عبد الله منذور لأمته، وجندي من
جنودها، وبقية خطاب من الإذاعة إلى الأردنيين، نثر فيه الحسين فرحه
الغامر. فقد أعاد عبد الله بن الحسين إلى تاريخنا صورة الملك المؤسس في
استمرارية هاشمية دخلت تاريخ هذه الأمة بمحمد بن عبد الله.. وستبقى إلى
الأبد!.
كنّا في الإذاعة نشارك «سيدنا» فرحه، وقفنا عند بداية
الدرجات الخمس لنبارك ونستقبل، فسيدنا لم يكن غريباً عن هذه المؤسسة، فقد
كان يزورنا ثلاث مرات في الأسبوع. ويشرب شاياً كثيراً. وكان رحمهما الله
هزاع المجالي رئيس الوزراء، ووصفي التل مدير الإذاعة وطويل العمر صلاح أبو
زيد في الاستقبال والتوديع وكنّا في ظلال الرجال الكبار. نملأ الأثير
العربي والأردني بالاعتزاز الوطني!!.
نذكر ذلك اليوم في عيد ميلاد الملك، والقائد الشاب وكأنه أمس، فالأيام
والسنون تمر، ويبقى بلدنا يكبر بأبنائه. وقد أتيح لي مؤخراً أن أزور
جامعتين: مؤتة ثم الهاشمية، وقد دهشت لهذا الامتلاء العمراني والبشري بين
عمان، والكرك والمفرق.. فلم تعد المساحات صحراء فارغة، ولم تعد الذئاب
سيدة المكان.. فهي الآن مدن صناعية، ومزارع، وقرى وجامعات ومشاريع كبيرة،
وفي الجامعتين أكثر من أربعين ألف طالب هم حلقة متتابعة من السلسلة
الذهبية، فنحن من جيل لم يكن عندنا جامعة، لكن كان عندنا قيادة، وأمل،
وأناس يحفرون الصخر بأظافرهم ليحققوا مكاناً لهم تحت الشمس.. وقد وصلوا!!.
عيد ميلاد عبد الله بن الحسين، هو عيد للأردن وللتقدم والازدهار، وعيد
للأمة العربية، فهذا الهاشمي يحمل الحلم القومي الذي حمله جده الحسين بن
علي، وجده عبد الله بن الحسين وجده طلال بن عبد الله ووالده الحسين..
وحمله آلاف الرجال الذين رفعوا علم الثورة من مكة إلى حلب، وأقاموا دولاً
في الحجاز وسورية والعراق والأردن.
وإذا كان الأجنبي المستعمر، وفراخ الاستعمار نجحوا في اطفاء شعلة الأمل في
أكثر من مكان.. فإنّ الأردنيين ابقوا، رغم الصعوبات والكوارث، على جذوة
الأمل مشتعلة.. وصار الأردن الصغير، الفقير المكدود.. حجر الزاوية!!.
.. لعبد الله الثاني، كل المحبة والاحترام والتقدير لجهده وعطائه العظيم.. وكل عام ونحن بخير!.