تحتل الاغنية في ثقافة العرب
حيزا واسعا ، بوصفها تعريفا بحالة اوكشفا لواقع ، وبمقدار ما حملت الاغنية
ثقافة الحب والمقاومة الا انها حملت ثقافة الفروقات الطبقية بأعجاب بالغ
ودون رفض لفكرة التبعية من قبل "العوام" او"العامة" كما اطلق الفكر العربي
على "الرأي العام" حسب تعريف المجتمعات المدنية.
فالرأي العام يبدي
قدرا اكبر من الاحترام والتقدير لمزاج الشارع ورأيه ، اكثر من مفهوم
العامة اوالعوام ، الى الحد الذي قالت فيه المعتزلة وهي فئة نخبوية "ما
اجمعت العامة على امر الا افسدته" وهذا فيه منتهى الانعزال الطبقي
والثقافي عن مزاج الشارع ورغباته.
في التراث اكثر من اغنية تشير الى هذا القبول العجيب للفكر المعتزلي اولاها اغنية فيها مقطع يقول:
"يا بنت يا اللي بالطويل.
طلي وشوفي افعالنا.
هذا ملكاد للعبيد.
واش حال ملكاد سيادنا"
فالاغنية تشير الى حالة غزل او استدراج عاطفي ومع ذلك لا تنسى ان تشير الى
ان هذه الخيل الجميلة التي يركبها العبيد ، لدى الوجيه اوالثري ما هو ارقى
الى حد عدم القدرة على الوصف ، فهذه املاك العبيد التي تنظر اليها الفتاة
التي في الطابق العلوي كما تقول الاغنية ولكنها تدفع الفتاة الى الجموح في
الخيال لمعرفة املاك الوجهاء ، فلمن ستنظر اذا؟.
وهناك مقطع اخر
فيه تفسير لغلبة المال في الحياة الاجتماعية ، وبالتالي فإن ظاهرة شراء
الاصوات في الانتخابات العربية عموما لها اساس ذهني وثقافي لا يدين الحالة
بل يبدي اعجابه.
الثقافة العربية زاخرة بحالات الاستلاب الانساني
بطواعية عجيبة ، بل ان الرافضين لهذا الاستلاب ، اطلق عليهم المجتمع لقب
"صعاليك" وهو لقب فيه ادانة على عكس العقل المدني الذي يطلق عليهم لقب
معارضة ، ولم تخزن الذاكرة العربية اغنية من اغاني الصعاليك.
ثمة
مفارقات غرائبية في الثقافة العربية بحاجة الى اعادة فك وتركيب لتصويب
المسيرة التي انتهت بالاغنية لأن تصبح حالة عري فاضح ولقطات غرائزية مشينة.
الاغنية
عذوبة صوت ولحن لكلمة راقية تخدم فكرة جميلة ونبيلة ، ومن حقنا ان نغسل
اذاننا من طبول تقرع لاصوات تشابه اصوات المناشير في الخشب وان تكون
الاغنية حالة عشق كما هو حال القصيدة.
omarkallab@yahoo.com