إن من أغرب الأمور ان ترى ثلة من الأشخاص يتنطعون هنا و هناك من اجل المطالبة بإصلاحات سياسية تنال من نظام الحكم في الاردن متناسين انه ما زالت الاردن تتغنى بنعمة الأمن و الأمان و الاستقرار الاجتماعي و الوظيفي ناهيك عن العلاقة بين المواطن و أفراد الحكومة التي تتسم بالقدرة على الأخذ و الرد بينما لا تستطيع أن تفوه بكلمة واحدة في بلد عربي أخر مجاورا كان أم بعيدا. و لتنظر أيها الناكر للجميل ( الذي يرمي حصى في البير الذي يشرب منه ماء) إلى أبنائك كيف درسوا و تعلموا في مدارس الحكومة و حصلوا على وظائف كيف انك تدعي البراءة و تتستر خلف قناع الإسلام مطالبا بالغالي و النفيس، حيث أخذتكم العزة بالإثم و لا نريد ان يترتب على الاحتقان الاجتماعي فتنة داخلية لعن الله من أيقظها.
ثم إن من اخذ يجر ثوبه راكضين - مطالبين بإصلاحات دستورية- وراء سراب خادع يحسبه الضمئان ماء، ترددون فقط ما تسمعون إذ لا ينكر احد أن ثمة فساد في بعض مؤسسات الدولة التي لا تخلو منها أي دولة في أي مكان أو زمان.... ارتفاع أسعار و رسوم جامعية باهظة التكلفة إذ يبيع الأب ما يملك من قطعة ارض أو ما تملك إلام من مصاغها الذهبي لكي يوفر التدريس الجامعي الجيد لفلذة كبده....لا غبار على ذلك. إنما الغريب في الموضوع إن القاصي و الداني أصبح يردد ما يسمعه دون وعي و لا إدراك. و لحساسية النسيج الأردني الذي يمتاز بديموغرافيته لا نريد أن يتكرر ما تألم النفس سماعه من أحداث مؤلمة عصفت بنا، و لا تنسى أيضا أن دمائنا اختلطت بعضها ببعض.
فأقول، نطالب بإصلاحات مباشرة و حاسمة ذات الصلة المباشرة بحياة المواطنين مثل مسألة احتكار بعض المواد الغذائية مثل الرز و اللحوم و إعادة دعم الحكومة للجامعات الرسمية و إعادة النطر في الضرائب الرئيسة و عدم العبث بأسعار المحروقات و منها الغاز ( تارة بإنقاص وزن الجره و تارة بزيادة السعر) . نطالب الحكومة ممثلة بأجهزتها باتخاذ الإجراءات الرامية إلى تحسين وضع المواطن بصورة مباشرة ومحاسبة المسئولين عن الفساد و تفعيل أنظمة مراقبة الأداء الحكومي.
نحن لا نريد قلب الأمور رأسا على عقب بل نريد ان نوفر الحياة الكريمة لعائلاتنا و أهلينا: الحلم الذي طالما راود الكثيرين من مختلف الثقافات من شتى المنابت و الأصول. كما نريد تفعيل دور مؤسسات الدولة بصورة حقيقية لا أن نعتمد على أفراد في تحصيل الحقوق الضائعة: فبعض مؤسسات الدولة متآكلة أرهقتها العنصرية الإقليمية و العنصرية المقنعة كما تأن عدة مؤسسات من الشللية و أن فلان محسوب على فلان. و من هذه المؤسسات التربية و التعليم و مديرياتها و مؤسسة العقبة الاقتصادية و وزارة السياحة و الآثار و المديريات التابعة لها و وزارة الصحة و المديريات التابعة لها ( و المخفي أعظم)، وأن أخشى ما أخشاه هو أن يطال الفساد بمختلف أشكاله إلى أعظم و أرقى جهاز في أي دولة و هو الجهاز القضائي مع العلم أننا لا نزاود على مختلف الأجهزة الأمنية التي هي سياج الوطن و ردعه الأمين.
و الأهم من ذلك، الإصلاح و الحرص على مؤسسات الدولة هو منهج كل مواطن و موظف أيا كانت مسؤولياته مصداقا لقوله عليه السلام ( كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) الذي أكد عليه جلالة الملك عبد الله حفظه الله و أعز ملكه في خطابه بتاريخ 11 تشرين الأول 2005 على اثر التفجيرات الإرهابية حيث قال جلالته بالنص ( و أرجو من كل مواطن و كل مواطنة في هذا البلد ان يعتبر نفسه جنديا و رجل أمن و أن عليه مسؤولية في حماية بلده لذلك مطلوب من الجميع المزيد من الحرص و الانتباه ......و كلنا يجب ان نكون يدا واحدة و قلبا واحدا في التصدي لهذه المجموعات الإرهابية الجبانة)
ابن الوطن المخلص
محمد شريف محمد فضيل عزايزة
عضو هيئة تدريس/اللغة الانجليزية
جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية
الرياض/ السعودية