لو قرر جلالة الملك تحويل الأردن إلى مملكة دستورية؟هل سينجح المشروع ويؤتي أكلة؟وفق سياسات الواقع،ببساطة الجواب لا،فالمشروع بحاجة إلى الأرضية صلبة للانطلاق،أذن كيف يطالب البعض بنشوء مملكة دستورية، في حين ينسى او يتناسى عدم وجود مقومات حقيقية.
طبعا،الملكية الدستورية لا علاقة لها بالعرش،فالعرش من مسلمات الشعب الأردني،وإنما لها علاقة بمبدأ تفعيل الدستور،الذي تم التغول عليه من قبل البعض دون سؤال من احد.
كما أن الهدف الأول والأخير للقول بها يصب في أطار سؤال الحكومة والوقوف بوجهها أن حادت عن دربها بحيث تكون مسؤولة أمام الشعب،سيما وانها المنوط بها إدارة الدولة،بداية بالرئيس وليس نهاية بالطاقم الوزاري.وأبعاد الملك عن الأمور التنفيذية التي تختص بها السلطة الحكومة،كما بينها الدستور القائم أساسا على الفصل السلطات،لا التداخل فيما بينها.
الحكومات الأردنية خلال تاريخها لم تعاقب ولو مرة واحدة،هذا الأمر قاد الى اخذ الأردن بين أرجل المسؤولين وقاد الى خسارته مليارات وأصاب الدولة بمقتل بدءا بالمديونية وبيع مؤساساته الوطنية وسرقة موارده والمتاجرة بمستقبل أبناءه،دون سؤال احد او معاقبة من احد،حتى وان بأثر رجعي،اللهم عدا معاقبتها بوسطه الإقالة أو الاستقالة.
من الأهمية بمكان توضيح دور الملكية الدستورية في تطوير الدولة الأردنية،ملكية يحمل لوائها جلالة الملك،ولا احد غيره،مهما اقترب منه أو ارتبط به الآخرين الذين يمنعهم الدستور من التغول على الدور الملكي،الدستور واضح في هذا الإطار ولا يحتاج إلى تأويل أو تفسير،وما الذي نشهده من وظائف للبعض هي في حقيقة الأمر وظائف طارئة تخطت الدستور.
الملك حامي الدستور،وبالتالي حامي الدولة،والشعب أبو السلطات حامي للجميع،إضافة إلى ذلك فان المملكة الدستورية تقود إلى هدم الحواجز بين الملك والشعب،للتخلص من الدوائر المغلقة التي تحول دون وصول الشعب إليه،دوائر بنيت بيد مسؤولين اختبئوا تحت عباءة الملك،فمنحت ذاتها قوة مفرطة وشكلت مراكز قوى مرهوبة الجانب حالت دون الاقتراب منهم أو محاسبتهم.
الملكية الدستورية،ستقود بلا شك إلى استرداد كافة أملاك الدولة وتحديد خطوات عصابة 1% التي تسيطر على مقدرات البلاد،وطريق لاستعادة أموال الدولة المنهوبة التي يعرفها من يد هذه العصابة التي تستقوي بالخارج في مشاريعها لضرب الداخل والسيطرة عليه.
الدستور الأردني،يبين وبشكل صريح حدود السلطات الثلاث ويفصل بينها،فيحدد دور السلطة التشريعية وينظم علاقتها مع باقي السلطات،كما يبين السلطة التنفيذية ويمنعها من التغول على شقيقاتها،كما يحدد وظيفة الأجهزة الأمنية ويمنعها من التمادي في تخويف الشعب بناء على نظريات التهديد المفترض للأمن والاستقرار.
الدستور يدعو الجميع إلى الأخذ بمسؤولياتهم،والحفاظ عليها،ومنع كائن من كان من السيطرة عليها،كما يؤكد الدستور وفي أكثر من مكان على دور الحكومة الأردنية باعتبارها ذراع تنفيذي فقط منوط به أدارة الدولة وشؤونها،بالتعاون والتشارك مع باقي السلطات باعتبارها شريكة في الوطن لا وصية عليه.
الدستور يمنع سيطرة شخصية رئيس الوزراء على مفاصل القرار،أو احد قادة الأجهزة الأمنية أو القضائية بحيث لا يمكن سؤالهم،حتى وان كان ضد مصلحة البلد كما هي الصورة اليوم،للأسف الشديد.
في عين الوقت،يتوجب علينا النظر إلى الملكية الدستورية باعتبارها طريق لإعادة بناء الدولة الأردنية،وتقويتها وتحصينها بوجه المشاريع التي بدت تندفع ألينا من كل حدب وصوب.بدايته بمشاريع الوطن البديل،وتوطين اللاجئين،وليس نهاية بتهديد العرش وبتالي الدولة الأردنية والشعب،هذا سيؤدي إلى إعادة بناء القضية الفلسطينية ويقطع الطريق على اوهام الصهيونية . الملكية الدستورية ستكون اكبر رد على المشككين بمدى فعالية الدولة في الحفاظ على مكتسباتها وديمومتها ومقدرتها في الدفاع عن كيانها وعمقها الاستراتيجي العربي الإسلامي.
لقد آن الأوان لإعادة تعريف الدولة الأردنية بكافة أدوارها فما كان نافعا زمن التأسيس ليس بالضرورة ناجعا اليوم وما كان مسموحا في السبعينات والثمانينات لا يمكن أن يتوافق مع هذه المرحلة.فأحداث ومصائب الماضي ليست كما الحاضر،ولن تكون شبيهة بالمستقبل.
آن الأوان للسير وفق مناهج مطلبيه محددة،لا طوباوية وفق وصفات كن فيكون،لابد من العمل على الإسراع في أقرار مشروع الملكية الدستورية للحفاظ على مركزية النظام والدولة الأردنية بناء على فترة انتقالية تتناسب وطبيعة تعقيدات المرحلة التي لا تحتمل الخطأ.
هذا يقودنا للمطالبة بالإسراع في توحيد الجهود للوصول إلى نتائج مرتجاة بناء على تشاركيه أطياف المجتمع الأردني،ويا حبذا لو يتم دعم مشروع المتقاعدين العسكريين في عقد وطني أردني وعدم الركون إلى الزمن وعدم تأخيره كون التأخير ليس في صالح البلد خاصة في ظل الأحداث المتشابكة والمتلاحقة التي تشهدها المنطقة
خطوات في طريق الملكية الدستورية :
أولى شروط النجاح في المشروع المأمول،العودة الى دستور 1952هي،ومن ثم إيجاد أحزاب سياسية فاعلة عاملة على ارض الواقع المجتمعي وذو برامج محددة يتم انتخابها بناء على برامجها،ذلك للولوج صوب انتخاب حكومة حزبية دستورية. الحقيقة الصاعقة تقول : إن الأحزاب الأردنية جسد بلا روح وشكل بلا مضمون.
قد يقول قائل أن الأخوان المسلمين يمتلكون الشروط،فنقول:أن هذا غير صحيح مطلقا،لكننا لا ننكر القاعدة الجماهيرية للجماعة،ألا أنها في عين الوقت تفتقد للزخم الواقعي،إضافة إلى أن الأخوان حتى وان كانوا يملكون الصفات المطلوبة فأنهم سيصطدمون بالتكتلات العشائرية المالكة للقوة الفعلية.
ليس غريبا أن يطالب البعض بالملكية الدستورية مباشرة دون تفكير،وكأنما الأمر كن فيكون،قد تكون الأحزاب ومن وراءها تعمل وفق اطر معينه ومستعدة لهذا،لكن هل يعلم المطالبين ما هو المدى المتوقع لاستعداد الشعب الأردني لاستقبال هذه المشاريع.
وفي عين السياق ألا يعتقد المطالبين بالملكية الدستورية انه من باب أولى الشروع في البحث عن الوسائل الكفيلة بالإسراع في أقرار قانون انتخاب شرعي عصري يتناسب والمرحلة التي يطالبون بها،ومن ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية وفق فترة زمنية انتقالية محددة....لله يرحمنا برحمته وسلام على أردننا الهاشمي ورحمة من الله وبركه.
خالد عياصرة
KHALEDAYASRH.2000@YAHOO.COM