بقلم المخرج محمد الجبور - لا فرق بين القارات اليوم سوى في نسب الإصابات وطرق التعامل مع هذه الجائحة أن البشرية تواجه عدواً واحداً مشتركا لا يفرق بين أبيض أو أسود أحمر أو أصفر غني أو فقير متعلم أو جاهل وأحسب أن بعد زوال غمامة كورونا ستتغير معالم وخطط وسياسات واستراتيجيات ورؤى بل وربما تتغير موازين القوى في العالم وبالمثل ربما التحالفات والتكتلات والاتحادات أيضاً لقد صار إلى حكم المؤكد أن هذا العالم لن يكون كما كان قبل جائحة كورونا
فيروس كورونا أثبت سرعة انتشاره مستفيداً من نظام العولمة الذي حول الكرة الأرضية إلى قرية كونية بحيث سهّل انتقال الأشخاص وهي الحرية التي سهّلت بدورها انتشار الوباء من دون حاجة إلى الحصول على اذن أو تأشيرة بدليل أن الوباء بدأ في منطقة محددة من الصين ثم انتقل خلال أيام إلى باقي أنحاء العالم عابرا للقارات
والمفارقة هنا هي أن العولمة بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية كانت تخدم أنظمة رأسمالية دولية ويتم توظيفها لخدمة مآرب ومشاريع تصب بشكل خاص في مصلحتها على حساب الفقراء من دول وشعوب ولكن مع فيروس كورونا انتفت أي فروقات طبقية وساد ما يمكن تسميته اشتراكية المرض بحيث أصبح الفقير والغني ليسا بمنأى عن هذا الوباء ولم تكن الأنظمة ومن يمثلها في هرمية السلطة بعيدة عن مخاطره وبذلك أصبح الوباء عابرا للطبقات الإجتماعية بكل متدرجاتها وتصنيفاتها
من السنن الكونية حدوث تحولات في الأنظمة السياسية والاقتصادية وبخاصة عقب الحروب أو الانقلابات أو الأوبئة وما نشهده اليوم من وباء عالمي وكأنه حرب عالمية ثالثة تختلف عن الحروب التقليدية هو وباء اجتاح العالم خلال أيام وأسابيع قليلة مما استدعى نزول الجيش في العديد من دول العالم لمواجهته ولكن من دون جدوى
وأصدر هذا الوباء ورقة النعي الرسمية للعولمة فتحول العالم من قرية كوتية واحدة إلى قرية كورونية واحدة فكسر الحواجز وانفتاح الحدود سهّل من مهمة هذا الجندي في احتلال ما يريد من مدن
في هذه الأوضاع تكشفت حقيقة النيوليبرالية والرأسمالية المتوحشة التي تستثمر بأدوات الكوارث ولم تجلب للبشرية إلا الخراب والدمار والويلات
لا فرق بين القارات اليوم سوى في نسب الإصابات وطرق التعامل مع هذه الجائحة أن البشرية تواجه عدواً واحداً مشتركاً لا يفرق بين أبيض أو أسود أحمر أو أصفر غني أو فقير متعلم أو جاهل وأحسب أن بعد زوال غمامة كورونا ستتغير معالم وخطط وسياسات واستراتيجيات ورؤى بل وربما تتغير موازين القوى في العالم وبالمثل ربما التحالفات والتكتلات والاتحادات أيضاً لقد صار إلى حكم المؤكد أن هذا العالم لن يكون كما كان قبل جائحة كورونا
قد دخل العالم أجمع في تحد أمام هذا الفيروس المميت وتغيرت وجهات الجيوش العالمية التي كانت تضع نصب أعينها التهديدات الخارجية لتتحول وجهتها إلى حماية جبهتها الداخلية فلم تعد مهمة حماية الحدود أولوية لتلك الجيوش بقدر ما أصبح يهمها تطبيق قرارات حظر التجول وملاحقة المخالفين والقيام بعمليات التطهير في الشوارع والأماكن العامة
أن هذه الجائحة فرصة لخلق عالمٍ جديد يأخذ بعين الاعتبار الإنسان كإنسان عالمٍ أكثر عدالة ينظر بعين الإنصاف إلى الأفراد