريبي
والمال السياسي.
فلا بد لدراسة أية مشكلة اجتماعية أن تكون الدراسة علمية ولا بد حين
دراستها أن يشترك علماء ومختصين ومن بينهم علماء الاجتماع لقياس وتحديد
درجة حدوثها وكيفية توزعها وطبيعة تأثيرها على الناس، وبعد ذلك البحث في
منشأ المشكلة أي فيما إذا كانت قد نشأت من الأنظمة والقوانين السائدة أو
أن تكون من صنع الإنسان أم هي من صنع الطبيعة وكوارثها والسؤال ماذا ينجم
عن الحلول المقترحةأومضاعفاتها.
نلاحظ أن المجتمعات الأقل ديمقراطية كانت تتقبل الشدائد والمحن دون أي
اعتراض وذلك لأنها تؤمن بالقدر وتضع أملها بالتصحيح وكشف الضر في العناية
الإلهية، كما أن التعاسة والشقاء والمعاناة البشرية وعدم المساواة تعتبر
جزءا من النظام الطبيعي على هذه الأرض. فالديمقراطية أدركت أن العمل
الجماعي (منظمات مجتمع مدني، منظمات حقوق الإنسان، هيئات الرقابة
والتفتيش) لحل مشكلة اجتماعية هو بحد ذاته قيمة اجتماعية راقية.
ماهي طرق حل مشكلة كالفساد؟
البعض يطالب بالحل الجذري وآخرون يطالبون بالحل على دفعات حيث أن الثمن
اللازم للإصلاح الشامل والكامل من أي نوع هو ثمن باهظ كما أن اللجوء إلى
المعالجة السطحية سيكون باهظ الثمن على المدى البعيد من جهة التبديد وسوء
استخدام الموارد البشرية مما يؤدي بالتالي إلى الفوضى وفقدان الثقة.
إن حل مشكلة كالفساد يتضمن إصدار قوانين قابلة للتطبيق والعمل على تطبيقها
والأمر الثاني هو تعليم الناس وتثقيفهم على ضرورة احترام القوانين وأنها
لمصلحتهم أولا وأن تكون فعلا كذلك في التطبيق ودرجة الشفافية أمام الجميع
مع التحذير من عواقبها على الشخص والمجتمع. مع التركيز على المنظومة
الدينية والأخلاقية والوجدانية الرافضة لكل أشكال الفساد ولتعزيز مفاهيم
الولاء الوطني والانتماء للقيادة الهاشمية والنظام الذي يومن بالعدل
والمساواة بين أبناء الوطن .
Aliyos6@yahoo.com