زاد الاردن الاخباري -
أكد خبراء وأكاديميون اقتصاديون أن الأردن قادر على جذب الاستثمارات الخارجية، شريطة طيّ صفحة تشتت القوانين والتشريعات الناظمة لعملية الاستثمار وتوحيد المرجعيات وتأسيس محكمة خاصة تفصل بشؤونه.
وبينوا، في تصريحات لـ(بترا)، أن سمات الأمن والأمان التي يتمتع بها الأردن دوليا تضع الحكومة أمام تحد يكمن في تسهيل العقبات والصعوبات التي تحول قدوم استثمارات جديدة أو نمو القائم منها وتوطينها محليا. وأكدوا أن تحسين المناخ الاستثماري يتطلب إجراءات عاجلة تعيد النظر في مجمل القوانين المتعلقة بتحفيز الاستثمارات وجذبها، وخصوصا صناديق الاستثمار العربية والتركيز على القطاعات ذات الأبعاد التنموية والقيمة المضافة والمولدة لفرص العمل.
وأكد جلالة الملك، في الرسالة التي وجهها الى رئيس الوزراء مؤخرا، أن الاستثمار المحلي والأجنبي، وخصوصا الاستثمار المقبل من الدول العربية الشقيقة، كان وما يزال، يشكل ركيزة للاقتصاد الأردني، ويجب إيلاء الاستثمارات القائمة جل اهتمام الحكومة. وقال جلالته في الرسالة "لا بد من إعداد خطة واضحة لكيفية استقطاب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية والمشغلة للأردنيين، وتذليل الصعوبات والعقبات التي تحول دون المرونة في التعامل معها".
وانخفض حجم الاستثمارات الكلية المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار خلال العام 2010 بنسبة 9 %، حيث وصل إلى 660ر1 بليون دينار مقارنة مع 821ر1 بليون دينار في العام 2009. وطالبوا الحكومة بتنفيذ توجيهات جلالة الملك فورا وتقديم سائر أشكال الدعم والإسناد، ليتمكن القطاع الخاص من لعب دوره المنشود بفعالية واعتباره شريكا بالتنمية وليس خصما، مؤكدين أن مشاركته ما تزال خجولة وشكلية.
وأكد جلالته في الرسالة ضرورة اتخاذ خطوات عملية لإيجاد فرص العمل بالشراكة بين القطاعين العام والخاص وإنجاز القوانين ذات الصلة بالاستثمار وحماية المستهلك ومنع الاحتكار وتنظيم السوق، بما يضمن حماية المواطنين من تقلب الأسعار والحفاظ على مكتسبات الإصلاح الاقتصادي الذي سار فيه الأردن خطوات كبيرة.
وقال رئيس قسم التمويل والمصارف في جامعة آل البيت الدكتور محمود جرادات "إن الأردن يمتلك مستقبلا واعدا لجذب الاستثمارات الخارجية بفعل ما يتمتع به من ميزات نسبية لا تتوفر لدى الآخرين؛ وفي مقدمتها الاستقرار السياسي والتشريعات القانونية التي تضمن حقوق المستثمرين والنوايا الصادقة لدى القيادة السياسية لمحاربة الفساد".
وأضاف جرادات "إذا أردنا أن نستفيد من الاستثمارات الخارجية وإحداث التنمية الشاملة، لا بد من توطين هذه الاستثمارات والتكنولوجيا التابعة لها، لا أن تكون عابرة سبيل وتنتهي بتأسيس شركات وإصدار أسهم ثم بيعها لجني الأرباح السريعة ومغادرة الأردن لاحقا".
بدوره، دعا رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الأوسط يعقوب ناصر الدين، إلى وضع استراتيجية واضحة للتعليم العالي قابلة للتطبيق بمؤسّسية وشفافيّة، مشيرا إلى أن شروط القبول في الجامعات يتم تعديلها كل عام وأحياناً كل فصل. وبين أن المستثمرين في قطاع التعليم العالي يخسرون سنويا نحو 250 مليون دينار جراء التشريعات التي لا تراعي استقرار هذا القطاع. وقال ناصر الدين، الذي يشغل منصب رئيس هيئة مديري شركة العالم العربي، "إنه إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه حاليا، سيتم تسريح نحو 20 في المائة من أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية في الجامعات الأردنية الخاصة"، مشيرا الى أن قوانين التعليم العالي تم تعديلها خمس مرات في ثلاث سنوات.
من جانبه، شدد الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الخليلي على ضرورة إعطاء دور حقيقي للقطاع الخاص للمشاركة في تنمية الاقتصاد الوطني، مبينا أن اقتصاديات الدول الكبرى لم تنمُ إلا من خلال مشاركة القطاع الخاص.
وقال الخليلي "إن مشاركة القطاع الخاص الأردني ما تزال خجولة وشكلية ولم يأخذ الفرصة في صنع القرار، هو يستشار أحيانا ولكن لا يوخذ برأيه"، ويوصف مع الأسف "بالجشع""، مؤكدا أن القطاع الخاص قائد للتنمية ويتحمل أعباء عن الحكومة ويشكل رافعة وعصب الاقتصاد الوطني.
ولفت إلى أن الأزمة المالية العالمية والصعوبات التي خلفتها بدأت تظهر حاليا على قدرة المواطن الشرائية، ما أضعف الاقتصاد الوطني ورافقه التشدد الذي مارسته البنوك بمنح التسهيلات المالية للكثير من القطاعات، ما أدى إلى تعثرها.
من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة اليرموك الدكتور قاسم حموري أن الاستثمار جزء من نظام اقتصادي شامل، بمعنى استحالة خلق الاستثمارات ذات قيمة مضافة ومشغلة للأيدي العاملة من دون وجود اقتصاد متكامل بمنظومة قانونية واجتماعية وأمنية.
وبين حموري أن سمات الأمن والأمان، التي يتمتع بها الأردن دوليا، تضع الحكومة أمام تحد يكمن في تسهيل العقبات والصعوبات التي تحول دون قدوم استثمارات جديدة أو نمو الاستثمارات القائمة.
وأشار إلى أن المستثمر ما يزال يعاني من تعقيد إجراءات الحصول على الرخص والمعاملات، التي من المفروض أن يكون قانون النافذة الواحدة قد عالجها في قانون الاستثمار الجديد، لافتا إلى البيروقراطية التي ما تزال لدى بعض موظفي الدوائر ذات العلاقة بالاستثمار.
وركز حموري على ضرورة تفعيل وتنفيذ التشريعات والقوانين لا تشريع قوانين جديدة، كون التشريعات الموجودة ينقصها التطبيق والمتابعة، داعيا الحكومة إلى إنشاء محكمة اقتصادية يناط بها البت بالقضايا التي تهم المستثمر، وهي قضايا عادة ما تأخذ أشهرا أو سنوات بالمحاكم العادية، الأمر الذي يحول ويعقد عملية تحصيل المستثمرين لمستحقاتهم.
وفي السياق ذاته، أكد عميد كلية الاقتصاد بجامعة الحسين بن طلال الدكتور فؤاد كريشان، أن تبني استراتيجية واضحة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية ذات القيمة المضافة يعد من الأمور ذات الأولوية في برنامج الحكومة. وقال "إن الظروف الراهنة التي تعيشها المنطقة تشكل فرصة جيدة لجذب استثمارات خارجية، وخصوصا العربية منها، والتي أمسَت تبحث عن بيئات تنطبق عليها مواصفات الاقتصاد الأردني".