يلجأ بعض حكام العرب إلى الاستنجاد بشعبه حين يضيق الخناق به ويرفع شعار مقاومة الغزو الصليبي على بلاده التي تشن عليه من قبل دول غربية بعد أن تطوعت تلك الدول واستجابت لنداء تلك الجماهير العربية المسلمة لمساعدتها في الخلاص من الطاغية الذي يحكم في البلاد منذ عقود بأدوات حكم متخلفة عاجزة عن توفير الحياة الكريمة إلا لعائلته والمقربين منه ، إذ تقتسم تلك العائلات الحاكمة ثروات البلاد ويسيحون فسادا وخرابا في أقطارهم لا يخشون الله ولا الناس فيما ينصرفون إليه من أعمال الفساد وأحكام الظلم والاستبداد بحق من يعارضهم ، يضيقون عليهم حرياتهم حتى الدينية منها ، وينشرون الفاحشة والخراب في مؤسسات الدولة ، وحين ينهض الشعب للخلاص منهم يلجأون للدين ولعلماء الفتاوى المخصصين لهم من اجل تشريع أعمالهم الفذرة المخالفة للدين بغية إسكات الناس وإلزامهم الصمت بحجج أن التظاهر والمسيرات خراب وبداية تفكيك ألأمة كما كنا نسمع ونرى من الكثير من تلك الفتاوى في الأيام التي تسبق رحيل الطغاة .
الدولة تحارب الإرهاب والقاعدة !! شعارات ما فتئنا نسمعها ويهلل لها الحكام بغية كسب ود الغرب بداية تلك التحركات الشعبية ، وحين تستفحل الأمور ويتعرض الشعب للقتل وتتعرض البلاد للخراب ينهض العالم لإدانة القتل ويصر على وقف العمليات بحق الشعوب ، ليدرك بعدها الزعماء أن خديعة خطر القاعدة لم تفلح مع الغرب ، فيبدل من تكتيكه ويعود إلى الحديث عن مخططات التوسع والهيمنة والحرب الصليبية التي تستهدف ذلك الخليفة الراشد ! لعل وعسى أن يبدل ذلك مزاج شعب عانى ما عاناه من عقود الظلم والفساد والهوان الذي حكم به الزعيم شعبه !
معايير غريبة عجيبة أضحكت الشعوب العربية والإسلامية بل وأبكتها قبل أن يكشفها الغرب نفسه ، زعماء هانت عليهم حياة شعوبهم بل وأذاقوهم المرار والعذاب ، جعلوا أوطانهم مزارع خاصة بهم وبأقربائهم ومحاسيبهم وشلل الفساد التي شكلوها وتحالفوا معها ، توارثوا الحكم ونقلوه للأحفاد لأنهم لم يروا في الدنيا غير تلك الطبقة الفاسدة لقيادة مؤسسات الدولة ونهب خيرات البلاد ، يكرهون شعوبهم ويقلدون المناصب حتى لغير أبناء البلد ، يستمتعون العمل مع الأغراب والطارئين غير المنتمين للبلاد بقدر انتمائهم لمصالحهم حتى لو عاثوا الخراب والفساد ! لم يخشوا الله في شعوبهم ، ولم يقيموا للدين قيمة ولا وزن و لم يعيروا للشعب انتباه ، وحين تهتز مقاعدهم يناشدون الناس الالتفاف حولهم ويطالبونهم الولاء والانتماء مقابل بضع دنانير تنفق في غير وجه الله بقصد الإسكات لا أكثر ، أموالهم تعد بالمليارات وحساباتهم في البنوك الصليبية لا تحصى ولا تعد وخلفهم شعوب تعاني الجوع والبطالة والفقر ، فبأي حديث بالدين والحرب الصليبية بعد كل ذلك يتحدثون !!
الحروب الصليبية مفهوم تاريخي استفاد منه العرب أكثر ما استفاد منه الرئيس بوش في حربه ضد العراق ، شعار يستلزم استخدامه من قبل القادة العرب كلما ضاقت بهم الدنيا وشعروا أن شعوبهم لا ترغب بهم ، يخاطبون ود شعوبهم وهم الأشد عدواة للعرب والإسلام من الغرب نفسه ، يرتدون في الأعياد الحلة الشرعية كما فعل نابليون بونابرت في مصر بداية احتلالها ، خداع يتلوه خداع ، وكذب يتبعه أكاذيب لكن الخدعة لم تعد تنطلي ولن تنطلي ، فمن خدم أولئك الصليبيين بمؤامرات ضد شعبه لن يقبل الناس منه توبة ثعلب القي القبض عليه في حجر دجاج يسرقه !!