بقلم المخرج محمد الجبور - في كتابه انهيار العولمة وإعادة اختراع العالم يشير الكاتب الكندي جون رالستون سول في إطار رؤية نقدية استشرافية لمآل العولمة في السنوات اللاحقة على أن صعود الظاهرة أضر بالعالم كما أن انهيارها سوف يحدث فراغا جديدا ومؤلما للعالم كله وبالفقراء على وجه الخصوص؛ بعد إضعاف دور الدولة وتحول الظاهرة إلى ما يشبه العقيدة الدينية التي أدًت إلى ضعف الاقتصادات المحلية وربطه بالسياسة الدولية الأمر الذي كرَس الهشاشة وضعف التنمية والإبداع في المجتمعات المحلية التي أضحت مرهونة لمزاج الأنظمة المتحكمة وللمؤسسات النقدية المحتكرة لسلطة اتخاذ وصناعة القرار وهذا ما دفع المفكر الهندي أمارتيا صن إلى القول إن الحل غير المتاح أمام الدول النامية هو توقيف عولمة التجارة والاقتصاد
فـالتبشير بأن تحرير التجارة والخدمات والقيم هي السبيل الوحيد لتحقيق النمو ودول الرفاه واعتبار العولمة المحرك الوحيد للتاريخ ونهايته أنتج ضعف الدولة وتهميش السياسات الاجتماعية وتدمير القطاع العام لصالح وهم الكفاءة في القطاع الخاص حتى دعا البعض إلى إنهاء دور الدولة وإعلان موتها مستفيدة من سقوط المنظومة الاشتراكية والتقدم التقني والعلمي
لكن فيروس كورونا عجل بتعرية العولمة التي لم تعد ذلك الخير المطلق كما روج له المروجون بل أضحت ذلك الشر الذي يهدد العالم ويوجه بوصلة قيادته نحو الهاوية فبعد أن كانت تبشر بالكونية والعالم الواحد أفرزت الرأسمالية المتوحشة عوالم مختلفة على طرفي نقيض عالم متقدم اقتصاديا وتقنيا وعالم مرهون وفقير يزداد خصاصا وتوحشا وبالتالي فأزمة كورونا أبرزت الوجه البشع لأثر العولمة التي ستترك وراءها العديد من الأزمات والصراعات الجديدة التي ستتمظهر في حروب بيولوجية وثقافية وإيديولوجية كذلك بين معسكر شرقي بوليسي تقوده الصين، ومعسكر غربي ينهل من الديمقراطية وحقوق الإنسان مرجعا له تقوده الولايات المتحدة الأمريكية