بادئ ذي بدء ، أقف إجلالا واحتراما وتقديرا وتعظيما لصاحب الجلالة الهاشمية ، الملك عبد الثاني بن الحسين المعظم ، الذي خرّج تلك الأفواج من منتسبي رجال الأمن العام من مدرسة الهواشم ، تلك المدرسة التي تنبع من فيض عطاء الخلق الكريم ، والشجاعة والإقدام ، والمروءة والنبل ، والعزة والشهامة ، ولذا ، لا غرابة أن يتسم جهاز الأمن العام بتلك الأخلاق النبيلة ، وذلك العطاء المميز ، فما انمازوا إلا بما امتازوا ، ولذا فقد فازوا بتلك الشهادة الملكية السامية وقد حُقّ لهم ذلك ، فهنيئا ثم هنيئا لهم بذلك الميْسم الذي توجتهم به ، وهي شهادة استحقاق من عميد آل البيت ، وراعي الحمى ، يحق لهم أن يفاخروا الدنيا كلها بها ، فآية الشكر والامتنان ، لملك دولة العدل والإحسان .
أجل يا صاحب الجلالة ، لقد اتخذ جهاز الأمن العام عند الرحمن عهدا ، ونذروا لله نذرا ، أن يقدموا للأوطان ما تعودوا أن يقدموه ، وما تقرّ به عين الملك الإنسان ، الملك الجليل، الذي تعزّز في ذراه عن المثيل ، يا من لا تحصي مزاياكم الأعين بألحاظها ، ولا تستقصي سجاياكم الألسن بألفاظها ، ولا تعبر عن شمائلكم بلاغة البلغاء والفصحاء ، ولا يحيط بعطائكم استحفاز الخطباء ، فأنتم ذو النفس السامية ، والكف الهامية ، والصفات النامية ، على جميع الآمال المترامية .
فلا أخال عاقلا يسبر أغوار الحقيقة ، ثم ينكر ما لهذا الجهاز من فضل كبير على أمن الوطن وسلامة المواطن ، يواصل الليل بالنهار بسموّ همّة وضّاحة ، وإحساس بعظم المسؤولية الموكولة إليه ، لا يعرف الكلل ، ولا يتسرب إليه الملل ، وفوق ذلك ، تجده فرحانا نشوانا طربا ، لأنه يعمل الوفاء ، لا على الرجاء ، وإن فكر بالرجاء ؛ كان رجاء محمودا لا ممقوتا ، لأنّ رجاءه هو سلامة الوطن والمواطن ، فهدفه نبيل وغايته عظيمة ، وأعظم بها من غاية ، وأكرم به من هدف .
فإليكم يا رجال الأمن العام كل الحب والتقدير ، ولكم منا آيات الشكر والثناء ، ولو جمع الله لي من زهير بن أبي سلمى حولياته ، ومن النابغة الذبياني اعتذاراته ، ومن ابن المعتز تشبيهاته ، ومن عنترة العبسي حماسياته ، ومن الكميت هاشمياته ، ومن الصنوبري روضياته ومن المتنبي تخلصاته ، ومن أبي تمام ابتداءاته ، ومن البحتري محسناته ،ومن أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء فصاحتهم وبلاغتهم ، فقامت الفصاحة في خدمتي ، وتسابقت البلاغة لدعوتي ، لما استطعت تصوير ما يختلج نفسي ، من حقيقة ما أنتم عليه ، ولكن حسبكم شهادة القائد المفدّى بعطائكم ، وأكرم بها من شهادة ، ويْها أيها العيون الساهرة ، لقد شربتم من ماء آل هاشم ، وأكرم به من ماء ، ومن منا لا يثق بمائهم ؟ ومَنْ وثق بماءٍ لا يظمأ أبدا ، أجل من شرب من مائهم لا يظمأ أبدا ، ذلك لأن من رامهم لرغبة فيهم ظفر ، ومن كانوا ناصريه انتصر ، وإنّهم كقطب الرحى ينحدر عنهم السيْل ولا يرقى إليهم الطيْر ، فهنيئا لمن باركته العناية الهاشمية ، وهنيئا لمن تعطر بحبهم ، لأنهم جبهة الأنصار ، وسنام العرب ، أجل أيها النشامى ، هؤلاء هم آل هاشم ، بل أعظم من ذلك ، أجل إنهم لعلى جادة الحق ، ومن غابت عنه الحقيقة ، فليرجع إلى تاريخهم العطر ، ومما هو جدير بهذا المقام ، ما روي في الأثر ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كان إذا احمرّ البأس ، وأحجم الناس ، قدّم أهل بيته ، فَوَقَى بهم أصحابه حرّ السيوف وأسنّة الرماح ، وإن رسول الله صلى الله عليه آله وسلم ، إذا استشهد شهيدهم ، قال : سيد الشهداء وخصه بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه ، أولا تروْا أنّ قوما قُطِعت أيديهم ولهم فضل ، حتى إذا فُعل بواحدهم ما فُعل بأولئك ، قيل : الطيار في الجنة ، وذو الجناحين ، فأي فضل هذا ، نعم إنها خصوصية وخاصية آل البيت المطهرين ، فضلا من الله ونعمة ، لا يماريهم فيها أحد ، ولا يسابقهم في ذلك سابق ، فرحم الله امرأ لحكمهم وعى ، ولرشادهم دنا ، فقد ركب الطريقة الغرّاء ، ولزم المحجّة البيضاء ، فوا عجبا للناس كيف يعموهون ، وبينهم عترة النبي ، أزمّة الحق ، وأعلام الدين ، وألسنة الصدق ، فاللهَ اللهَ ، يا رجال الأمن العام بتلك الحظوة التي نلتموها من سيد البلاد ، سبط النبي ، وسلالة المجد ، وشيخ الحمى ، فكونوا عند ثقة القائد ، وأنتم كذلك ، فما نراه منكم ، في خلق أجواء من الراحة والطمأنينة للمواطن ، لهو أكبر دليل على رسالتكم العظيمة التي نذرتم أنفسكم لها ، ولقد قال جدّ قائدنا المفدى عليه الصلاة والسلام : ( من بات آمنا في سربه ، معافا في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا ) وهل هناك أفضل من نعمة الأمن ؟ ولهذا امتن الله بها على عباده حين قال : { الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } ،
ومما لا شك فيه ولا مراء أن رجال الأمن العام ، قد تبوأت مكانا عاليا ، وانمازت بصفات الخلق الكريم ، فلا غرو أن تمطي كاهل المجد والسؤدد ، بهمّة منتسبيها وتوجيهات صاحب الجلالة أيده الله ورعاه وأعزّ ملكه ، فبتوجيهاته ، يضارعون المناقب الخالدة ويماثلون المزايا الفائقة ، وهاهم ـ بلا شك ـ يسيرون على درب التحديث والتطوير ، ويتماشون مع كل ما استجد من جديد ، أجل ، إن من ينكر ذلك في عينيه قذى ، وفي أذنيْه وقر ، وكل ذلك ترجمة لتوجيهات ورؤى صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المفدى ، المتمثلة في الحفاظ على رسالة الأمن العام ، المتجلية في خدمة الشعب ، وحماية وصون مكتسبات الوطن ومقدراته .
فكل الحب والولاء للقائد المفدى ، وكل الشكر والثناء لرجال الأمن العام ، رجال العطاء والوفاء .
حمى الله الأردن وعاش الملك
الدكتور محمود سليم هياجنه