سؤال طرحته على طلبتي في أحد المساقات الدراسية في كلية الإعلام ؛ هل افتقدتم الصحف الورقية على مدار الاسبوعين الماضيين ؟ ، وكانت الاجابة بصوت واحد " عن شو بتحكي دكتور !!" ، وبكل بساطة مثل فيروس كورونا القشة التي قسمت ظهر الصحف الورقية ، فهل نقر ونعترف بأن الزمن تغير ، أم علينا أن نبقى نقاتل طواحين الهواء كدينكيشوت ؟ ، والذي جعلني أجبر على هذه الكتابة ماجاء على لسان مجلس نقابة الصحففين مطالباً الحكومة بتقديم الدعم للصحف الورقية في ظل آزمة كورونا .
ومنذ سنوات طويلة ونحن كباحثين في مجال الإعلام نحاول جهدنا لأخراج الصحف الورقية من آزمتها ، وهناك العديد من الدراسات التي تناولت علاقة الجمهور بكافة متغيراته الديموغرافية مع الصحف الورقية ،وجاءت كافة نتائج تلك الدراسات بأن تلك العلاقة بحدودها الدنيا ، وفي أسفل جداول النتائج من حيث المصادر التي يعتمد عليها الجمهور في الحصول على المعلومات ، وفي نفس الوقت توقفت وبشكل شبه نهائي أية دراسات تناولت تحليل مضمون تلك الصحف ، أو القيم الاخبارية بها ، أو الأطر الاخبارية التي تعمل من خلالها تلك الصحف ، وفي جانب أخر تصدرت الصحف الرقمية المراكز الاولى كمصادر للجمهور في حصولة على المعلومات ، وعلينا هنا أن لاننسى العدد المتزايد من الدراسات التي تناولت علاقة الجمهور مع مواقع التواصل الاجتماعي في الحصول على المعلومات ، وكذلك الدراسات التحليلية للمحتوى التي أخضعت تلك المواقع للدراسة .
وما سبق هو الجانب الأكاديمي من حديثنا ، والجانب الأخر والأكثر واقعية يتمثل بأن صحفنا الورقية ليست بحاجة لإنعاش أو محاولات إنعاش ؛ بل بحاجة لأن تعيد تشكيل بنيتها الداخلية ، وذلك من خلال إعادة هيكلتها والتخفيف من العبء المالي الذي تتحمله تلك الصحف دون وجود مصادر مالية لتعويض ما يصرف ، وإن كان هناك محاولات من قبل بعض الجهات الحكومية لإبقاء نظامها في علاقتها مع القانون يعمل بالورق ، وذلك من أجل حصول صحفنا الورقية على القليل من المال لعل وعسى يكفيها كفاف عيشها ، وهذه محاولات تعيدنا الى الخلف في زمن يطلق عليه زمن الحكومة الإلكترونية .
وفي ختام هذه الكتابة الموجعة لي شخصيا وللبعض ايضا ؛ علينا أن نتعامل وبكل منطق مع الواقع ولا نحاول إيهام أنفسنا بأن الورق ما زال له سلطة في زمن الإنترنت .