من الملاحظ أن بعد سقوط أي نظام أو مؤسسة ما تبدأ الأقاويل والألسن الإعلامية والشعبية أو حتى محاكم جنائية ودولية, لم الانتظار لحين السقوط حتى يتبين الخلل والاعوجاج لتلك الأنظمة؟ لم لا تكون هناك الشجاعة والجرأة في الحق التي حثّ عليها ديننا الحنيف وعاداتنا العربية التي تحمل طابع النخوة والقيم , ودستورنا الذي ضمن حرية التعبير بدليلها بلا تعدي احد على الآخر, للاعتراض عن كل ما يتنافى مع القيم المجتمعية وحق الإنسان الحياة بكرامة بلا تغوّل وفتح جلسات علنية لكل مسؤول وهو على رأس عمله؟ ماذا قدّمْتَ وماذا أخذتَ والى أي حال وصلتَ وأوصلت؟.
نسمع من هنا وهناك ما يجري في عالمنا والأخص العربي بتدخل أجنبي تحت مسمى مجلس الأمن وغيره من المنظمات ذات القوانين الوضعية ووضع العقوبات المختلفة على رؤوس الأنظمة التي تسقط, علما بمعرفتها المسبقة بكل ما يدور بل وبأذرعها المختلفة التي تتغلغل في كياننا واستفادتها بالكلّية لمقدراتنا إعمارا لاقتصادها وسياساتها على حساب منطقتنا.
المسرحية السياسية التي نعيشها معروف أبطالها ومن يُنْتجها ويُخرجها والوسائل الإعلامية التي تُروج لها , رجالات يتم تصنيعهم ووضعهم في أعلى المقامات لخدمة حركات معينة هدفها الأول والأخير القضاء على ما تبَقّى من شرف للإنسان عامة والعربي والمسلم خاصة.
سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قال\"إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها, فكم برأيكم من أياد بحاجة للقطع في زمننا هذا وكم من رقاب يُوجب لها حد القطع؟
أميرنا الراشد أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه عندما تولى الخلافة قال\"أيها الناس فإني قد وّليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم\",فهل نجد مثل هذا القائد؟ الكل يعلم أن القيادات جميعها تأتي وتزول ولا تبقى إلا إرادة الله وإرادة الشعوب.
الفاروق العدل عمر رضي الله عنه وأرضاه عندما شرد بعير من إبل الصدقة وطفق يبحث عنه في الحر القائظ وهو يخشى عليه الضياع،والخشية أن يسأل عنه بين يدي الله يوم القيامة،مقارنة بسيطة فالمسالة ليست إبلا ضاعت إنما سلب ونهب للمقدسات والأراضي والأرواح ولا حياة فيمن تنادي.
الحليم الحيي عثمان رضي الله عنه وأرضاه قائد عظيم غني النفس والمال لم يهتم لجاهٍ ولا سلطان فحَكَمَ عدلا وأجزل عطاء فقد سمع عن الرسول الكريم \" القبر أول منازل الآخرة، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه\" ماذا عمل هؤلاء القادة لمثل هذا اليوم ؟وماذا سيعمل الظالمون حين تُطَوّق أعناقهم بدماء وأموال من ظلموا؟ .
العالم القائد الجليل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأرضاه كان على يقين بان طريق الحق موحش وقليل سالكوه فكان هو وغيره هدفا للتصفية في كل زمان ومكان باختلاف الشخوص والإمكانات , فعلا طريق الحق ليس فقط قليل سالكوه ولكن من يسلكه فهو إرهابي وعدو للديمقراطية ومخالف لقرارات القوى العظمى التي تحكم قبضتها على أطراف الأرض من مشارقها ومغاربها.
نجد أمريكا وكل من على شاكلتها تتدخل في أي حدث على الأرض وتحشد له كل وسائلها المادية والتكنولوجية والإعلامية, تونس, مصر, ليبيا, البحرين وغيرها من الدول في محيطنا , نجدها تستنكر وتشجع التغيير وتُثْني على التظاهرات والثورات ليس بهدف المساندة ولكن لمصالح خاصة بها فهي تعرف كيف تقوم بتوجيه تلك الثورات لصالحها بوجود الكثيرين الموالين لها وغياب الحق والوطنية في الكثير منا , عكس ما نجد فيما يتعلق بأرض الرافدين العراق العريق الجريح المحتل , فكم منا يعلم ما يجري فيه في هذه اللحظة من نهب وسرقة, اعتقال وقتل,وفوق كل هذا تغلغل للصهاينة والفرس لتكون تلك الدولة العربية المسلمة نقطة انطلاق إلى ما حولها من البلدان لاحتلالها .
نفس أمريكا ومن يواليها نراها انتفضت وشجبت وأقامت الدنيا ولم تقعدها على ما يحدث من ثورات في بلداننا واستخدمت كل قوتها وإمكاناتها لنشر ما تريد نشره على مستوى العالم كافة للحفاظ على مصالحها في تلك البلاد وبنفس الوقت وفي اليد الأخرى للحفاظ أيضا على مصالحها نجدها تستخدم قرار النقض في مجلس الأمن المزعوم \"الفيتو\" للحيلولة دون وصول صوت الحق في المجازر التي اقترفها ولا زال الكيان الإسرائيلي في غزة والأراضي المحتلة , تناقضات واضحة ونحن شهود منا صامت والآخر يشد على يديها.
فتحت الجلسة ( المتهم الرئيسي والجاني: الصهيونية والماسونية العالمية المتمثلة بأمريكا وأعوانها والرؤوس المصنّعة الموضوعة في بقاع العالم اجمع.
المجني عليه: كل من عانى ويُعاني وظُلم وقُتل ونُهب وغيره من مسميات القهر والاستغلال التي أَرْدَتْ بحالنا وشرفنا وكرامتنا كعرب ومسلمين وإنسانية جمعاء إلى أسفل السافلين.
الحضور: الرأي العام وكل شريف يعتبر نفسه شريفا ومن هو عكس هذا الوصف فلا مكان له في جلستنا.
محامي الدفاع عن المتهم : الشيطان وأعوانه وهم كثر .
النائب العام عن المجني عليهم: الأراضي المنهوبة والمغتصبة والأعراض المُنتهكة والأرواح التي سالت دماؤها واختلطت بحبات الرمل والماء وسَقت الزرع والضرع وتلوّن كل ما حولها بلون الدم.
القاضي :حكم الله وشرعه وإرادته المتمثلة بإرادة الشعوب الثائرة المقهورة المتغلغلة أركان الثورة في عروقها.
أعدكم ومن قبلي وعد الله بان الجلسة لن تطول فهي جولة وحيدة ويكون الحُكْم الفَصْل قبل أن يرتد إليكم طرفكم وستَخِر الأذقان لله سُجّدا وستتطاير الرقاب واحدة تلو الأخرى متراكمة في قَعْر الجحيم يلعن اللاحق منهم من يسبقه والحكم يومئذ لله, سارقو الشعوب وقتلته... رفعت الجلسة.
Enass_natour@yahoo.com