يطل علينا القرضاوي مع كل حركة شعبية ليبدأ نصائحه ودعوته للشعب العربي الى التغـيـير ويدعوهم للنزول الى الشارع وطبعآ النزول الى الشارع الذي يدعو اليه القرضاوي لن تكون دعوى لتناول الآيس كريم مع الأصحاب عللا طرف نهر النيل أو صحن كنافة أو تشجيع منتخب ما , انما يدعو الى المواجه مع قوات مسلحة والبدء بالهجوم عليهم مما ينتج عنه اثارة للشغب والفوضى والعشوائية وفقدان الأمن وقتل الشباب في البلد العربي وتسود حالة لاقانون وبالتالي ينتج عنه ضحايا بالآف بينما هو يحتسي قهوة أمريكان اكسبرس في حديقة قصره بالدوحة.
فهذه دعوة الى مواجهة الموت فالدين لايحثنا أن نقاتل مسلمين آخرين حتى لاتكون فتنة ولا يحثنا على التهلكة و قتل أنفسنا في مواجهة بين أعزل خام ضد مسلح متمرس متدرب, قال الله تعالى (ولاتقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيمآ ومن يفعل ذلك عدوانآ وظلما فسوف نصليه نارآ وكان ذلك على الله يسيرا) – سورة النساء-آية 29 –
كما أنه لم يدعو حتى الى الصلح بين الحاكم وبين شعبه والى ايجاد الحلول العادلة والوسطى التي تضمن حق الشعب دون اراقة الدماء ودون اهدار جسد المسلم ودون أن نرى المشهد الذي يبكي له قلب كل مسلم وكل عربي عندما وجدنا أهلنا في مصر العروبة يتقاتلون بالقنابل والسكاكين وكذلك في ليبيا الحبيبة وفي اليمن السعيد لقول الله تعالى ( انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) سورة الحجرات – آية 9
وعلى ضؤ ذلك وجدنا كيف تكون دعوة القرضاوي للشعوب االى الإحتكام الى الشارع هي دعوة الى الإقتتال بين الاخوة ودعوة الى فوضى عارمة ونار تحرق الأخضر واليابس , فقد وصل القرضاوي الى ساحة التحرير محاطآ بهالة من اتباعه ومن ثم امتطى المنبر وبدأ بخطبة نارية بالوقت الذي منع فيه أحد أبطال هذه الإنتفاضة الشعبية وائل غنيم من حتى الصعود الى المنصة وذلك كي يستاثر بثمار الثورة, فهل كان القرضاوي يستطيع التهجم على حسني مبارك سابقآ أم الآن فقط بعدما نجح الشباب فامتطى على أكتافهم ومن ثم يخطب باخواننا الليـبـيـيـن ويدعوهم الى وقفة رجل واحد لمواجهة الموت, فالقذافي يرى في نفسه الشرعية وفئة من الشعب يرونه فاقد لهذه الشرعية فكان حلي به أن يدعوهم الى الحوار بدلآ من دعوته لهم الى الإنتفاضة الدموية القاتلة قال الله تعالى (والفـتـنـة أكبر من القتل) سورة البقرة – آية 216
وقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ذلك خير وأحسن تأويلا) سورة النساء –آية 59-
ياعرب يا مسلمون انتبهوا من هذه الإنتفاضات وأعلموا أنها مسيسة من قبل أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا وغيرهم من الدول , فهل ترجون من الأمريكان أي خير فلو كنتم ترجون منهم الخير فانظروا الى الديمقراطية الأمريكية التي زرعتها في العراق بعد اعدام رئيس عربي شرعي للعراق بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل وقصف العراق العظيم بوابل من الأسلحة الذكية تارة والأسلحة الغبية تارة أخرى... فهل من محتج؟ أين قنواتنا العربية والإسلامية من هذا؟ أين القرضاوي عندما دكت الفلوجة ودمرت بطائرات البي 52؟ أين القرضاوي وغيره من شيوخ الفضائيات عندما دكت طائرات الأباتشي المسلمون العزل الأبرياء في أفغانستان؟ أين هؤلاء الشيوخ عندما قصفت السودان في عهد كلنتون؟ لماذا لم يدعونا القرضاوي لوقفة رجل واحد ضد البربرية الأمريكية في العراق؟ بل دعى الليبيون ضد معمر القذافي , لماذا سميت الإنتفاضة بالفلوجة وباقي أجزاء العراق بالتمرد الإرهابي بينما سميت الإنتفاضات العربية الأخيرة بالثورات فلو كانت عكس المصالح الأمريكية لأسميت بحركات تمرد ارهابية , حقآ هي ثورات لكنها برعاية أمريكية خفية فعلينا أن نحذر من هذه الرعاية التي لاتريد لأمتنا الخير عندما أعدم صدام حسين قال بوش الصغير ان العراق بدون صدام أفضل حالآ وأكثر أمانآ فهل العراق حقآ أفضل حالآ وأكثر أمنآ مما كان عليه في عهد الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله ورفاقه رحمة الله عليهم.....بالطبع لا.
فاذا كان الخروج على الحاكم سيسبب الفتنة والقتل للشعب المسالم وجب علينا توخي العقل ومعرفة أن الأمريكان لعبتهم كبيرة وطويلة الأمد بحق عالمينا الإسلامي والعربي فلنذكر ما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من كره من أمير شىء فليصبر فانه من خرج من السلطان شبرآ مات ميتة جاهلية) وذلك لنتجنب الفتنة.
فدلَّ ذلك على أن الخروج على السلطان المسلم من أمر الجاهلية التي يجب على المسلمين البعد عنها، وأن من خالف الأوامر الإلهية والتوجيهات النبوية في هذه المسألة أو غيرها لم يجنِ من وراء ذلك على نفسه وعلى غيره إلا الويلات والفتن قال الله تعالى(فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) سورة النور – آية 63
فالنطالب بالإصلاحات لكن بالوقت ذاته نتجنب المواجه الدموية ما يترتب عليه تيتم الأطفال وترميل النساء وتعطيل كثير من المساجد والمدارس والأسواق والمزارع والمصانع وترويع الآمنـيـن.
الخروج ضد الحكام بلية من البلايا لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : ( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه) فماذا تظنون أمريكا تفعل بكم يا أمة العرب وأنتم تعلمون أنها ما أرادت يومآ خيرآ للمسلمين والعرب فلاننسى قول بوش الصغير عندما قال ان حربه في العراق هي حربآ دينية وهي امتدادآ للحروب الصلـيـبـية (مع كامل احترامي وتقديري وحبي لإخواننا العرب المسيحـيـيـن , فكلامي هذا لايعنيهم).
أمتي يا أمتي... نعم للإصلاح لكن لا لسفك الدماء ولاتعطوا للأمريكان الفرصة للعب بكم فقد استغلوا نقاؤكم وقلوبكم الشفافة وعاطفتكم الجياشة لتنفيذ خططهم , فقد استغلوا غضب شعبي كامن وفساد نخبوي فهم من غذوا هذا الشعور المتناقض بين بعض الحكام وشعوبهم فاحذروا مكر الأمريكان ومثل العراق الحبـيـب ليس ببعيد عنا .
فنحن في فتنة وتالله أنني أحب أمتي الإسلامية والعربية ولا أريد لها الفتنة ولا أريد أن يتلاعب الأمريكان بنا فاتق الله بنا يا قرضاوي فأنا مشفق عليك فأعلم أنك ستسأل يوم القيامة عما تقول.
لذلك في حال الفتنة علينا اللجوء للقرآن والسنة وهنا أختتم كلماتي الحزينة هذه بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان أشد الخلق حرصآ على ابتعاد أمته عن القتل والدماء لمعرفته صلى الله عليه وسلم بعظم شرور الفتن (حديث محمد بن سهل بن عسكر التميمي حدثنا يحيى بن حسان (الخ)....قال حذيفة بن اليمان قلت يارسول الله انا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر قال : نعم قلت هل وراء ذلك الشر خير قال : نعم قلت فهل وراء ذلك الخير شر قال نعم قلت كيف؟ قال (يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستـنون بسنـتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس) فقلت : كيف اصنع يا رسول الله ان ادركت قال (تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فأسمع وأطع) ...أكده ابن حجر..أكده الإمام الحافظ الذهبي رحمهما الله.
بني وطني تذكروا (الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) والله من وراء القصد.
اعلامي أردني