مفهوم جديد بدأ يظهر في عالم السياحة ولكن لغاية الآن لم تتبلور أدواته وآلياته وعناصره ومتطلباته ، ولكن يمكن القول أنه في البداية قد يمثل التزام الدول الراعية للسياحة وبخاصة الإسلامية منها بثوابت الشريعة الإسلامية عند تقديم منتجاتها السياحية ، و هو ما يعني أيضاً المزاوجة بين صناعة السياحة ومتطلباتها العصرية وفقاً للأسس والمعتقدات التي يحملها السائح المسلم تحديداً .
السياحة الإسلامية لا يعني تقديم أو اختراع منتجات سياحية خاصة بالمسلمين ؛ ولكن يجب مراعاة مشاعرهم ومعتقداتهم الدينية عند تسويق المنتجات السياحية الخاصة بهم ، ولنكن أكثر انفتاحاً على العالم الغربي ونفرض عليه متطلباتنا وأذواقنا ورغباتنا بدلاً من أن يقوم بفرض ما يريده علينا . والسياحة الإسلامية على شاكلة البنوك الإسلامية التي قامت بتطوير نماذج وأدوات مصرفية نابعة من صميم الشريعة الإسلامية تشبع رغبات وأنماط السياح المسلمين .
وهنا أقصد مثلاً ، أنه يمكن تخصيص فنادق خاصة بالمسلمين وهذا قد يبدو للبعض - تمييزاً عنصرياً - أو ممن على شاكلتهم من السياح خاصة نمط سياحة العائلات التي تبحث عن أماكن سياحية معينة وبنفس الوقت تبحث عن ظروف سياحية آمنة أخلاقياً وفكرياً في ظل الغزو الفكري والثقافي الذي نتعرض له صباحاً ومساءاً .
من المفيد لهذه الفنادق أن لا تتحفظ على تقديم خدمات الفندقة العصرية التي يطلبها السائح ولكن بضوابط إسلامية ، وعليه يعد عدم تقديم الخمور وشواكلها وعدم وجود بائعات الهوى وقبل ذلك عدم السماح بممارسة الرذيلة في هذه الفنادق سبب أدعى للإقامة فيها . كما في حالة المسابح والبرك المائة المحيطة بالفندق فقد يمنع الاختلاط فيها وربما يخصص مسابح للنساء في أوقات تختلف عن مسابح الذكور .
ناهيك فوق ذلك الالتزام بتقديم سياحة تهدف إلى تنمية الشعور الإيجابي لدى الفرد سواء من خلال قنوات البث الفضائي في هذه الفنادق ، وربما يصل الأمر إلى تقديم الخدمة الفندقية وما يشملها من خدمات المطاعم والترفيه في الجمنازيوم والتسلية وغيرها من خدمات الفندقة ؛ من قبل أفراد متخصصين وملتزمين بالحد الأدنى من الزي الملتزم غير المثير أخلاقياً . وربما ينطبق الأمر كذلك على إقامة الحفلات والسهرات الملتزمة الخالية من الفجور الأخلاقي
ربما كان التركيز في هذا المقال على الفندقة الإسلامية باعتبارها أهم عنصر من عناصر صناعة السياحة الإسلامية ، والقناة التي يتم من خلالها توجيه السائح ، ولكن يمكن القول أن صناعة السياحة سلسلة طويلة ؛ تعتبر الفنادق إحدى حلقاتها وهذا يعني ضورة وجود حلقات أخرى تبدأ من البرنامج السياحي نفسه والمنتج السياحي المطلوب ، وحتى وكيل السياحة نفسه، وربما تكون التشريعات والقوانين السياحية الحكومية الناظمة لهذا النمط السياحي مفتاحاً لتطوره وتقدمه .
في هذا المقال حاولنا تسليط الضوء على نمط جديد من صناعة السياحة ، والذي من الممكن أن يستقطب آلاف العائلات السياحية العربية والخليجية ، وربما يساهم في ظهور الطلب الكامن في العائلات السياحية الأخرى التي ترغب به ، وعندها يصبح من الضروري دراسته وتكوين الأسس العلمية التي تساهم في بزوغه وتطويره على أرض الواقع .
الدكتور إياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com