بقلم: أحمد عطاالله النعسان
الإصلاح السياسي ومحاربة المفسدين والواسطة والمحسوبية والدعوة إلى العدالة في توزيع الوظائف العليا ومنحها لمستحقيها، والمطالبة بحرية الصحافة في إطار الأدب والمسؤولية، واحترام حقوق الإنسان وعدم المساس بكرامته وتساوي جميع المواطنين بالحقوق والواجبات، حق شرعي في أي بلد بل إنه غاية كل الأحرار من أبنائه، ولكن عندما يختلط حابل الإصلاح بنابل الصراخ يجب الوقوف مطولا عنده والتحقيق والتبين والتمييز بين من ينادي بالإصلاح وهو مؤمن به ويريده حقيقةً وتطبيقا فعليا على أرض الواقع، وبين من يركب موجة التظاهر والصراخ لا لشيء ولكن لتسجيل دور وكسب شعبية على أكتاف زعزعة أمن البلد واستقراره، أقسم أن حصول شيء من هذا القبيل طامة كبرى ومأساة وطنية حقيقية وعندها سيكون الصارخون هم من بحاجة لإصلاح حقيقي.
كلنا يوقن تماما أننا نمر بمنعطف خطير وأن حال الدول من حولنا أكبر دليل على ذلك، نحترم رغبات الجميع بالتغيير نحو الأفضل ولكن يجب أن تكون المطالب واقعية ليتم مناقشتها بواقعية، ولزاما أن نعرف ما هو التغيير المطلوب حتى نناقشه بجدية ويتم عرضه على المسؤولين وانتظار الرد والنتائج الفعلية، يجب على الجميع القفز فوق الشخصنة والتحزب والتخندق ضيق الأفق والنظر والتمعن جيدا بحال الأمة وأردننا الغالي جزء لا يتجزأ منها، بل إننا كنا وسنبقى دائما رأس الحربة في مواجهة العدو الأول لهذه الأمة وهو الكيان الصهيوني الغاصب، لهذا يجب علينا حساب أي خطوة جيدا قبل أن نهم بالقيام بها، ولا يعني إن خرج الملايين في مصر وتونس وليبيا واليمن ودول أخرى أن حال بلدنا مشابه أو أنه واجب علينا الخروج لنكون معارضين ومنتقدين، نحن نسجل تقديرنا واحترامنا لكل الثورات التي قامت وتقوم ضد الظلم والإضطهاد والقهر، ولكن نسجل ألف علامة استفهام لكل أولئك المهرولين للتصريح في قنوات لا تنعق إلا بالخراب تسب بلدنا الغالي جهارا نهارا، ولا أعرف إن كان هذا التصريح هو قمة أمنياتهم وغايتهم الرئيسية من الصراخ والتظاهر، أستغرب أين كانت هذه الأصوات عندما كتبنا وغيرنا مئات المقالات المطالبة بوقف الفساد ومحاربة أهله وزبائنه في الفترة السابقة.
المعارضة حق يكفله الدستور ولكن إيذاء الوطن لا يمت للمعارضة بصله، واستغلال الظروف الطارئة والمستجدة على أمتنا لعكسها على الداخل الأردني مرفوض بالكلية، نعم للتعبير الحضاري عن الرأي، نعم لإيصال الصوت للمسؤول، نعم لحفظ كرامة الشعب، نعم لمجلس نواب حقيقي يأتي نتاج قانون انتخاب فريد وعصري، نعم لمجالس بلدية قوية وفعالة ومهنية ناتجة عن قانون صائب ومدروس وإنتخابات حرة ونزيهة، نعم لتصحيح سلم الرواتب والفروقات الهائلة بين موظفي الدولة والهيئات، نعم لحرية التعبير، نعم لتساوي الفرص والعدالة الوظيفية، نعم لمحاربة كل أشكال الترهل والفساد والبيروقراطية المقيتة، نعم لنشر نتائج التحقيق في قضايا الفساد الكبرى، نعم للإفراج عن أحمد الدقامسه، نعم لكل هذا وغيره ولكن ألف ألف لا للمساس بأمن وسيادة وكرامة أردننا الغالي، فكل مطلب دون ذلك يمكن مناقشته والنظر في إمكانية تحقيقه، كل الصلاحيات تنتهي عند خط أحمر واضح وجلي لكل أردني غيور ولكل متربص ومتنفع، فأمن هذا البلد وحفظ وحدته ولحمة أهله خط من الجمر يمنع الإقتراب منه أو المساس به أو حتى المحاولة، حفظ الله الأردن وسائر البلدان العربية والإسلامية ووقانا الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه.
Abomer_os@yahoo.com