في غمرة الحديث عن الإصلاح والتغيير نحو الأفضل في بلادنا، نريد تسليط الضوء ولو قليلاً على فئة مهمة في مجتمعنا الأردني، هذه الفئة ربما تكون هي من أهم الفئات المساهمة في عملية الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد في أي مجتمع، وهي الفئة التي تشكل مايزيد عن ال70 بالمئة من عموم فئات الشعب الأردني، أعتقد بأن الكثيرين عرفوا الفئة التي نتحدث عنها، الفئة التي تحدث عنها جلالة الملك عبدالله الثاني في وقت سابق قائلاً: (ومن الحتمي أن يكون للشباب الأردني، الدور الفاعل والمشاركة الجدية في شؤون وشجون الوطن، فهم فرسان التغيير، القادرون على إحداث نقلة نوعية في مستقبل هذا الوطن وتحقيق الغد المشرق لأجياله المقبلة).
وما دعاني حقيقة لكتابة هذه السطور هو الإيمان العميق بأن هناك العديد من الشباب الأردني بذكوره وإناثه يحمل بين جنباته الكثير من الإبداعات والمبادرات والأفكار المتميزة، والتي للأسف لا تجد الدعم لترى النور أو حتى تدفن في مهدها في أوقات أخرى.
من حق الشباب المشاركة في إبداء آرائهم في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية بكل حرية في بلادهم، وإلا فكيف سيكونون هم مستقبل هذه البلاد!
لا أنسى يوم أن سمعت أحد الأعيان في أحد المؤتمرات للتنمية السياسية قبل ما يقارب السبعة أعوام، عندما إنبريت للدفاع عن حق الشباب في ممارسة حياتهم السياسية بكل حرية، وأن الخوف المتراكم عند الأهالي بسبب فرض الأحكام العرفية وإيقاف الحياة السياسية لمدة زادت عن الثلاثين عاماً لم يعد له مبرر، فتلقيت الرد من معالي العين، الذي رد على كلامي أمام معالي وزير التمنية السياسية السيد محمد داووديه حينها، وجميع الحاضرين من أعيان ونواب، بالقول: لو أنني علمت بأن أحد أبنائي سينضم لحزب من الأحزاب لمنعته بنفسي!
عندها قلت له: يا صاحب المعالي، إذا كان أعيان البلاد يتحدثون من هذا المنطلق، فلماذا تطالبون إذا بإصلاح سياسي وأنتم لستم مقتنعون بالعملية السياسية من أساسها، وكيف تطلبون من الشباب المشاركة في العملية السياسية وتمنعون أبنائكم من ذلك؟ ثم أليس جميع أبناء الشعب الأردني هم أبنائكم أيضاً؟؟
وأتسائل اليوم ترى هل الوضع لدى أعيان البلاد قد تغير بعد سبعة أعوام؟ لأنه إذا لم يكن قد تغير فكيف عندها يمكن أن تعمل الحكومة على إرساء قواعد لإصلاح سياسي في البلاد، ومازال البعض من أعيان البلاد يمنعون أبنائهم الشباب من المشاركة في أي حزب أردني، لعدم قناعتهم بهذه الأحزاب التي يصل عددها اليوم إلى ثمانية عشر حزباً.
تعمل الحكومة اليوم من أجل البدء بالحوار الوطني لإرساء قانون إنتخابي أفضل من القانون \"الكارثي\" الذي أقرته الحكومة السابقة، وهنا نتسائل هل بالفعل ستقر الحكومة الحالية قانون إنتخاب عصري، أم أننا سنبقى في دوامة الحكومات التي لا تستمر معظمها أكثر من عامين منذ مايزيد عن عشرة أعوام.
رأينا جميعاً كيف أن الشباب في البلاد العربية الشقيقة يستطيعون قيادة التصحيح والوقوف في وجه الفساد، ومن حق الشباب الأردني أن يساهم هو الآخر جنبا إلى جنب مع قيادة بلاده في رفعة بلاده والمحافظة على مقدراته.
ولاحظنا كيف أن الحكومة الحالية بدأت بوزراء من الخبراء، وإبتعدت تماماً عن عنصر الشباب، ربما بسبب التجرية الفاشلة للحكومة التي سبقتهاوحملت الكثير من الوزراء الشباب بين أركانها، ونتمنى أن لا ينعكس هذا الأمر على عمل الحكومة الحالية في تهميش عنصر الشباب بالكامل.
ونتذكر كيف أن قدوتنا رسول الله \"صلى الله عليه وسلم\" والذي لنا فيه أسوة حسنة أناط قيادة الجيش الإسلامي لشاب يقارب 18 عاماً يوما ما، وذلك برغم وجود كبار الصحابة حينها من أمثال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم، وقد قاد أسامة بن زيد الشاب جيش المسلمين إلى نصر كبير وعاد من أرض الروم مظفراً في هذه المعركة.
نريد أن نكون جميعاً يداً واحدة في داخل حدود وطننا الحبيب وخارجه، يداً تعمل على تشريف وطنها وتعزيز صورته الناصعة دائماً، ونقولها مجدداً لنسعى معاً إلى تشريف بلادنا سواء كنا في داخل أسواره، أو كان هو بداخل أسوار قلوبنا، ومن أجل ذلك يجب أن لا ننسى فرسان التغيير ...
من أجلك أنت يا وطن...