كاظم الكفيري
أهم ما يمكن ملاحظته في الثورة المصرية التي قادها الشباب المصري أنها ثورة قيم أولاً وقبل كل شيء ، انها ثورة قيم لأنها تأسست على رفض الظلم والاستغلال وسياسات النهب والافقار التي نهجتها مجموعة صغيرة من رجال الأعمال والبزنس المتحالفة مع مركز صناعة القرار المصري .
الوطن العربي عرف صيغ مختلفة من التغيير ، تلك الصيغ التي عبرت عنها الانقلابات العسكرية في أكثر من بلد عربي ، والتي أسهمت الى حد كبير بعسكرة السياسة .
الثورة المصرية كانت تعبيراً مدنياً وديمقراطياً راقياً تجاوزت كثيراً تلك الوصفات الجاهزة التي عملت الادارة الاميركية على تكريسها في الوطن العربي ، على غرار الثورات الملونة التي دعمتها هذه الادارة في أكثر من بلد في العالم ، والتي أفضت الى أزمات سياسية طاحنة .
لقد فاجأ الشباب المصري ومعه التونسي العالم أجمع بهذه الطريقة الذكية للتعبير ، لم يجبره الفقر على ارتكاب الجريمة ، ولم يجبره الحرمان والقهر على ممارسة سلوكيات مشينة ، ولم تجبره تلك الظروف على صناعة استجابات سلبية معاكسة ، ولكن تلك الظروف صنعت منه شباباً عزيزاً يعرف كيف ينتزع حريته ويجميها اذا جدّ الجدّ .
لقد فاجأ شباب الفيسبوك الجميع ، لم يكن فارغاً كم توهم الكثيرين ، ولم يكن مائعاً كما ظن آخرون ، ولم يكن أجوفاً كما راهن أشد المتفائلين ، كان خزّاناً من الاحتجاج ورفض الظلم ، سرعان ما تفجر بحسه المدني الديمقراطي كما رأيناه جميعاً .
هذا الشباب الذي استطاع أن يصنع من ثورته ثورة قيم يستطيع أن يدافع عنها ويحميها ، ويستطيع دائماً أن يعيد انتاجها ببرامج وخطط ومشاريع وطنية ، فهنيئاً له ثورته الديمقراطية الظافرة وهنيئاً للديمقراطية بهذا الشعب العظيم .