انفجرت ناقلة الشعوب العربية في بحر أنظمتها مولدة بقعة كبيرة من زيت الاعتصامات والمظاهرات حملتها الريح بسرعة تجاه شواطئ كراسيهم. فاهتزت بعنف عند من كان من المركز مع وجود بعض الفقاعات هنا وهناك تكبر وتصفر حسب قربها أو بعدها من مركز التسونامي ألاعتصامي. وكان أقصى ما يفعله المعنيون بهذا الأمر هو أن يدعوا الله أن يبعدها عنهم دون جهد عملي الا بالاستجابة الفورية لمطالب الجماهير وخاصة المالية منها وهي تعلم انها تحمل الميزانية ما لا تطيق. فأصبح حالهم كحال من يعالج الدلف من سطح بيته بتحضير المزيد من الجرادل لاستيعاب الماء النازل دون أن يكلف نفسه عناء (تسكير) الدلف بالقليل من الأسمنت من قبل الشتوية.
لقد كانت الدول والأنظمة تُتهم من قبل المعارضة بأنها تدار من الخارج, لكن ما يجري على الساحة يدل على أن هذه الثورات ( ولا أقصد من يعتصم للمطالبة بحق مهني, انما أقصد من عينه على رأس النظام) هي التي تدار من الخارج أيضا بشكل مباشر أو بتقاطع المصالح. ولو أمعن كل منا النظر ودقق في الشرارة الأولى في كل بلد شهد مثل هذه الاضطرابات لوجدنا ان من أشعلها أو اقتنصها هو فلان الذي يدين لعلان بالخارج بالولاء وأكبر دليل على أن هذه الثورات انما تدار من الخارج ومن ذات الجهة ما غيرها هو أن هذه الثورات لا تشتعل في بلد الا بعد أن تهمد نارها في البلد الأول, فتنقل الجزيرة والعربية كاميراتها الى المسرح الجديد للأحداث تاركة السابق في حالة من الفوضى التي أصبحنا نسميها (بالخلاقة) بعد أن تقوض نظامه؛ فما كان للثورة بمصر أن تبدأ الا بعد ان انتهت بتونس, وبدأت بليبيا بعد أن وضعت أوزراها بمصر, ولن تبدأ بشكل قوي وفاعل كمركر تسونامي بأي مكان الا بعد ان تنتهي بليبيا حسب السيناريو المعد في الخارج, لهذا ربما يرفع البعض يديه و يكثر من الدعاء أن يطيل الوضع الراهن بليبيا أطول وقت ممكن لينجو بنفسه, أو أقل تعديل يخفف من القدر المحتوم. ولا أستغرب أبدا ما سمعت من أخبار عن قيام أنظمة معينة بدعم القذافي بالسلاح.
وبكل هذا الأجواء الملتهبة يطلع علينا أصحاب المسيرات بطلباتهم التي يرتفع سقفها كلما تحقق ببعضها ويطلبون السرعة حتى في المسائل التي طال عليها الزمن و يريدونها بجرة قلم, وعندما تدعوهم الحكومة للحوار تراهم يتحججون بعدم صفاء النية من قبل الحكومات, فأين الحل اذن؟ من الظاهر لنا أن المستفيدين الأساسين من هذا يريدون أن يطيلوا أمر هذا المسيرات أطول وقت ممكن وفي نفس الوقت يتباكون على مصلحة الوطن والمواطن وهذا يؤكد على مقولة أن هذه تدار من الخارج. لهذا ستبقى المسيرات الى أن يُمرر وضع سياسي معين في هذا البلد أو ذاك.
بين كل هذه المتغيرات يظهر المواطن العربي مغلوبا على أمره لا يدري أين يدير وجهه, فإذا أدار وجهه تجاه حكومته اتهمه الآخرون بالجبن , إذا قال "الوطن" اتهمه الجماعة بالنفاق, أما إذا سار مع الجماعة وهتف مع المعتصمين فلبرما يكسب رضاهم ويخسر رضا نفسه إذا كان غير مقتنع بما يجري ويخشى أن يصرح برأيه خوفا من اتهامه بأن يقف في وجه التغير.
هل يحق لهذا المواطن أن يرفع لافتة عريضة مكتوب عليها ( الشعب يريد أن يفهم شو اللي بصير). نعم من حقه ذلك, فكل من يتظاهر يتحدث باسم الشعب ومن يعتصم يعتصم باسمه ومن يدخل في مواجه مع الأنظمة فأنه يدحلها باسمه كذلك والكل يهتف : ألشعب يريد ..... وهو جالس جلسة المتفرج. ألا يحق لهذا الشعب أن يسأل سماحة وعطوفة وسعادة والرفيق فلان فلان الفلاتي الى أن يأخذنا؟؟ اذا كان حضرته عارف الي أين يتجه فأننا لا نعرف ولا نثق بما يحمل من لافتات باسمنا من باب أسمع كلامك أصدقك أشوف فعالك أستغرب و لأننا بصراحة لم نستشر بأي مسيرة أو تظاهره. ليعلنها صراحة انه يهتف باسم جماعته ويريحنا. ان مايجري هو مطامع حزبية فقط يلتم فيها الشامي مع المغربي من باب تقاطع معها بعض المصالح الأخرى لبعض الفئات, وهذا بذاته سيجر الوطن الى خلافات وانقسامات بين هذه الأطراف نفسها عند تقسيم الكعكة.
لا أدري الفائدة التي سأجنيها أنا المواطن اذا أصبحت الحكومة برلمانية (مع ضرورتها ان جاءت نتيجة حوار وطني) برئاسة هذا الحزب أو ذاك: هل ستُخرج لنا البترول؟ ام أنها ستخفض الضرائب, أم لعلها سترفع الرواتب؟؟؟ سيخرج لنا وزير مالية هذه الحكومة بنقس المنطق ونفس التبرير الذي نسمعه مل كل وزير مالية جاءنا.
لقد نصبتم أنفسكم دون انتخاب لتتحدثوا باسم الشعب وتعطون لأنفسكم الشرعية وتسحبونها من مجلس برلمان منتخب وتطعنون بشرعيته وهذا تناقض صريح؛ تفرضون أنفسكم دون انتخاب وتنكرونها على مجلس تشريعي منتخب.
بصراحة أنا كمواطن أعارض أن يحمل أحد لافتة ويقول فيها الشعب يريد ...... ليقل الحزب يريد أو جماعتي تريد أو حمولتي تريد حتى تكون دعوته مهضومة كما يقول أخواننا اللبنانيون.
وفي الختام أنت تريد وانا أريد والله يفعل ما يريد.
نسأل الله الخير لبلدنا.