فاجأتني ابنة اخي في انها
علمت ان احد دكاترة الجامعة الاردنية قد تحدث عن كتابتي مطولا ، سر
المفاجأة ان المادة التي يقوم بتدريسها لا علاقة لها باللغة العربية او
الاداب او في فن المقالة مثلا ، ولا علاقة لها بالسياسة ولا علم الإجتماع
، بل هي مادة في فن العلاقات العامة والتسويق - حسب ما فهمت - .
المقصود
ان الدكتور يعتبر الكتاب الساخرين ، بأنهم - بواسطة السخرية - يقومون
بتسويق افكارهم الجادة جدا على الناس ، وهذا صحيح تماما.لكننا - غالبا -
لا نصلح الا لهذا النوع من التسويق..تسويق الأفكار ، او بالأحرى ايصالها
الى الناس بشكل سهل ومريح ، حتى الأفكار المحزنة والمريرة يتم توصيلها
للناس مغلفة بالسكر والشوكولاته. لا نقصد بذلك حث الناس على الإكتئاب او
احباطهم ، بل المقصود ان نلقى نظرة على تصرفاتنا الخاطئة بشكل ساحر لعلنا
ندرك سخافة هذا الممارسات ونمتنع عنها .... وهذا احد اهداف السخرية.
نعترف
ان استخدام بعض الكلمات العامية احيانا او ادخال بعض النكات ، لا يكون
مقصودا بذاته بقدر ما يقصد فيه فتح قلب المتلقي تمهيدا لتوريطه في تقبل
وجهات نظرنا بدون نقاش ، وهذه ابسط وانجح طريقة لتسويق الأفكار .لذلك
اعتبر هذا الدكتور - الذي لم اتشرف بمعرفة اسمه - ذكيا في كشف تقنيات
السخرية التي استخدمها انها وزملائي الساخرين.
الذي لا يعرفه
الدكتور المحترم ، اننا لا نعاني كثيرا من ايصال الفكرة للناس وللمسؤولين
...للجميع ...عدا رئيس التحريرالمسؤول او (المقص المناوب) ، وأننا رغم
محاولاتنا ان لا نتعرقل بالخطوط الحمراء ، الا اننا نفشل كثيرا ، لأنها
خطوط وهمية وغير مرئية ومتحركة ، وتحتاج الى متنبيء سياسي - على شاكلة
المتنبئ الجوي - يدلنا على طقس الحكومة خلال الأسبوع المقبل مثلا ، متى
تقترب المنخفضات القطبية لنقوم بتخفيض سقوفنا قليلا ونرتدي البالطو ، ومتى
تحصل المرتفعات ، ويحذرنا من الصقيع ، وانعدام الرؤية والرياح المثيرة
للغبار احيانا.
عزيزنا الدكتور المحترم ،
نحن اساتذة في فن تسويق الأفكار ، اذا لم يقف في طريقنا هادم اللذات ومفرق الجماعات..رئيس التحريرالمسؤول طبعا.
ghishan@gmail.com