ذات اجتماع حزبي في بداية التسعينات: قدّم أحد الرفاق تقريره المالي للمسؤول المالي في الحزب اليساري.. وكان كل حزبْ أردنيّْ حينها نشيطاً في موضوع "المفاتحة الحزبيّة" ليضم أكبر عدد ممكن من الشعب إلى صفوفه: خصوصاً وأن الأحزاب الأردنية خرجت من تحت الأرض وصارت ترقص تحت الشمس..،،.
المهم.. أثناء مراجعة المسؤول المالي في الحزب لتقرير الرفيق المالي عن مصروفاته.. صرخ المسؤول المالي صرخة جمهرت كل من كان موجوداً في المقر: شو هاد يا رفيق.. فيه كذب بهذا التقرير..،، احمر لون الرفيق صاحب التقرير وقال: وين الكذب..؟ قال المسؤول المالي وهو يخبط بيده على الطاولة كمن أمسك شيئاً كبيراً: إنت كاتب إنو معطيين "أبوعمار" علبة توفي: كمفاتحة حزبية عشان تضموه للحزب بالتاريخ الفلاني.. ومكتوب أن ثمن علبة التوفي عشر دنانير.. وهذا كذب: لأنو أبوعمار كان بتونس بهذا التاريخ..،، وهنا.. انفرجت أسارير الرفيق صاحب التقرير وقال للمسؤول الحزبي: وجع يخلع نيعك.. أبوعمار مش ياسر عرفات: أبوعمار واحد من وجوه منطقتنا..،، قال المسؤول المالي بصوت خفيض: إذا هيك ممكن..،،.
اقتربتُ من المسؤول المالي وقلت له: يا رفيق.. ليس مهماً أن يكون ياسر عرفات في تونس.. هل كان احتجاجك على ذلك..؟ لماذا لم يكن احتجاجك على مفاتحة ياسر عرفات للانضمام للحزب: هل هذا منطقي.. وكمان يا رفيق: هل من المعقول أن يذهب رفيقنا إلى ياسر عرفات ويأخذ معه علبة توفي.. عن جد يا رفيق: وجع يخلع نيعك..،، قال المسؤول الحزبي بنبرة حازمة: أنا ما دخلني.. أنا أقرأ ورق وبس..،،.
هنا لُبّ المشكلة في كثير من المسؤولين العرب: أنهم يقرأون ورقاً فقط.. ولا يمكن أن يقرأوا ما خلف الورق.. لذا.. أصبحا أمّة ورقية.. من الممكن أن يتحوّل فيها عنترة بن شداد بجرّة قلم إلى "تاجر خردة" ويقبل برغيف سندويش فيه حبتان فلافل فقط وبدون شطّة..،،.
abo_watan@yahoo.com