معتصم مفلح القضاة
ربما لم تكن توقعات الحكومية أن يصل إضراب المعلمين إلى هذا الحد، أو إلى هذا الإصرار، والعامل الأساس في هذا التوقع – برأيي – ما يملكه المعلم من حرقة على عمله وما أقدم عليه من تضحيات خلال السنوات الماضية، وما يتعامل به المعلم من مبادئ قلّ توافرها لدى أي ممتهن أو موظف.
هذه التوقعات خابت وأصبحت كالسراب، ليس لأن المعلم قد تخلى عن هذه المبادئ والأخلاقيات في عمله، بل هو اليوم أكثر تمسكاً بها من قبل، ولكن لما بلغ التهميش الحكومي لمهنة التعليم عامة، ومطالب المعلمين خاصة.
واليوم يقف المعلم في خندق المدافع عن حقوقٍ كان من الواجب الحصول عليها منذ زمن طويل، فما هي الخدمة العظيمة التي جعلت المهندس والطبيب وسائق الشاحنة ومالك المطعم وموزع الوقود وغيره الكثير من أصحاب المهن، يحصلون على نقابتهم في حين يحرم منها المعلم، هل بنوا للناس منازل بالمجان؟ أم أنهم عالجوهم بأرخص الأسعار ؟!.
فمع احترامي لهم جميعاً فإنهم يدينون للمعلم بالكثير، ولو قدر أصحاب القرار صنيع المعلم والمربي، لجعلوا حياته أسهل بكثير مما هي عليه، ولقدم لخاطره الغالي والنفيس.
ولو قَدَّرَ المجتمع فضل المعلم لما تركوه وحيداً في مخاضه، ولما جعلوه يعاني في وقفته تلك.
لو قَدَّرَ الطبيب والمهندس والمدير والوزير والضابط وأستاذ الجامعة، لو أنهم جميعاً قدروا للمعلم دوره فيما وصلوا إليه لنصبوا له الخيام وسكبوا له الماء الزلال، في حر يومه الذي يقف.
فالمعلم هو من صنع منكم ما أنتم عليه فلا تنكروا فضله عليكم. والمعلم من ساهم في رفعة حالكم فأشعروه بكرمكم.
والمعلم هو من أعانَ على تربية أبنائكم، فأعينوه على تحسين حاله.
إن عزَّ المعلم عَزَّ الوطن وعزت الأمة، وإن أهين وضع المعلم فسلامٌ عليكم أجمعين.
المعلم اليوم اتخذ قراره الصعب ويناشدكم وقفةً لن ينساها منكم، وقفة يعبر فيها كل واحد منكم عن حبه وتقديره واعترافه بفضل أيام المدرسة عليه.
نعم، لنكن مع المعلم طلاباً وأولياء أمور، ولنقف جميعاً في خيامهم قبل حلول يومهم السابع، فذلك أبلغ في رد الجميل.