هكذا هي حياة الفساد عندما تتضارب المكاسب بين فريقين كلاهما ليسا على صواب تشتعل المبررات والتفسيرات والتعليلات بأن كلا منهما محًقُ بطرحه وكذا كان عند بحث تقاعد النواب فعندما جاء مشروع القانون بإلغاء تقاعد النائب رفضه النواب بحجّة أنّ الوزير قد يخدم وزيرا لمدّة يوم ويأخذ تقاعدا كبيرا وقد يكون الوزير ما زال شابا في مقتبل العمر بينما الموظف العادي يخدم اكثر من واحد وعشرون عاما او ثلاثون عاما او يزيد وقد يصل من العمر الستون ويأخذ تقاعدا لا يصل الى ثلاثمائة دينار فأين العدل يا أهل العقد والعقل والدين .
فإذا كانوا هؤلاء القدوه وخدم المواطنين والمدافعين عن حقوقهم وسند الدستور وأصحاب اللسان تحت القبّة وسرايا الدولة وكلاهما أقسم اليمين لكي يكون أمينا في موقعه لتطبيق الدستور وخدمة الأمه فأين التطبيق على أرض الواقع إذا كان همهما الراتب التقاعدي .
وكذلك إنّ مانشرته الصحف من رواتب خياليه في أمانة عمان والضمان الإجتماعي والمناطق التنمويه ومستشاري الرئاسة والوزارات يدلُ على أن بعض المسؤولين في الدوله لايعرفون الحق او يحيدون عنه أو أن ملح البلد لا يغلّ معهم وهذا ما يدمًر الأوطان عندما يوضع الرجل غير المناسب مهنيا أو خلقا أو امانة في مكان مهم من صنع القرار فإذا لم يحكم المسؤول ويردعه عقيدة سمحه أو خلق حسن أو ضمير واع فإن قراراته تصبح مضلًله أو مضلّله وكلاهما دمار للوطن وسلب للمواطن.
وكأن وظيفة الوزير أو المسؤول أصبحت دليلا على عدم مخافة الله ويضع بدلا منها القرش أمام ناظريه وكأنها تجرُد من قيم خلاّقة وألإنزلاق نحو الشلليه والمنافع الذاتيّه وتصبح جيوبهم لا تشبع وآذانهم لا تسمع وجنوبهم لا تركع وقلوبهم لا تخشع وضمائرهم لا تشفع .
فأين هو الموظف الصادق الصدوق القانع القنوع الماهر الصبور لا شكّ انهم كثر في مجتمعنا ولكنهم ليس لديهم اصحاب من القطط السمان ولا يعرفون جلسات الليل وسهرات ما بعده ولا يعرفون كيف يدخلون في شراكات الواصلين أو يصلوا للموسرين ولأن تصنيفهم في المجتمع جامدين وأولائك تصنيفهم مدردحين وشتّان ما بين التصنيفين .
والعجيب أن لا أحد من هؤلاء المحظوظين تدعثر يوما في كلمة قناعة بحيث عندما يُعرض عليه ان يكتب في عقده اربعة الآف دينار شهريا يقول يكفيني ألفين ألا يشعر حينها أن ألاربعة آلاف تكفي لمعيشة عشرة أسر في كل منها خمسة أفراد فأين هي عدالة الفرد من عدالة السماء .
آه يا بلدي ترابك عجن بعرق الشرفاء ودم الشهداء وهاهم الفاسدون يزرعون الخناجر في جنباتك ينهبون منك القًيم ويسلبون منك الحب والحنان ويبعدون عنك السلام ليزرعوا فيك الطمع والأنانية والكراهيه
حتّى من يجب أن نتوّسم فيهم الخيرالمشرعون والمنفذون همّهم الدينار
بينما المواطن همّه رغيف الخبز وأجرة الدار .
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ صدق الله العظيم
فقال صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) .
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 24/3/2011