الفساد الانطباعي
عبدالناصر هياجنه
====
أتقدمُ بجزيل الشكر لمسؤولٍ رفيعِ المستوى أفادنا بمعلومةٍ جديدةٍ جداً، وهي أن ثمة فسادان، فسادٌ مالي، وفسادٌ انطباعي، الأول يعني أن شخصاً ما ينهب من المال العام، والثاني يبدو لي أنه يعني أن شخصاً ما يفسد انطباعياً ولكنه ليس بفاسدٍ مالياً، بمعنى أن هناك توهّم لدى الناس بأن ذلك الشخص فاسدٌ مالياً. ولكن المسؤول بَخِل علينا بالمزيد من العلم والمعرفة، فلم يوضّح في حالة "الفساد الانطباعي" مَنْ هو الشخص الذي يعتبر فاسداً انطباعياً، أهو الشخص المتوهِم، أم الشخص الذي يتوهم الناسُ انطباعياً بأنه فاسدٌ مالياً! وإنْ كنتُ شخصياً أُرجح أن المسؤول يقصد بالفساد الانطباعي فساد عقول الموطنين الذين يتوهمون الفساد فيمن لا فساد فيه. وعليه فقد يكون مفيداً - لتلافي حالات الفساد بنوعيه المالي والانطباعي- تأسيس هيئة جديدة لمكافحة الفساد الانطباعي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، تنحصر وظيفتها في معالجة المواطنين الفاسدين انطباعياً وتقديم الدعم الطبي والعون النفسي لهم حتى يتخلصوا من فسادهم الانطباعي، لما لفسادهم "انطباعياً" من خطرٍ يُهدد الشرفاء من غير الفاسدين مالياً أو ما مَنْ قد يُسمون مجازاً بالشرفاء انطباعياً.
ملاحظة: قد يتساءلُ البعضُ عن سبب الفساد الانطباعي –إنْ وُجد-، وأرى أن سببه ربما يكمن في الحكومات ذاتها، فكل الحكومات – بلا استثناء- تتحدث عن الفساد مقرّةً بوجوده، ومتعهدةً بمكافحته وهي رغم إقرارها بوجود فسادٍ هنا أو هناك، لكن فاسداً "مِحرزاً" لم تتم - بعد- مكافحته أو محاكتمه أو حتى التحقيق معه بشكلٍ جدي، مما جعل الناس يعتقدون أن الفساد شبحٌ لا وجود له إلا في بياناتِ الحكومات، ومع تفاقم حالتهم الصحية وتدهورها، أصبحوا يعانون مما يُسمى بـ "الفساد الإنطباعي". هذا واللهُ أعلم