زاد الاردن الاخباري -
أخبار مفزعة عن "التباطؤ الشمسي" القادم بدأت بالانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت عناوين الصحف والمجلات العلمية منها وغير المختصة بالعلوم، فالبعض يتنبأ بمجاعات وجفاف وتغيرات مناخية جذرية خلال عام 2020، بينما يذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك ويتنبأ بأن كوكب الأرض على أعتاب عصر جليدي جديد.
لكن مهلاً، ما هو التباطؤ الشمسي؟ هل هو أمر نادر الحدوث أم حالة طبيعية تحدث بشكل دوري؟ وما الذي سيحدث عندما تصل الشمس إلى أدنى مستويات طاقتها وحرارتها وتوهجها في 2020؟ ومن سينتصر، درجات الحرارة المنخفضة الناجمة عن تباطؤ الشمس، أم الاحتباس الحراري الذي يرفع درجات الحرارة تدريجياً على سطح الكوكب عاماً بعد عام؟
نجيبكم عن هذه الأسئلة بالتفصيل، استناداً لما ورد في صحيفة The Patriot-News الأمريكية.
ما هو التباطؤ الشمسي؟
كي نفهم معنى "التباطؤ الشمسي" يجب أن نتعرف أولاً على ما يسمى "الدورة الشمسية"، وهي دورة تمتد على مدار 11 عاماً تتأرجح فيها الشمس من أقصى نشاطها وطاقتها في بداية الدورة، إلى أدنى مستوياتها من الطاقة في نهاية الـ11 عاماً.
وخلال الدورة الشمسية تحدث العديد من التغيرات بما في ذلك تغيرات في مستويات الإشعاع الشمسي (التي تكون في ذروتها في بداية الدورة) وتغيرات بعدد البقع الشمسية كذلك ( وهي بقع قاتمة تظهر على سطح الشمس بسبب نشاط المجالات المغناطيسية القوية ويتغير عددها على مدار 11 عاماً).
ففي بداية الدورة الشمسية يبلغ عدد البقع الشمسية ذروته، وتبلغ حرارة الشمس ذروتها كذلك، ويستمر هذا العدد في الانخفاض إلى أن يكاد يتلاشى مع نهاية الدورة الشمسية.
وبالتالي فكلما كان كان عدد البقع الشمسية الظاهرة أكبر هذا يعني أن الشمس أكثر حدة، والعكس صحيح كلما قل عدد البقع الشمسية الظاهرة فهذا يعني أن نشاط شمسنا آخذ في التباطؤ.
ومنه نستطيع أن نستنتج ببساطة، أن التباطؤ الشمسي ما هو إلا نهاية الدورة الشمسية التي تحدث كل 11 عاماً، وترتبط بانخفاض عدد البقع الشمسية الظاهرة على سطح الشمس، مما يؤدي إلى توهج أخف حدة للشمس ودرجات حرارة أكثر انخفاضاً من المعتاد.
بما أن الشمس تتباطأ في نهاية كل دورة شمسية (11 عاماً) فهذا يعني أننا لا نشهد الآن التباطؤ الأول لشمسنا، فالتباطؤ الشمسي حالة طبيعية ومتوقعة كما يقول علماء الفلك.
لكن على مدار السنوات اختلفت حدة التباطؤ الشمسي من دورة لأخرى، فعندما دخلت الشمس فترة الحد الأدنى من الطاقة الشمسية بين عامي 1650 و1710، على سبيل المثال، قالت "ناسا": إن الأرض غرقت في مرحلة "تجمد عميق"، حيث انخفضت درجات الحرارة في معظم أنحاء نصف الكرة الشمالي عندما دخلت الشمس مرحلة الحد الأدنى".
تنبأ خبراء وكالة الفضاء "ناسا"، بحدوث هذا التباطؤ الشمسي في عام 2020 منذ العام 2017، ونشروا آنذاك العديد من المقالات التي تتحدث عن هذه الظاهرة. إذ كان من المتوقع أن تبدأ هذه الظاهرة خلال أبريل/نيسان 2020.
هل نحن على أبواب عصر جليدي جديد؟
على الأغلب لا. تبالغ العناوين التي باتت تتصدر الصحف والمجلات عندما تتوقع المجاعات والجفاف ودرجات الحرارة المنخفضة والدخول بعصر جليدي وشيك كنتائج لحالة التباطؤ الشمسي. فقد نشرت وكالة ناسا في فبراير/شباط 2020 تقريراً عن التغير المناخي العالمي وذكرت فيه أنه لا يوجد "عصر جليدي " وشيك بعدما ذكر البعض أن هذا التباطؤ الشمسي قد يؤدي إلى انخفاض هائل في درجات الحرارة وكل أنواع المشكلات الأخرى التي عانى منها كوكب الأرض أثناء التباطؤ الشمسي الكبير في القرن السابع عشر.
وكتبت وكالة ناسا في تقريرها: "بعض العلماء يشيرون إلى أن الحجم الصغير نسبياً للدورة الشمسية الأخيرة يُنذر بتباطؤ شمسي كبير جديد خلال العقود القليلة المقبلة.
ولكن ما مدى التأثير الذي قد يُحدثه التباطؤ الشمسي الكبير؟ فيما يتعلق بالتأثيرات المناخية، يُقدّر علماء الطاقة الشمسية أن التأثير سيبلغ حوالي -1 واط/م2، وهو نفس تأثير ثلاث سنوات من نمو تركيز ثاني أكسيد الكربون حالياً.
لذا، لن يعمل التباطؤ الشمسي الكبير الجديد سوى على تعويض بضع سنوات من تأثير الاحترار الناجم عن الأنشطة البشرية.
ما الذي يعنيه ذلك؟ الاحترار الناجم عن انبعاثات الغازات الدفيئة من احتراق الوقود الأحفوري يبلغ ستة أضعاف تأثير البرودة الناجمة على مدار عقد كامل بسبب تأثير التباطؤ الشمسي الكبير.
حتى إذا استمر التباطؤ الشمسي الكبير لمدة قرن كامل، سوف تستمر درجات الحرارة في الارتفاع، لأن هناك الكثير من العوامل الأخرى التي تؤثر على درجات الحرارة خلاف النشاط الشمسي، وأبرزها وأهمها هذه الأيام هو تأثير الاحترار الذي يأتي من انبعاثات الغازات الدفيئة بسبب الأنشطة البشرية".
ما الذي يحدث الآن؟
كتب مركز تنبؤات الطقس الفضائي في منشور حديث أن التباطؤ بين الدورة الشمسية 24 والدورة الشمسية 25 سوف يحدث في وقت ما من هذا العام:
كتبت الهيئة في 9 ديسمبر/كانون الأول 2019: "بقيادة مشتركة بين الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي ووكالة ناسا، أصدرت الهيئة الدولية أحدثت توقعاتها للدورة الشمسية
25. التوقعات بالإجماع: سوف تكون الذروة في شهر يوليو/تموز 2025 (+/- 8 شهور) مع وصول عدد البقع الشمسية إلى 115. كما اتفقت الهيئة على أن الدورة 25 ستكون متوسطة الحدة ومماثلة للدورة 24″.
"كما أجمعت اللجنة على حدوث التباطؤ الشمسي بين الدورتين 24 و25 في أبريل/نيسان 2020 (+/- ستة أشهر). وإذا كان توقع التباطؤ الشمسي صحيحاً، سيجعل ذلك الدورة الشمسية 24 هي سابع أطول دورة شمسية (11.4 عام)".
لماذا إذاً تنتشر الأخبار التي تدفع إلى الفزع؟
نعاني جميعاً من الملل خلال الفترة الحالية، لذا تبدو فكرة دخول الشمس في حالة ركود أو خمول أو غيرها من العبارات المفزعة ملفتة للنظر عندما تظهر أمامنا على شاشات الكمبيوتر أو الهواتف.
بشكل عام، ما دامت وكالة ناسا والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لم تفزعا، لا ينبغي عليك الفزع أيضاً، حتى إذا كانت الشمس توشك على الانحسار في آخر دورة شمسية لها.