معتصم مفلح القضاة
عشرات الرسائل التي وصلتني عبر البريد الاليكتروني، فيها من البكاء ما تلين له الصخور، وفيها من المنطق ما يقنع البعير، وفيها من الحق ما يفيض به الضمير، وكل هذه الرسائل تنقل واقع بناء السجن في رميمين،ومبررات نقله إلى مكان آخر.
رميمين التي هي حفيدة السلط وشقيقة عجلون، أم الرمان والينابيع ، أنجبت من الأبناء من يخدم الوطن بروحه وعينيه ويدافع عنه ليلاً ونهاراً، فتأتي مكافأتها كمكافأة الابن لأمه حين يضعها في دار العجزة بلا سؤال ولا إعالة.
رميمين وقعت ضحية ليس لعقوق أبنائها البررة، بل لتعنت حكومي وهبل في اتخاذ القرار، ربما لمصلحة شخصية وربما لحقد دفين.
ربما تكون مصلحة السماسرة هي التي أوجبت بناء السجن فيها، وربما الحقد على البيئة الخضراء هو من سجن رميمين خارج أسوار السجن.
هذه الرسائل أعادت إلى ذاكرتي قصة الخليفة المعتضد، حين عزم على بناء مستشفى في بغداد، فكان هبل وزرائه يشير عليه ببنائه قرب قصره في وسط بغداد، أما تجربة الرازي فقد أثبتت أن بناءه خارجها أفضل، خدمة للهدف الذي وجد من أجله المستشفى والغاية المرجوة منه، فكان القرار قرار العلم لا قرار الهبل.
نعم إن بناء السجن في رميمين طعنة في خاصرة الوطن ، ألم يكن من الأولى بناءه في صحراء وإشغال المساجين بتشجيرها وبنائها بدلاً من الجلوس بلا شغل ولا مشغلة؟، ألم يكن من الأوفر مادياً بناءه في منطقة بعيدة قليلاً حيث أسعار الأراضي أرخص وأقل ؟ ونحن نتحدث عن توفير ومديونية ! ألم يكن من الواجب الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية لأهل رميمين وهم يفيضون غيضاً من هذه البؤرة السرطانية بجوارهم، حتى وصل الأرق للصديق واصف الصايغ في اسبانيا.
أم أنها طعنة مقصودة للسلط لا تقل عن طعنتها باتهام ابنها البار عادل القضاة بمسرحية سياسية شخصانية؟! لك الله أيها الوطن العزيز لو أن في حكوماتك رجال يفقهون حين يوجَّهون، ويتراجعون حين يخطئون!