ممدوح أبو دلهوم
[ نيرون وشارون وإيفان وبينوشيه وزياد بين أبيه وقراقوش وتشاوشيسكو وهولاكو وغيرهم من سفاحي الشعوب، لو ما زالوا أحياء ولم ينفقوا بعد مع روث تاريخهم النتن، لوقفوا مطأطئي الرؤوس محنييّ الهامات أمام هذا القذافي الملطخ اليدين بعد القفازتين طبعاً، بالدم الليبي الزكي بمعمرية زومبية وبقذافية دراكولية، حتى ولكأنهم تلاميذ لم يقبلهم ناظر مدرسة الدم الأخضر ولا حتى على قائمة الاحتياط، وما من أمل لهم بالانخراط فأمامهم حائط المستحيل بجهاته الأربع، نقيض شرطه الأول هو الصعود معنىً للسقوط في أسفل دركات المدرسة القذافوية هذه، التي تعطي بالدم بدل الحبر دروساً في إرهاب الشعب الليبي العربي الأصيل، ما يمكن عنونة مساقاته بالظلامية والأنوية والتضخمية والشيزوفرينية وبناتها القذافيات، ما أرضه الخراب بالمحصلة هو العتم الذي لون بالأخضر العصابي الحياة الليبية على مدى 42 عاماً.
العتم الأخضر أجل أي الكتاب الأخضر للأخ العقيد معمر القذافي مفجر الثورة كما يسمي نفسه، وهو الكتاب الذي أطلق به ما وصفه بالنظرية الثالثة كبديل للنظريتين الرأسمالية والإشتراكية (!) ولا أدري ما إذا كانت هذه النظرية/ الكتاب رداً أخضر، على نظرية ماو أو الماوية نسبة إلى صاحب الكتاب الأحمر الزعيم الصيني ماو تسي تونغ (!) ووجه المقاربة هنا جاء للتشابه بين الكتابين / النظريتين في الشكل قطعاً لا المضمون، كاللجان الشعبية والثورة الثقافية والمكاتب والأمانات الشعبوية (إلخ) على أن القذافية ستنتهي كما انتهت الماوية بالفشل والنسيان ..
أما النظرية الثالثة للفاتح العظيم / زعيم الثورة / الأخ العقيد / قائد لا رئيس الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى / ملك ملوك افريقيا بكتابها الأخضر، والذي جعله صاحب أقدم حكم بين قادة العرب والعالم دستوراً للجماهيرية الليبية، قد حلت وبالاً على أديم هذا الكوكب الضاج اليوم بصيحات الحرية ونجيع الدم الثوري النازف من أجساد الشهداء الليبيين، الذين يرددون في مواجهة الموت على يد الطاغية الأخضر مدمر القرافي، ما كان يردده جدهم الثائر شيخ المجاهدين عمر المختار وصحبه الأبرار ذات مجد مقاوم حر وبهي، وهم يقاتلون إيطاليا موسوليني الفاشستية: (نحن لا نستسلم .. ننتصر أو نموت)، ويرابطون رابطين أرجلهم الفخذ مع الساق رفضاً للفر أو خشية التراجع قائلين وبلهجتهم الليبية أملاً بدخول الجنة: (هلا بالجنة .. جتنا تدّنَه) .
على مشارف الأسبوع الثاني وتحديداً بعد مرور عشرة أيام على انطلاق الثورة الماجدة، وأبناء الشعب الليبي لم يرفعوا بعدُ أيديهم عن قلوبهم إذ ما يزال القذافي حياً، يتمترس هو وأبناؤه وزبانيته من حرس ومحاسيب خلف أسوار العزيزية في عمق العاصمة طرابلس، ففي الأخبار أن الشرق الليبي بما في ذلك العاصمة القديمة بنغازي قد أصبح حراً تحت سيطرة الثائرين، أما الشمال والجنوب فالأخبار المتقاطرة عبر قنوات الميديا المختلفة، لم تحسم حتى اليوم 27/2 وبشكل قاطع ما إذا وقعت كل مدنهما أو معظمها في أيدي الثوار ..
على أن الأهم من ذلك كله وهو ما يجمع عليه المحللون الإستراتيجيون وبخاصة الخبراء في تضاريس ليبيا، هو أنه بدون السيطرة على طرابلس بما فيها سرت ومصراته يبقى نجاح الثورة ناقصاً حتى لا نقول فاشلاً أو محل شك أو قولان، ذلك أن هذه المنطقة الحيوية العاصمة طرابلس وما حولها تحتفظ بالنصيب الأكبر، من الترسانة العسكرية والأدق الأمنية القذافية حرساً وأسلحة مختلفة منها ربما أسلحة كيماوية.
السيل العرم، ختاماً، من التحليلات في مختلف وسائط الميديا لم تؤشر على سيناريو بعينه، يستشرف زمناً أو يقدم خطة من شأنهما قراءة المشهد الليبي بدون نظام القذافي، فهناك الكثير من التحليلات لكن القليل من الحلول وأهمها بالمطلق هو تحرير طرابلس، على أن المراقب السياسي لن يعدم القبض على مفاتيح وسيلتين، الأولى في استنطاق التاريخ كي يدلي بشهادته عن حتمية النهايات البائسة لكل الطغاة المتجبرين، أما الثانية ففي الاستقالات الجماعية للأنقياء البواسل من الأمنيين والعسكريين في الداخل والدبلوماسيين في الخارج وانضمامهم إلى صفوف الثائرين، فضلاً عن تباشير الحل الخارجي المتمثل في قرار الأمم المتحدة بتوصيات جادة من عواصم القرار الدولي، بفرض العقوبات على النظام الليبي وتحديداً التحفظ على أرصدة القذافي وأبناؤه وأعوانه في المصارف الأميركية والغربية.]
Abudalhoum_m@yahoo.com