إلى أبناء هذا الوطن العظيم ، إلى هذا الشعب الذي طُبع على الحرية والإباء ، إلى أحرار الأردن الأوفياء ، إلى النشامى الشرفاء ، إلى كل منْ لديْه ذرة انتماء وولاء ، إلى كل من ينتمي للوطن انتماء وَفاءٍ لا انتماء رجاء ، إلى الصادقين والمخلصين أوُجّه هذا النداء ، عسى أن يصادف أُذُنا صاغية وتعيه قلوب واعية ، فالحكمة ضالة المؤمن ، والكيّس من اتعظ بغيره ، والنبيه الفطن تكفيه الإشارة عن العبارة .
وليس يصح في الإفهام شيءٌ ــــــــــــ إذا احتاج النهار إلى دليل
أجل : أيها السادة من أبناء هذا الوطن ، أجل : يا يرعاكم الله ، إنّ من موجبات الوحدة الوطنية ، وإنّ من مقومات المجتمع نحو التقدم والتحضر ، وإنّ من أساسيّات التماسك والتعاضد والألفة والوئام ؛ النصح والتناصح والنصيحة ، ولا شك بأنها ضالة العاقل ، الباحث عن الحقيقة ، ولا ريْب بأنها تتكئ على أريكة الحق ، والحقّ أحقّ أنْ يُتبع .
فإلى كلّ من يريد أن يؤجّج أُوار الفتنة ، ويصرّ على إشعال لهيبها ، نقول له : اتقّ الله ، واتق فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، ونقول أيضا : واهِمٌ منْ ظنّ أو يظنّ أنه يستطيع أن ينال من هذا البلد العظيم ، فالأردن بقيادته الهاشمية ، وأبنائه الأوفياء الشرفاء ، صخرة صلبة قاسية ، تتحطم فوقها ما دونها ، فكم ذلت لها معاطس المغرضين الحاقدين ، وكم دانت لها أعراف المارقين المساومين ، فلسنا وأيْم الله نعبأ بهؤلاء ، أو نأبه لتخرصهم ، ولئن جاشت علينا صدورهم بالأحقاد ، وامتلأت أحشاؤهم بالسخائم ، ونغلت قلوبهم بالعداوة والبغضاء ، فلقد وسعتهم مخازيهم بطابع العار والهوان ، ومن يهن يسهل الهوان عليه ، ومن طُبع على الحقد واللؤم والحسد ، لا يبرأ داؤه إلا باستئصال شأفته ، وإنا لقادرون .
فإلى كل من تسربت إليه لوثة الفساد ، وعدوى الضلال ، وإلى كل من يتربص بهذا البلد الكريم ، وإلى كل من يريد النيل من أجهزتنا الأمنية ، وبخاصة أولئك الذين يتشدقون بألفاظ نابية ، ويتطاولون بألسنة حداد ، وينظرون إليها نظر المغشي عليه من الموت ، نقول : وهل هناك أمن إذا لم يكن هذا الجهاز وتلك الأجهزة ؟ أم تريدون أن يترك الحبل على غاربه ؟ فيميه الباطل في أركان البلد ، أين أنتم ؟ وبماذا تتشدقون ؟ وبماذا تتخرصون ؟ قاتلكم الله ، ألم تسمعوا قول الله سبحانه : (وآمنهم من خوف ) ، فنعمة الأمن لا تعدلها نعمة ،
أيها الأردنيون الأحرار ، لقد حان زمن اللحمة ، وأزف وقت الاتحاد ، فانصروا دينكم ووحدتكم الوطنية وانبذوا الفرقة ، وحاربوا الفتنة وموقظها ، فالفتنة ماء آسن ولقمة يغص بها آكلها ، والتفّوا حول الراية الهاشمية المنصوبة على جبال الأردن الشماء ، وسهولها الخضراء ، ومدنها القعساء ، وقراها الوارفة . فهنيئا لمن وثق بماء آل هاشم ، لأن من وثق بمائهم لم يظمأ أبدا .
أجل أيها السادة : حسبنا من الشر سماعه ، ومن النبأ مذاعه ، وإن كنا لا نضمر الشر لأحد ، ولا نرضاه لأحد ، كما لا نرضاه لأنفسنا ، ولا نسمح له أن يلتهم زرعنا ، ولا يأكل مرعانا ، فمعالم الحق واضحة ، ومقاصد الوفاء جلية ، وقواعد الولاء راسخة ، وأسس الانتماء ناصعة ، فمن رام أن يغرد في بوق الفتن ، فليذهب إلى سرب غير هذا السرب ، فبُنيانُنا مرصوص ، وجسمنا واحد ، والعاقل من ابتعد عن مستنقع الزيغ ، ومزالق الزلل ، وبهذا يأمن المهلكة والمعاطب ، ويتقي المحن والنوائب ، وإلا تعرض للوبال وباء بالنكال ، وأصبح مثلا من الأمثال .
حمى الله الأردن وعاش الملك .
الدكتور محمود سليم هياجنه