بقلم : دانــــــا جهـــــاد
لقد جرت العادة أن نقوم نحن البشر بين الحين والآخر بإرسال رسائل إلى بعضنا البعض في كافة المناسبات . ومن هذه الرسائل مايكون للتهنئة أو للإطمئنان عن حال أو للسؤال عن سؤال ، ومنها مايكون للإعتذار عن تقصير ما في شأن ما أو للعتاب في أمر ما أو من أجل تنفيذ طلب ما .أليس كذلك ؟؟
لكنه لم يحدث أبدا لحد الآن أن قام أي منا بمحاولة إرسال رسالة خاصة إلى نفسه طويلة كانت او قصيرة حتى لو كانت رسالةSMS !! علما أنني أرى أنه من حق نفس كل إنسان فينا أن يقوم هذا الإنسان بمراسلة نفسه بين الحين والآخر من أجل الإطمئنان عليها أولتهنئتها أولمعاتبتها إن لزم الأمر ذلك !!لكون النفس ماتكون غالبا أمارة بالسوء .!!
وعلى هذا التوجه فقد قررت هذا اليوم أن أقوم بكسر القاعدة ، وأن أسبقكم جميعا في هذا التصرف ، وأن أقوم بإرسال هذه الرسالة القصيرة الطويلة إلى نفسي تحديدا!! ومن أراد منكم المحاولة مع نفسه فلا بأس من ذلك طالما أن مراسلته لنفسه ستكون لمصلحته ومصلحة نفسه معا .
عموما ، إليكم نص الرسالة التي بعثتها أنا قبل قليل إلى نفسي والتي سأكون في انتظار الرد عليها لاحقا : ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نفسي الحبيبة الغالية على قلبي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
تحية طيبة عطرة مباركة؛ أبعثها لك عبر طيات رسالتي هذه، راجية من الله أن تصلك وأنت يانفسي في أسعد الأوقات وأمتع اللحظات أما بعد :
نفسي العزيزة الغالية :
نظرا لأنه لم تجر العادة أبدا من قبل أن أرسل لك رسالة بالرغم من طول مدة التعارف والصداقة والحب التي جمعت بيني وبينك في جسدي هذا والتي لاتزال قائمة منذ أن خلقني الله سبحانه وتعالى ولحد الآن .إلا أنني قررت ابتداء من هذه اللحظة أن أتعود على مراسلتك بين كل فترة وأخرى آملة منك أن تجد رسائلي
منك كل الإهتمام وتكريمها والقيام بواجبها وحسن ضيافتها على أكمل وجه كما يجب !! لكوننا أنا وانت روح ونفس في جسد واحد .راجية منك أن تتقبليها مني بروح رياضية عالية على الرغم ماستجدينه فيها من لوم وعتاب ونقد بناء لك .
آملة منك في كل مرة أراسلك فيها أن تعطيني بضع دقائق من وقتك الثمين ، وآملة أن تدركي جلياً أن مشاعر الحب التي تجمع بيني وبينك هي الوحيدة التي ستسوقني لإرسال هذه الرسائل لك عبر بوابة الكلمة الهادفة لكي تكون عربون وفاء بيني وبينك دائما طيلة هذه الحياة .
نــــفــسي الحبيبة :ـ
بداية أرجو أن تسمحي لي أن أصافحك وأن أقبلك عن بعد ، معلمة إياك أنه يطيب لي ان أشاركتك فرحتك التي تغمرك هذه الأيام ، وأن أتقدم لك من كل أعماق قلبي بخالص التهنئة وصادق المباركة على كل انجاز حققتيه في كل شؤونك ، وعلى كل مرتبة عالية وصلت إليها بجدك ومجهودك واجتهادك لحد الآن . مهنئة إياك أيضاعلى الطريق الذي اخترتيه والذي قطعتيه وسلكتيه في سبيل ارتقائك وعلوك ومجدك وارتفاع شأنك ، ولاأنسى كذلك أن أحييك على ماتقومين به من محاولات دائمة دؤوبة لإثبات ذاتك رغبة منك في أن تكوني الأفضل دائما في كل شيء !! .
نفسي الحبيبة: ـ
إن تهنئتي الصادقة لك أعلاه ومدحي لك سوف لن يمنعني أبدا عن أن ألفت انتباهك الى بعض التصرفات والسلوكيات الخاطئة التي تبدر منك والتي اعتدت أنت للأسف على القيام بها بين وقت وآخر ، والتي تجعلني أغضب منك بالفعل !! وتأكدي أنه لولا حبي الشديد لك من جهة ، وعدم حبي لتعريضك للتهلكة لاقدر الله من جهة أخرى !! فإني لما كنت مصرة على عتابك ومعاتبتك على هذه الاخطاءالفادحة التي تقترفينها ، والتي تقعين فيها عادة ، والتي أرى أنك مازلت مصرة على اقترافها يوميا ، والتي أعتقد أنها زادت عن حدها كثيرا وإن كانت ربما تحدث من غير قصد منك .
نفسي العزيزة :
لاشك أنك تعلمين أن الجرأة على المعصية ، والإقدام عليها ،والمجاهرة بالعصيان سبب من أسباب سوء خاتمة الإنسان أجارك الله تعالى منها ، فإن أبيت إلا أن تكوني حريصة على المعصية والعصيان ، وبقيت مصرةعلى التقصير في طاعة الله، فإن كل مااخشاه عليك هو أن يحال بينك وبين الهداية ، وحينئذ ستتحقق فيك عظيم الخسارة لاقدر الله . ولهذا فإياك إياك من سوء العاقبة!!!
وعلى هذا فإني كلي أمل ورجاء ، أنه في حال وصولك رسالتي هذه ، فعليك أن تبدئي بصفحة جديدة في حياتك ، وأن تقومي مباشرة بالكف عن التمادي في المعاصي بل والتوقف نهائيا عنها ، والتي لاأريد تذكيرك بها لكونك أنت تعلميها جيدا وتعرفينها حق المعرفة ، آملة ومتاملة منك أن تتقبلي مني هذا العتاب وهذا النصح لك ( من غير زعل وبدون حساسية ) !! ولو أنني أعلم كل العلم إن أي كل نفس بشرية ليست معصومة عن الخطأ !! لكن هذا لايمنع أبدا أنه يجب تذكيرك بتصرفاتك الخاطئة لكي تحذري منها ، ولكي تعملي على عدم تكرارها مستقبلا، حتى تكوني قادرة على اختيار الطريق الصحيح والمسلك القويم ، وحتى تعرفي كيف تضعين نصب عينيك الخوف من الله سبحانه وتعالى في كل عمل تقومين به ، لكي لا تخطئي في حق الله عليك .
نـــفــسي الحبيبة : ـ
كما أرجو أن تسمحي لي في الوقت نفسه أن تقبلي مني اعتذاري الشديد عن كل مرة شاركتك فيها هذه المعاصي والآثام والأخطاء وخاصة حينما كنت أوافقك رغما عني لك أن تفعليها ، أو حينما كنت أوافق لك في أن تبدين صغيرة جدا أمام غيرك . فالأعمال التي قمنا بها أمور أغضبت الله سبحانه وتعالى مني ومنك .
نفسي الحبيبة: ـ
كما أريدك أن تصفحي عن الجميع وأن تسامحي كل من أخطأ بحقك ( فالعفو عند المقدرة من شيم الأقوياء ) . وأنا على يقين تام بأنك قادرة على رد الصاع صاعين لكل من أساء لك قولا أو فعلا .والأهم من ذلك أريدك أن تعتذري إذا أخطأت في حق غيرك !! مؤكدة لك أن إعتذارك عن أخطائك لن يقلل من شأنك أبدا !! فأنت الكبيرة دائما في عقلك وفي أخلاقك وفي حسن تصرفك .
نـــفــسي الحبيبة : ـ
كما لايفوتني أن أذكرك بأمر هام والذي أرجو ألا يغيب أبدا عن ذاكرتك ؛ ألا وهو العلم بأنك لست مخلدة أبدا في هذه الحياة ، فهذه الحياة التي تعيشينها الآن والتي تتمتعين بها ؛ فإنها مهما طالت في نظرك إلا أنها تعد قصيرة جدا في نظري أنا ولهذا فإني أطلب منك ألا تغتري بها ، وألا تغتري بما وصلت إليه أنت وبما حققتيه من مكاسب فيها من أموال ومن عز وجاه ومنصب ومتاع وشهرة . فكل هذه الأموال وكل هذا الأمور التي بحوزتك الآن والتي تفاخرين بها وتغترين بأنك تملكينها ، فتأكدي أنها جميعها زائلة عنك لامحالة بعد موتك ، وأنك سوف لن تأخذين منها شيئا ، وأنه سوف لن يرافقك حين مواراتك الثرى أي منها ، وسوف لن يدخل معك في قبرك سوى عملك الذي تقومين به في حياتك الدنيا فقط.
نـــفــسي الحبيبة: ـ
وقبل الختام ، كم يؤلمني أن أذكرك أنه كم من أخ لنا وصديق جمعتنا بهم الأيام قد رحلوا عنا الى عالم الآخرة الى غير رجعة !! لهذا فما أجدرك يانفسي أن تحاسبي نفسك بنفسك قبل رحيل كهذا الرحيل . فمن سبقونا من الأحباب والأصدقاء الى لقاء الله كانت لهم أحلام أيضا يعيشونها ، وكانت لهم طموحات يسعون لإنجازها ، وكانوا ينتظرون بكل شوق ولهفة تحقيق بعض هذه الآمال وإنجاز هذه الطموحات في حياتهم ، لكن الموت عاجلهم ، والقدر فاجأهم ، فكان رحيلهم عنا فجأة و بلا سابق ميعاد .ولهذا أرجو أن يكون ماحدث لهم عظة وتذكرة لي ولك .
وإن كان لي من طلب صغير لي عندك الآن فهو رجاء حار بألا تحاولي الكذب علي أبدا ، وألا تحاولي خداعي ، وألا تسمحي لشياطين الإنس والجن أن يستغفلونك وأن يتلاعبوا بعقلك !!! وأرجو أن تحاولي دوما أن تكوني صريحة معي في كل أمورك وخصوصياتك ، وأن تساعديني دائما على قول الحق والحقيقة لك قبل أن أقولها للآخرين .وذلك حتى أستطيع مساعدتك . وخاصة لكوني أنا الوحيدة من البشر التي أعرفك جيدا والتي يهمها أمرك وأعلم بكل نقاط قوتك وضعفك .
مؤكدة لك بأنني سأكون لك خير ناصحة بإذن الله ، راجية منك أن تمنحيني الثقة و العزيمة والصبر كي أستطيع أن أمنحك أنا راحة البال والشعور بالأمان والإطمئنان .
وأخيرا وليس آخرا : هذه رسالتي أضعها بين يديك يانفسي العزيزة ، راجية منك قراءتها مرارا وتكرارا ، وعليك أن تعلمي أن مادفعني لإرسالها لك أمر لم يكن إلابسبب فيض مشاعر الحب النقي الطاهرالذي يتأجج في قلبي نحوك .
آملةً أن تكوني بعد هذه الأسطر في أحسن حال وأهدأ بال من سالف الأيام . حفظك الله وسترك ، وأقر عيني بك بصلاحك وتوبتك وعودتك عودة نصوحة الى الله .
داعية الله لك بأن ينعم عليك بموفور الصحة وكمال العافية في جسمك ، والسعادة والهناء في حياتك ، والنجاح والتوفيق والسداد في كل أمورك .
مذكرة إياك مرة أخرى بتقوى الله دائما أولا وأخيرا، والعلم أن بذكر الله تطمئن القلوب دائما . ولهذا أرجو منك كل الرجاء ألاتغفلي عن ذكر الله أبدا ، وأن تحرصي على صلاتك ، وأن تداومي على قراءة القرآن ،وأن تحاولي دائما ألا تضيعي وقتك الثمين بما لايفيد.
وختاما ، أرجو منك يانفسي العزيزة قبول أطيب أمنياتي ،وأصدق دعواتي ، وأرق تحياتي . و قبول اعتذاري الشديد عن طول رسالتي القصيرة ال SMS هذه لك والتي طالت دون قصد مني !!
مع خالص الإحترام والتقدير،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
دانا جهاد
طالبة جامعية ـ كلية الهندسة
dana.jehad@hotmail.com