د. عبدالناصر هياجنه
أستاذ القانون المدني/ الجامعة الأردنية
=========
لعلَ فكرة إنشاء نقابة لأساتذة الجامعات الأردنية من الأفكار التي تأخر البحث فيها ودراستها، إن على مستوى أساتذة الجامعات أنفسهم، أو على مستوى القائمين على قطاع التعليم العالي في الأردن. ولقد كنتُ وما زلتُ من أشد المقتنعين بأهمية إنشاء نقابة أساتذة الجامعات الأردنية بهدف تأطير هذا الجسم الأكاديمي الكبير والهام من أبناء هذا الوطن العزيز. وقد كتبتُ وزملاء لي حول هذا الموضوع مِراراً في بضعَ سنينٍ خلت، وما زالت الفكرة تراودني حاضراً وستبقى حتى يتحقق هذا الأمر.
هذه المقدمة أراها ضروريةً قبل أي حديثٍ في هذا الموضوع، وليس أقل منه ضروريّةً، الإشارةُ إلى مجمل الحِراك الشعبوي في الأردن والمنطقة العربية، وما آلت أليه أوضاع كثيرٍ من الدول من غليانٍ أو عدم استقرارٍ وترقب. هذا الحِراك لا يجوز – أدباً - أن يكون فرصةً للإنتهاز والإبتزاز أو ركوب موجات الحِراك وفرصة \"حذر\" – حتى لا أقول ضعف - الحكومات في التعامل مع أية مطالب حتى وإن كانت غير محقةٍ أو غير معقولةٍ ناهيكَ عن المطالب المحقة والمعقولة.
يجدرُ بمَن يدعو لتحقيق أية مطالب عادلة، أن يختار وقتاً ملائماً لعرض طلباته، وهذه القاعدة تشمل مطلب أساتذة الجامعات في أن يكون لهم إطارٌ تنظيميّ يرعى مصالحهم ويدافع على حقوقهم ويكون وعاءً يحتضنُ أفكارهم وخبراتهم. ولا نُريد لهذا المطلب العادل أن يركب موجة الحِراك الشعبوي المتصاعد، خشية أن يتأثر سلباً بذلك الحِراك أو يؤثر عليه.
فلا ضيرَ من التذكير بالمطلب، ولا ضيرَ من تدارسه بعمقٍ في الأوساط الأكاديمية بشكل هادئٍ متزنٍ، يحفظ للمطلبِ شرعيته ووجاهته من دون \"توتيرٍ\" أو تأزيمٍ أو انتهاز. ولا أهميةَ للاستعجالِ وحرق المراحل قبل نضوج الفكرة واختمارها بما يؤثر حتماً على قوتها وقيمتها.
إن في الحياة قيّماً تضبط إيقاعها، وإن أدبيات الحوار والمدافعة تقتضي عدم استخدام الوقت لتحقيق الغنائم وخلط الأوراق في وقتٍ تعاني فيه عجلةُ الوطن من \"مطبّات\" كثيرةٍ في طريق الإصلاح أو التغيير.
أقولُ ذلك، وغايةُ أمنياتي أن يستقر بنا الحال والمآل، وأن تنضج الظروف الموضوعية والإجرائية لتحقيق أمنيةٍ على النفس عزيزة، بأن يكون لأساتذة الجامعات الأردنية نقابةٌ قويّة وفاعلةٌ كما هم أساتذة هذه الجامعات التي بها نعتز ونُفاخر، نقابةٌ تكون عوناً للوطن وأبنائه وتؤسسُ على أرضيّةٍ وطنيّةٍ صُلبةٍ وتفاهمٍ كاملٍ مع باقي مؤسسات الدولة التي نحتاجها قويةً آمنةً، مؤمنةً بعدالة المطالب وشرعيتها، لا ضعيفةً واهنة الأوصال. والله من وراء القصد.