د.بلال السكارنه العبادي
إن المتابع للمشهد العربي في ادارة الازمات التي تواجة بعض الانظمة العربية وكيفية التعامل مع مثل هذه الازمات نستغرب ونستهجن تلك المعالجات العقيمة في ادارتها وما يدل على عدم وضوح الرؤى السليمة لمتخذي القرار في هذه الانظمة اننا في الالفية الثالثة وليس في خمسينيات القرن الفائت ، وفي عصر الثورة التكنولوجيه والانترنت والمحطات والاقمار الصناعية والبث المباشر لكافة الاحداث بصورة حية من واقع المآسي لمشهد القتلى والجرحى والحرق والتدمير لابناء الشعب بداعي المحافظة على الكراسي وليس حماية لارواح وممتلكات الشعوب العربية .
فنلاحظ انه بدأت حالة التأثر بنظرية \"الدمينو\"، الخاصة بالتاريخ السياسى للدول، والتى تؤكد سهولة انتقال عدوى الثورات والانقلابات من بلد إلى أخر مجاور له، بالتحرك ما بين بعض الدول العربية وذلك لرفضها وجود بعض الانظمة العربية الحاكمة ، وإذا كانت هذه الانتفاضة أو الثورة ضد الأنظمة التي تجمع بين الديكتاتورية والفساد والانهيار الاقتصادي ، وبفعل تفاقم ما يمكن أن نسميه (منظومة الانفجار الثلاثية ). وهي ( الفقر والقمع والفساد) التي تفشت في العديد من الدول في السنوات الأخيرة ، ونتج عنها العديد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
من هذا المنطلق ان إحتواء الازمات في الشارع العربي لا يتناسب ولا ينسجم مع ذات المنظومة الثلاثية (الفقر والبطالة – الفساد – القمع الأمني) ، ولكن دون أمل ظاهر في استيعاب هذه الأنظمة لهذه التطورات السلبية بسبب تفشي حالات الفساد وتحولها لبعض الأنظمة وتغلغلها فيها ، وتراكم المشكلات الاقتصادية التي ينتج عنها مظاهر سلبية واحتجاجات تدفع الأنظمة لمعالجتها عبر القمع الأمني وقتل الابرياء من ابناء الوطن الواحد دون اي مبرر .
ولم تعد الإصلاحات، مهما بلغت من العمق والاتساع، تكفي. المسار الذي سلكته بعض الانظمة الحاكمه في الأعوام الماضية، ويمكن تلخيصه بترك الأمور على حالها في مجالات السياسات الخارجية والداخلية والاقتصادية. ، ولذا فانه لا بد من التعامل مع المطالب الشعبية بالايجاب وتحقيق مطالبهم دون استخدام العصا والقمع ورصاص الرشاشات ضد اجساد الابرياء للمحافظة على بعض الانظمة التي اصبحت شعوبها قد اصابها الملل من وجودها .
إن تقديم الرشاوي للشعوب وعلى انهم جياع يحتاجون للاموال التي كانت الى حد قريب لا تنفق الا على الفسق والفجور والمجون لا يمكن ان تقبل ، خاصة ان هذه الشعوب العربية اصبحت بحاجة الى الانفتاح السياسي وان تتم ادارتها من خلال الوسائل الديمقراطية وصناديق الاقتراع ذات الشفافية العالية ، وان يكونو صناعي قرار فيمن يقودهم من خلال التشاركية بالحكم وان يختاروا بارادتهم الحقيقية من يرون انه مناسباً في ان يتولى ادارة دولتهم كما في الشعوب المتحضرة .
ولذا حتى يتم احتواء كافة الازمات التي اصابت الكثير من الدول العربية والحبل على الجرار ان يتم استرجاع ارادة الشعوب التي سلبت منهم طوال عشرات السنوات الماضية وان يكف القتلة في ازهاق ارواح ابناءهم ويرحلوا الى مزبلة التاريخ .
رئيس قسم ادارة الاعمال / جامعة الاسراء
bsakarneh@yahoo.com