محمد حسن العمري
ما حصل في تصويت 47 نائبا أردنيا على حجب ثقة عن حكومة الدكتور معروف البخيت ، يشبه الى ابعد الحدود حالة التنازلات التي قدمها الرئيسان بن علي ومبارك في الرمق الأخير..!!
يعاني مجلس النواب الاردني منذ انتخابه وجلسة الثقة \" الدراماتيكية\" على حكومة الرئيس الرفاعي ، والتي اثبتت ان المجلس لم يكن موجودا بالكامل ، يعاني المجلس من غياب الثقة عليه قبل الحكومة ، تغيرت الحكومة وبقى المجلس ، وهو اليوم يقدم اول التنازلات عن ذاته الذي كان واضحا في حكومة الرفاعي التي هي بالتأكيد ليست افضل من حكومة البخيت في اي اتجاه حاول النواب تبريره..!!
باستثناء النواب الثمانية الذين حجبوا الثقة في حكومة الرفاعي ، وكان حالهم كذلك مع الحكومة الحالية ، غير النائبة السردية التي امتنعت بدل الحجب ، فان العدد الاكبر من الحاجبين يمتلكون مواقفا مرتبطة بسمعة المجلس النيابي الحالي ، والتي تتعالى الاصوات في هذه الظروف السياسية بحله ، وحل مجلس النواب اليوم يعني غياب الغالبية العظمىى من النواب ، عن المجلس القادم فيما لو تغير قانون الانتخاب ، وهذا يعني ان اعضاء مجلس النواب كانوا يخوضون في هذه الجلسة معركة البقاء ، وتنازل أكثرهم عن ارثه السياسي الذي يؤيد كل الحكومات ، وعارضوا حكومة البخيت أملا في الإبقاء على سمعة المجلس والتخفيف من حدة الشارع العام الذي يطالب بحل المجلس وتعديل قانون الانتخاب الذي جاء بالسادة النواب..!!
في هذا اليوم ستكثر التساؤلات لدى الشارع العام حول مواقف حجبت الثقة عن البخيت ومنحتها للرفاعي ، حيث كان يليق بحجبها عن الاثنين او منحها للاثنين ، هل تعارض ابنة رئيس الوزراء الاسبق مضر بدران حكومة ابن المؤسسة العسكرية ، وتؤيد حكومة ابن الشركات المهيمنة ، هل يؤيد أمين عمان الاسبق حكومة القوانين المؤقتة ويعارض حكومة ابن جلدته من عشائر العبابيد ، ما الذي يعارضه رجل الاعمال الخيرية ( ابو حسين) في الدائرة الاولى ، في البخيت ويجده منسجما معه في الرفاعي ، ما الذي اراد ان يقوله فلول اليسار ، النواب المسيحيون في الزرقاء واربد عندما حجبوا الثقة عن البخيت ومنحوها مع سبق الاصرار لحكومة الرفاعي ، ما الذي اراده ابن بني حسن العريق عندما هاجم حكومة الرفاعي واتهمها بمحاولة اسقاطه في جرش ومنحها الثقة ، ثم قرر ان البخيت دون ذلك ، ما الذي اراده العين القادم من مجلس نخبة جلالة الملك الى محافظة عجلون عندما يحجب الثقة عن البخيت ويمنحها للرفاعي ، ما الذي كان يدور بخاطر النواب التاريخيين كالدغمي وشنيكات عندما قرروا ان الرفاعي الذي حلت حكومته بعد أربعين يوما من ثقتهم انه كان يصلح لادارة البلد ولا يصلح لها البخيت ، ما الذي اراده نحو عشرين نائبا اخر لم يسمع بهم أبناء الوطن الكبير الا في حدود دوائرهم الصغيرة والوهمية حسب قانون الانتخاب الذي انتخبتوا فيه ، ماذا اراد كل هؤلاء ان يقولوا في الرمق الاخير...!!!
ان حجب الثقة عن اية حكومة هو حق لاي نائب ، وترتفع في العادة اسهم النائب الذي يحجب الثقة لدى عامة الجمهور ، وتتراجع عند الحكومة ، وقد خضع في السابق بعض النواب لضغط المطالبات في دائرته الانتخابية من اجل منح الثقة للإبقاء على خط التواصل والمكاسب مع الحكومة ، لكن الصورة اليوم تنقلب معكوسة ، يحجب النواب الثقة مضحين بأواصر القرب من الحكومة من اجل الإبقاء على مجلس نواب حله يعني رحيلهم عن عالم السياسية ربما إلى اجل غير مسمى..!!!