بقلم الدكتور ثابت المومني
لا شك في أن المعلم بمهنة ، يعتبر الجندي المجهول في مهنته ، فهو وفيّا لمبادئه وقيمه وأخلاقه، منفّذا لواجباته رغم كل الاحباطات والمعيقات، هذا الجندي الذي تأبى نفسه إلا أن يفني زهرة شبابه كي يبنى وينيرمستقبل غيره ليخرّج الوزير والطبيب والمهندس وكل من ينطق بكلمة وحرف.
اليوم وبعد الخلل الكبير ميزان التربية بين الأسرة والمدرسة ، أصبح المعلم هو الأب وألام والأخ والصديق وحتى العدو للطالب في بعض الأحيان ، مما جعل هذا المعلم في وضع لا يحسد عليه بعد أن أصبح شغله الشاغل في غرفة الصف وساحات المدرسة، العمل على ضبط اليوم الدراسي إضافة لتنفيذ مقررات العمل المدرسي على أكمل وجه ،.
لقد أصبح المعلم ضحية خلل اجتماعي واسري بحيث أصبح يقوم بكل ادوار العملية التربوية، مما ساهم في إفراغ رسالته المهنية من محتواها عندما تخلى الأهل عن واجباتهم فأصبح المعلم وحيدا في الميدان لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وصولا نحو مستقبل مشرق لأجيالنا من الطلبة.
إن \"الطامة الكبرى\" في كل ما يحدث، تمثّل في تنكّر الجهات الرسمية المعنيّة لحقوق المعلم رغم كل معاناته ، هذا المعلم الذي أصبح مستهلكا صحيا وذهنيا وبدنيا وبكل ما للكلمة من معنى ، وعند مطالبة المسئول بتصحيح واقع حياة هذا المعلم المهنية والمادية، لا نجد آذان صاغية سوى التسويف والمماطلة، بينما يتم تعديل أوضاع ورواتب وكوادر بقية شرائح الموظفين في الدولة ، خصوصا أولئك الذين يدخنون السيجار الكوبي ويحتسون القهوة خلف مكاتب من خشب البلوط الفاخر بينما لا يجد المعلم كرسيا يجلس عليه، هذه المعادلة غير العادلة جعلت المعلم ينتفض لأجل حقوقه المهضومة للتتطور الأمور في ذهنيته بان ما من شيء يحقق للمعلم حقوقه الا بوجود جسم نقابي .
لقد سبق وان أيّدت جسما نقابيا يساعد المعلم في تحصيل حقوقه ورعاية شؤونه ، كما أنني نقابة تكون أجندتها بغير صالح ومصالح المعلم ، نقابة قد يستغلها البعض لأجل مصالحهم وتوجهاتهم الآنية الأنانية ، ولكن وبالمقابل، فإنني سأعمل على تأييد نقابة تكون أجندتها لصالح المعلم والوطن لا أن يختطفها غيرهم.
إن وجود نقابة أو ما يوازي هذه الهيئة بما يضمن حقوق المعلمين وتحديد واجباتهم أصبح مطلبا شعبيا وعلى نطاق واسع ، ورغم زخم التأييد الشعبي للمعلم في مطالبه العادلة ، إلا انه لم يبادر للاعتصام،ولم يحاول تعطيل الدوام الرسمي لأجل أبنائنا وخشية عليهم أن يهيموا في الشوارع والطرقات ، لكن ما رأيناه في إضراب الأطباء يوم الاثنين 14-3-2011 وما ترتب عليه من ترك المرضى في أروقة المستشفيات وممرات المراكز الصحية – دون معالجة - حتى تتحقق مطالبهم حتى كان لهم ما أرادوا ، لقد اضرب واعتصم الأطباء في ساعات دوامهم ، ولكن في النهاية فقد فازوا وحصلوا على مطالبهم.
إنني اذ اكتب هذه الكلمات فأنني لازلت مشوش الذهن وأنا أفكّر وأتساءل \" ماذا لو اعتصم المعلم وخرج طلاب المدرسة إلى الشوارع..ماذا سيكون رد فعل أولياء الأمور من الأطباء عندما يعلم البعض منهم بان أبنائهم يهيمون في الشوارع بسبب إضراب المعلمين؟!!! ، هل تعتقدون بان من اضربوا في الأمس في عياداتهم ومواقعهم سيقبلون بإضراب مماثل لزملائهم المعلمين؟!!!.
إن شرف المهنة واحد ، إن الحقوق التي يطالب بها المعلمون والأطباء واحدة سوى أن المعلم يريد نقابة تساعده في تحسين ظروفه ، لكن يبدو أن الحكومة قد انحازت للاستجابة لمن لهم نقابة كالأطباء بينما ترك المعلم المسكين ليصارع حظه المتعثر أصلا ودمتم.
Thabetna2008@yahoo.com