زاد الاردن الاخباري -
لا يختلف اثنان على أنّ الضرة هي بمثابة المصيبة التي تصيب الزوجة. فمَن هي ضرّتك أيتها المرأة؟ وكيف تتعاملين معها؟ وهل تعي أيها الرجل مَن هي الضرة التي تفرضها على زوجتك؟
كيف لإمرأة أن تحتمل وجود ضرة لها؟ تعيش وتتنفّس في البيت نفسه؟ سؤال يتكرر على ألسنة الكثيرين، إلا أنّ الضرّة التي نتكلم عنها هذه المرّة، هي ضرة من نوع آخر. هي ليست إمرأة أخرى تحتل قلب الزوج، ولا عشيقة تحتكر عواطفه. إنما أمرٌ مختلف تماماً، يمكن إختصاره في شيء ما، قد يتعلق به الزوج، فيتحكم في قلبه وشغفه، إلى درجة تُزعج الزوجة وتدفعها إلى الصراخ: هذه هي ضرتي، ليصدق المثل القائل حينها: "الضرة مُرّة ولو كانت جَرَّة". والواقع أنّه في الحياة الواقعية، تُوجَد ضرة لكل إمرأة، تُشاطرها زوجها، قد تتجلّى تلك الضرة أحياناً في عمله، وكذلك في صديقه المقرَّب، وهوايته المحبَّبة، وبرنامجه التلفزيوني وكمبيوتره، وما إلى هنالك. فَمَن هي ضرتك أنت؟ وما الأسباب التي تدفعك إلى أن تُصنّفيها كضرة؟ وكيف تتعايشين معها؟ وهل تعترف أيها الرجل بأنك تجمع بين زوجتك وضرتها؟ الضرة، مشكلة الزوجات والأزواج، هي ما نُسلِّط عليه الضوء في التحقيق التالي.
- خيبة:
"قلبي من الحامض لاوي"، بهذا القول الشعبي، تبدأ مروى أحمد (مُدرِّسة، متزوجة، لديها ابنتان) حديثها ساخرة. تقول "ضرة. وأيُّ ضرة؟ نعم أنا أعاني ضرة تشاركني في زوجي". ترتبك مروى وهي تتحدث، تحاول أن تخفي إرتباكها. تتساءل: "ماذا أقول؟ هل أفشي أسرار بيتي وأخبر أنّ زوجي يُلازم صديقه الحميم، ويُفضِّل الخروج بصحبته على البقاء معنا نحن أهل بيته؟". تُعيد مروى وتكرر في ذهنها ما قالته من دون إنتباه، تبدو كأنها تريد أن تحكي عن أمور أخرى، ثمّ تعود لتكمل كلامها: "القصة هي أنّ عالم زوجي يتمحور حول صديقه هذا، على الرغم من أنّ الأخير متزوج ولديه عائلة هو الآخر". تضيف: "في الواقع، يبدو أن زوجي مستعد لأن يتركنا، ومهما تكن الظروف، ليذهب إلى صديقه بمجرّد أن يطلب منه ذلك. الغداء معه، العشاء معه، الخروج للتسلية معه، رحلات الترفيه معه. في المقابل، هو قليلاً يأخذنا معه في هذه المشروعات، وإذا فعل، فصديقه يرافقنا متأبِّطاً ذراعه". الشعور بخيبة الأمل، هو ما تحس به مروى، التي تعتريها قُشعريرة من شدّة المرارة، وتعترف بأنّ "تلك المرارة باتت تلازمني في الآونة الأخيرة". تتابع: "لست مُستاءَة، ولم أعد أغضب وأبكي وأنهار مثل ما كان يحدث، فقد استسلمت لسلوك زوجي، وصرت أتجاهل تصرفاته، وإرتباطه بصديقه الذي أحسبه عدوي اللدود". تستطرد: "بعد مرور كل هذه السنوات على الزواج، اغتالت مشاعري خيبة الأمل، وأصابني البرود في كل شيء، لأني تعبت من إلتقاط الهواء في يدي".
- هجران:
لم يُدرك سيف بدران (إداري، متزوج، لديه ولدان) أنّ المحطة الإقتصادية التي يُتابع برامجها صباحاً ومساءً، ستخلق مشكلة مع زوجته، وتدفعها إلى توضيب أغراضها في حقيبة، إستعداداً لمغادرة المنزل. إذ يصف سيف حقيقة ما جرى. يقول: "كَمَن صُفع على خده، استفقت فجأة، لم أستوعب للحظة ما يجري من حولي، لكني فهمت كل شيء حين نطقت زوجتي قائلة: "سأترك لك البيت لتعيش مع حبيبتك.. لم يكن ينقصني إلاّ ضرة من هذا النوع". يُقسم سيف بأنّه لم يلحَظ يوماً إمتعاض زوجته من جلوسه أمام التلفزيون. يسرد شارداً ويقول: "صحيح أنني أقضي معظم وقتي في البيت، أتابع تقلّبات البورصة على المحطات الإقتصادية، لكني غفلت عن أنّ هذا التصرُّف سيُزعج زوجتي، أو سيضايها إلى تلك الدرجة، وكيف لي أن أتوقع مثل ردّ الفعل ذلك، وهي لم تشكُ يوماً منِّي، ولم تصرِّح بأنها متضايقة من تصرفاتي؟". يُبدي سيف أسفه على ما سبّبه لزوجته، إلا أنّه يعترف: "يُعذّبني الأمر كثيراً، لم أشأ يوماً أن تتألم بسببي، ولم أفكر يوماً في أنها ستحمل حقيبتها لتهجرني". "ما كانت لتفعل ذلك لو أني لم أصل بها إلى حدِّ الجنون". يُعلِّق معاتباً نفسه، ويُهاجر: "الآن وقد انتبهت إلى أنانيتي، قمت بضبط المحطة الإقتصادية على جهاز الكمبيوتر الخاص بي، لأتابعها أثناء العمل فقط. أما إهتمامي في البيت فبات محصوراً فيها وفي ولدينا".
- سعادة:
من جهتها، تتململ وفاء رشاد (كيميائية، متزوجة، لديها ولدان) تحاول التملُّص من الإجابة، إلا أنها تعزف عن محاولتها وتعود لتُصرِّح قائلة: "لم تكن لي ضرة في السنوات الخمس عشرة الأولى من زواجي، ولكن بعد هذه الفترة، بدأ زوجي يهتم بالتصوير، وتطوّر إهتمامه إلى درجة الإنصراف عني وعن أسرته بشكل كلِّي، من أجل خاطر التأسيس لمعارض دولية". تستعيد وفاء ذكرياتها، ترددها بصوت مسموع متحسِّرة: "في بادئ الأمر، كنت أتضايق وأحزن وأتأسف على إهماله لي ولعائلته، لكني عدت وتقبّلت الفكرة، حيت رأيت مدى سعادته بتحقيق حلمه بالتصوير على الصعيد العالمي". لا تنكر وفاء أن طموح زوجها في فن التصوير، "وقف حائلاً" بينها وبينه، إلا أنها استطاعت بحكمتها أن تتصرف بعقلانية. وتقول: "قررت بيني وبين نفسي أن أتأقلم مع ضرتي الجديدة، من أجلي ومن أجل ابني وابنتي، ونجحت". تضيف: "نعم، لقد نجحت في إكتشاف إهتمامات خاصة بي، فبعد أن أحسست بأنّ معارض الصُّور هي ضرتي بالفعل، ولمست اتِّساع الفجوة بيني وبين زوجي، كان عليَّ أن أتماسك قدر الإمكان، وأن أجتهد في إبعاد هذه الأفكار عني، لكي لا ترتد على ولديّ".
- كراهية:
تتنهَّد أميرة فتحي (ربَّة منزل، متزوجة، لديها ولدان) وهي تُطلِق العنان لكلماتها. تقول: "رياضة الـ(سكواش)، هي ضرتي الوحيدة، لكثرة ما يحبها زوجي ويُدمنها، لقد بت أكرهها". لا تتردد أميرة وهي تعترف: "في الحقيقة، نعم أنا متضايقة جدّاً من ممارسة زوجي هذه الرياضة ستة أيام في الأسبوع، لفترة ساعتين كاملتين يومياً". تضيف: "أنا لا أريده أن يتوقف عن الرياضة كلّياً، لكني كنت أفضِّل لو أنّه يمارسها مرّتين أو ثلاث مرّات على الأكثر". تقول أميرة إنها ناقشت هذه المسألة مع زوجها، "لكن من دون جدوى، ولو أنّه بات في نهاية الأسبوع، يخرج باكراً جدّاً ليمارس رياضته ويعود قبل أن أستيقظ". من جهة ثانية، ونظراً إلى كون أميرة تعرف جيِّداً مدى تعلّق زوجها بهذه الرياضة، تعترف بأنها فكرت في أن تشاركه هذه الرياضة، وبالفعل مارستها مدة أسبوع كامل، "لكني لم أحبها" تلك كانت المحصّلة. إلا أنّ امتعاض أميرة من الموضوع برمَّته، لا يستفزها بشكل عشوائي كما تشير موضحة: "لو تركت الأمر يستفزني لتصرّفت بشكل خاطئ، وهو أمر لا أريده أن يحدُث مع زوجي، لأني أعرف أنّه عنيد، وإذا عاندته فسأزيد المشكلة سوءاً. في كل الأحوال هو يعرف أني أتضايق من رياضته، وأحياناً يتفهَّم إنزعاجي منها، ويُسايرني في البقاء في البيت".
- تعايُش:
يبتسم عماد عوني (مهندس معماري، متزوج، لديه بنت) وهو يُجيب عن السؤال بحماسة. يقول: "أنا مُدمن مشاهدة مباريات كرة القدم في التلفزيون، كما أني أمضي أكثر من ساعتين يومياً أتصفَّح "الإنترنيت" على جهاز الكمبيوتر". ينظر عماد إلى زوجته الواقفة إلى جانبه، ويُعلِّق ممازحاً: "بالتأكيد في البدء، اعتبَرت حبيبتي أن رياضة كرة القدم و"الإنترنيت" هما عدوّاها اللدودان، لكني عرفت كيف أجهّزها نفسياً للتعايش مع ضرة من هذا النوع". يُمعن عماد النظر في زوجته، متحسباً لأي ردّ فعل قد يصدُر عنها. حين يراها غير مبالية يتابع قائلاً: "رأيت أن أشركها في الأمور التي أحبها، فصرت أبثُّ روح الحماسة فيها تجاه الرياضة، لتشعر بمثل إحساسي حين نشاهد أيّة مباراة معاً، كما صرت ألفت إنتباهها إلى موضوعات تُثير إهتمامها لتتابعها معي على "الإنترنيت"، حتى لا تشعر بأني أنصرف عنها أو أهملها". بهذا الأسلوب، حقَّق عماد، في رأيه: "نوعاً من التوازن، ونجحت في تجربة الشراكة مع زوجتي في الإهتمامات والميول، علماً بأنها وابنتي الأهم إلى قلبي". تردُّ رشا إبراهيم (زوجته) على إبتسامة عماد، بإبتسامة أجمل وهي تقاطعه: "كلامك صحيح، ولكن عليك أن تعترف بأني زوجة متفهِّمة، ولديَّ الإستعداد لمشاركتك هواياتك، وتقبُّل إهتماماتك والإستماع معك بكل الأمور التي تحبّها". تتبادل رشا نظرات مُحيِّرة مع زوجها، ثمّ تُعقِّب: "أنا اليوم أحب مباريات كرة القدم، ويُسعدني أن أشاهدها مع زوجي، ولو كنت لا أطيقها وأعتبرها ضرتي، فما كنت لأفتعل مشكلة ما لهذا السبب، بل كنت سأبحث عن إهتمام آخر يُسلِّيني". إلا أنّ ذلك لا يعني في منطق رشا: "أن ينصرف الزوج عن زوجته كلياً بسبب هواياته أو إهتماماته، وينسى أنّ لها الحق في الإهتمام أوّلاً وأخيراً بها، وأنّ حقها هذا يعلو أيِّ حق آخر". تعود رشا بنظراتها إلى زوجها، تخاطبه: "الحمد لله يا حبيبي أنك لست أنانياً، كما أني لست أنانية، وهذا ما يجعلنا نلتقي عند وسط الأمور، بالتفاهم والحُب والإحترام".
- اتزان:
في السياق نفسه، تقول مي الراجحي (مُصمِّمة ملابس، متزوجة، لديها ثلاثة أولاد): "صحيح أنّ زوجي يحب الكمبيوتر كثيراً، لكن الأمر ليس بمثابة ضرة بالنسبة إليَّ". هذا الموضوع، بحسب مفهوم مي: "مُرتبط بإهتمامات زوجي الثقافية، فنظراً إلى كونه طبيب عيون، يتحتَّم عليه أن يُواظب على تثقيف نفسه في هذا المجال. لذلك تراه يُمضي وقتاً طويلاً في إجراء البحوث عن آخر الدراسات الخاصة بالعيون وبالموضوعات الطبية". من ناحية ثانية، تعترف مي: "زوجي غير مُقصِّر معي، لأنّه صاحب شخصية متوازنة جدّاً، ويعرف كيف يُشركني في المعلومات التي يطَّلع عليها، إلى درجة أني إكتسبت ثقافة لا بأس بها في طب العيون". حياة الشراكة التي تعيشها مي مع زوجها، هي مثال جميل، وتدعو جميع المتزوجات إلى تجربتها، قائلة: "على السيدة أن تستوعب إهتمام زوجها وتشجعه عليه، خصوصاً إذا كان ذلك يصبُّ في مصلحة ثقافته وتطوّره المهني". تضيف: "أنا أُساير زوجي، كما هو يُسايرني في حُبِّي الألوان وتصميم الملابس، فالزواج مشاركة ومُسايَرة وتفهُّم".
- إرضاء:
على خط مُوازٍ، يبدو أن إياد حجازي (إعلامي، متزوج، لديه ولد وحيد) يَنعَم هو الآخر بزوجة متفهِّمة، يصفها "بالعاقلة"، لأنها حسب قوله: "تتفهُّم ظروف عملي، ولا تمانع في جلوسي يومياً لِمَا يُقارب الخمس ساعات مع الكمبيوتر، الذي لم تحسبه يوماً كضرتها". حتى يُرضي إياد زوجته، اشترى لها جهاز كمبيوتر خاصاً بها: "مشروع كلّفني مبلغاً من المال، لكنه أراح رأسي". إلا أنّ إياد يعود ليُقرّ معترفاً: "كنت سأترك الكمبيوتر من أجل خاطر "عيونها"، لو أنها لم تتفهَّم ظروف عملي، وحاجتي إلى إستخدامه". يضيف: "بالتأكيد ما كنت لأُعادي الجهاز تماماً، لكني كنت لأجد الأسباب التي تُقنعها وتُريحها نفسياً ومعنوياً". في النهاية، يعتبر إياد أنّ "العلاقة الزوجية، هي علاقة تكامُل بين الرجل والمرأة"، مُقرّاً أن "من حق المرأة أن تعترض على إهمال زوجها لها، كما أنّ من حق الرجل أن يُطالب بقليل من الحرِّية الشخصية التي تخدم كليهما. أمّا الأهم، فهو أن يجدا معاً حلولاً تُرضي كليهما أيضاً، بدلاً من افتعال مشكلة وإدارة الظَّهر لها".
- منافسة:
إذا كانت الزوجة تغار من الكتاب وتعتبره ضرتها، فتلك الزوجة ليست فاطمة أحمد (سيدة بيت، متزوجة، لديها بنت وولد)، التي تقول: "زوجي يعيش مع كتابه تقريباً، لكني لا أشعر بمنافسة على الإطلاق، لا بل إني ارتأيت أن أشاركه حبّه المطالعة، وصرت أجلس إلى جانبه أقرأ الكتب التي أحبّها أنا أيضاً". قد يكون هذا الأسلوب مفيداً جدّاً لغير فاطمة من السيدات. لذلك هي تنصح بنات جنسها قائلة: "أوجدي سيدتي ما تشتركين فيه مع زوجك، بدلاً من ندب حظك العاثر بسبب إنصرافه عنك". ولأن "التحسُّر على الحظ لا ينفع المتزوجات"، على حد قول فاطمة، تراها تقول: "لقد وجدت ضالتي في القراءة، وهو أمر يفيدني ويُعلّمني الكثير. يُمتعني ويُبعدني عن التشاجر مع زوجي، لاسيّما أني مُدركه تماماً أن أي شجار معه لن يُنهيه عن مسألة القراءة".
- تعويض:
وكذلك، هي حال سهى هشام (مهندسة كهرباء، متزوجة ولديها أربعة أولاد)، التي تقول وعلامات الرضا تعلو وجهها: "زوجي يعشق اللغة الإنجليزية. لذلك يمضي أكثر وقته في البيت مع قاموس لغوي، يُطالع فيه ولا يَشبَع". مطالعة من نوع مختلف. إلا أن سهى تشدِّد على أنها لا تتعامل معها على أنها ضرة لها. وتقول: "حتى إنْ كنت في أحيان كثيرة أُبدي إنزعاجي من الوقت الذي يمضيه زجي برفقة قاموسه، إلا أني أتحاشى مضايقته في هذا الخصوص". "هيك ضرة أحسن من غيرها"، تضيف سهى بسخرية واضحة. تقول: "في الواقع إنّ أفراد البيت جميعهم يستفيدون من هذه الضرّة، فزوجي يعي أنّه يقضي وقت فراغه في معظمه مع اللغة التي يحبها، وانتبه إلى أنّه إذا شاركنا بمعلوماته القيِّمة، سنسكت عن تصرّفه هذا، ونكف عن مطالبته بقضاء بعض الوقت معاً". محاولة موفّقة وذكية من الزوج، تنظر إليها سهى، وتستطرد قائلة: "لقد تأقلمت مع ضرتي، وأسامح زوجي، لكونه يُفضِّل أحياناً رفقتها على رفقتنا. أوّلاً لأني لا أرى منفعة في خلاف حول قضية مثل هذه. وثانياً، لأنّه بات مؤخراً يتفهَّم مسألة دوامه الطويل، وأننا نشتاق إليه، ويجتهد في تعويضنا عن ذلك، كلما سنحت له الفرصة".
- عزوبية:
في مكان آخر، وبعيداً عن حياة المتزوجين، ومَن لهم خبرة في حياة الشراكة الزوجية والعائلية، يُعلِّق بشر حجازي (موظف) على الموضوع متوقِّعاً "أن يكون حنيني الأبدي إلى حياة العزوبية، هو الذي سيلعب دور الضرة لزوجتي في المستقبل". يرسم بشر إبتسامة ساخرة على ثغره متابعاً: "صحيح أن فكرة الإرتباط والزواج تُدغدغ أفكاري من حين إلى آخر، لكني مازلت متمسكاً بعزوبيتي إلى اليوم، وأرى أني لن أتخلّى عنها ببساطة، وأخاف من أن يؤثر الموضوع لاحقاً حين أتزوج، في المرأة التي ستصبح زوجتي". كلام بشر هذا، لا يعني بالضرورة أنّه لن يكون زوجاً صالحاً، فهو يصرُّ على القول: "سأحترم المؤسسة الزوجية التي سأبنيها، لكنني غير مستعد بعدُ، للتخلِّي عن حرِّيتي الشخصية". يضيف: "مَن يعلَم؟ قد أجد مَخرَجاً يُفرحني ويُفرح قلب زوجتي من دون مشكلات وعناد وتجريح، لأني أدرك أن لزوجتي حقاً مُقدَّساً عليَّ، ولست في وارد تجاوزه أو إعدامه من أجل أهوائي الأنانية".
- هروب من إهمالها:
يستهلُّ مستشار العلاقات الزوجية، الدكتور عبدالله الأنصاري تعليقه على موضوع الضرة، ملاحظاً أنّ "من الخطأ تسمية الأشياء والتصرفات التي تتمحور حياة الزوج حولها بالضرة". لافتاً إلى أنّ "هذه الكلمة تعني فقط الزوجة الثانية". من ناحية ثانية، يوضّح الأنصاري أنّ "من الطبيعي أن يكون للرجل مجموعة إهتمامات غير زوجته، مثل الوالدين والعمل والقراءة والرياضة والهواية وغيرها. كما يحق للزوجة في المقابل أن تنزعج وتغضب من هذا الإهتمام بغيرها، في حال زاد على حدِّه أو عادَل إهتمام زوجها بها". ويشير إلى "مقدّسات ثلاثة يرتبط الرجل بها إرتباطاً شديداً، وهي: أمواله وأصدقاؤه وأسلوبه في الحياة". مشيراً إلى أنّ معظم الخلافات الزوجية التي يتابعها عن كثب، "هي خلافات قائمة على قصص الأصدقاء ومسألة السهر في الخارج، أو إهتمام الرجل الزائد بأصدقائه على حساب زوجته وعائلته، كأن يُضيِّع عطلة نهاية الأسبوع معهم، بدلاً من قضائها مع أُسرته. وصولاً إلى خلافات أخرى بسبب إنصرافه الكلِّي إلى "الإنترنيت" أو التلفزيون أو هواية تطير الحمَام، التي تزداد شيوعاً في أيامنا هذه، إضافة إلى لعبة تطيير الطائرات بواسطة جهاز الـ(ريموت كونترول)". وبناء على إعتبار أنّ الزوجة، هي التي تشكو زوجها في الغالب، ينصحها الأنصاري بأن "تتمتع بحياتها مع زوجها في الواقع القائم، لأنّها بهذا الإستمتاع ترتقي درجة. فمثلاً لو أن زوجها يهتم بالسيارات كثيراً، يمكنها أن تثقف نفسها في هذا المجال وتتعلّم الكثير، وتشتري صوراً لسيارات رائعة، وتتبادل مع زوجها المعلومات التي إكتشفتها، وهكذا تجذبه إلى عَرين إهتمامه".
وفي هذا الإطار، يُحذّر الأنصاري المرأة "من أن تدخل في جميع إهتمامات الرجل"، مُفسِّراً ذلك بالقول: "هناك إهتمامان لا يمكن للمرأة أن تدخل فيهما، هما: الإهتمام بصديق زوجها، ومشاركة زوجها في أمر ممنوع، مثل مُعاقَرة الخمر، أو مشاهدة أفلام خلاعية". يضيف: "أما من ناحية الأصدقاء، فيمكن للمرأة أن تهتم بما يُريح زوجها تجاه الأصدقاء، وتجعلهم بذكائها، يمدحونه بسببها. تماماً كما يحدُث عندما تدعوهم إلى عشاء جميل، يُعجبهم ويدفعهم إلى تهنئته على الزواج بها، وهذا ما يفرحه ويُشعره بالفخر، ويُفرحها هي أيضاً، لأنّها رفعت رأس زوجها عالياً".
وإذا كان الأنصاري يتوجه بالنصيحة إلى الزوجة بالتحديد، فلأنّه يرى أنّ "الرجل في العادة لا ينتبه إلى أنّه مُقصِّر تجاه زوجته، ويعتبر أن ما يقوم به أمرٌ عادي وطبيعي، ويقوم به كل أصدقائه". يقول: "لذلك، أنا لا أطالبه بالإعتراف بتقصيره، وما يهمّني فقط هو أنّ يُغيِّر مبدأه وفكره، ليصل إلى نقاط تجمعه مع فكر وقناعة زوجته". وفي نهاية حديثه، يُنبِّه الأنصاري المرأة إلى أنّ هروب زوجها إلى إهتماماته الأخرى "يدلُّ في كثير من الأحيان على هروبه من إهمالها له". وينصحها بأن "تلعب دور أصدقائه، وبأن تُقدِّره كما يفعلون، وأن تصغي إليه بإمعان مثلهم، وتصبر عليه وتضحك على نكاته". يضيف: "لتهتهم به جيِّداً، لكي تغلب المقولة التي كثيراً ما تترسّخ في ذهن الرجل: "هروبك من البيت يعني أنك لا تهنأ بالحياة مع زوجتك".